غابت الأجواء الاحتفالية المبهجة المعتادة عن السودان في شهر رمضان هذا العام وسط نزوح الملايين من ديارهم ومعاناتهم من الجوع مع استمرار الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع التي تقترب من إتمام عامها الأول. وقال محمد علي الذي تناول وجبة الإفطار في مركز للنازحين في مدينة بورتسودان المطلة على البحر الأحمر، وهي مدينة فر إليها الكثيرون من العاصمة الخرطوم وغيرها من مناطق تستعر فيها الحرب "ممكن أجول (أقول) إنه تغير تماما أي معنى أو أي ضبط، الضبط النفسي بتاع البني آدم تغير، متعود ياكل كيف يشرب كيف يجابل مين في رمضان يخطط لرمضان كيف... المشكلة إن زمان إنت كان فيه ناس كتار تقدر تشوفهم حتى لو فيه الجليل (القليل) اللي تجدر تجدمه للناس، الآن إنت نفسك بجيت محتاج". وكان شهر رمضان في السودان يتميز في المعتاد بالتجمعات المسائية الكبيرة. والآن يعتمد علي مثل ملايين آخرين على الموائد الخيرية التي يقدمها المتطوعين لتناول وجبة إفطار بسيطة. واندلعت الحرب في السودان في شهر رمضان الماضي بين الجيش وقوات الدعم السريع نتيجة لتوترات طويلة الأمد على مدار أربع سنوات من تقاسم السلطة. وحتى الآن، نزح أكثر من 8.5 ملايين شخص بسبب القتال، وفقا للأمم المتحدة، ويواجه نحو 18 مليونا الجوع الحاد الآخذ في التفاقم. ووضعت الحرب سمعة السودانيين المعروفين بالكرم وكرم الضيافة في اختبار. وقال الشيخ خالد عبدالرحمن، وهو إمام مسجد في مدينة أم درمان التي شهدت قتالا عنيفا في الأسابيع القليلة الماضية "الحرب دي قللت وخوفت شوية، لكن ما منعت أن هنالك أناس على ما هم عليه وأن هنالك أناس فاتحين أبوابهم ودورهم لكل إنسان يأتي إليه يستقبلوهم ويقدموله المتاح". وقالت الولاياتالمتحدة إنها تأمل في استئناف محادثات السلام بعد شهر رمضان، على الرغم من أن الجولات السابقة لم تنجح في تحقيق وقف دائم لإطلاق النار. وقالت حنان حسن في مطبخ يقدم الوجبات الخيرية في أم درمان "المفترض يكون فيه إن شاء الله بقدرة الله يوقف الحرب كله كله، الهدنة دي ما بتعمل شي". من جهة أخرى قالت الولاياتالمتحدة إنها ستضغط على مجلس الأمن الدولي لاتخاذ إجراءات لتوصيل المساعدات إلى الأشخاص الذين يعانون الجوع في السودان وقد تتضمن هذه الإجراءات تفويضا لعبور المساعدات من تشاد إذا لم يوفر الجيش السوداني الآليات الكاملة لتوصيل الإمدادات. ومع اقتراب مرور عام على الصراع في السودان، قالت سفيرة الولاياتالمتحدة لدى الأممالمتحدة ليندا توماس جرينفيلد إن الطرفين المتحاربين قوضا عمليات توصيل المساعدات وتجاهلا دعوة مجلس الأمن إلى وقف الأعمال القتالية على الفور. وأبلغت الصحفيين بأن "الوضع في السودان ما زال كارثيا ويتفاقم... الناس يتضورون جوعا". وقالت "في مخيم زمزم في شمال دارفور، يموت طفل كل ساعتين. ويحذر خبراء من أنه في الأسابيع والأشهر المقبلة قد يموت أكثر من 200 ألف طفل جوعا". ودعت الجيش السوداني إلى إعادة الفتح الكامل للحدود على الفور. ومضت تقول إن الجيش "إذا لم يفعل ذلك، يتعين على مجلس الأمن اتخاذ إجراء سريع لضمان وصول وتوزيع المساعدات المنقذة للحياة، بما في ذلك، إذا لزم الأمر، اتباع آلية عبر الحدود" لتوصيل المساعدات. وأجاز مجلس الأمن مثل هذه العملية من قبل حين سمح على مدار تسع سنوات بتوصيل مساعدات إنسانية من دول مجاورة إلى ملايين الأشخاص، معظمهم في مناطق تسيطر عليها المعارضة في سوريا. وتقول الولاياتالمتحدة إن الطرفين المتحاربين في السودان ارتكبا جرائم حرب. وقال المبعوث الأمريكي الخاص للسودان توم بيريلو يوم الثلاثاء إن واشنطن تتطلع إلى استئناف محتمل لمحادثات السلام في السودان بحلول 18 أبريل. من جانب آخر أعلنت المملكة المتحدة عن تعزيز دعمها للسودان في ظل تفاقم الأزمة الإنسانية، حيث ستضاعف التمويل المخصص للعام المقبل مقارنة بالعام الحالي. ويأتي هذا الدعم الإضافي - الذي يشمل تمويل اليونيسف للمساعدات الغذائية الطارئة ودعم الناجين من العنف القائم على النوع الاجتماعي - في أعقاب تصاعد الصراع في السودان الذي أدى إلى نزوح ملايين. وأوضح وزير الدولة البريطانية لشؤون التنمية وأفريقيا أندرو ميتشل في تصريحٍ له، أن اليونيسف ستستخدم هذا التمويل لتوفير مساعدات غذائية طارئة وخدمات التغذية والمياه والنظافة الصحية ل 500,000 طفل دون سن الخامسة في المناطق الأكثر تضررًا. وأضاف أن المملكة المتحدة ستعمل مع برنامج الأغذية العالمي لدعم أكثر من 285,000 شخص لمدة 6 أشهر بتوفير 13,405 أطنان من السلع الغذائية المتنوعة، بما في ذلك الحبوب والبقول والزيوت والملح، ضمن حزمة دعم بقيمة 89 مليون جنيه إسترليني مخصصة للسودان للفترة من 2024 إلى 2025.