يتداول الجميع مؤخراً عبارات واقتباسات رغم اهتمامي بالقراءة والاطلاع إلا أنها لم تمرّ علي سابقاً، والأدهى أنها تنسب لأسماء معروفة من سياسيين أو علماء وكٌتّاب ومثقفين لمنحها صبغة الشرعية والحكمة، في ظاهرة عابثة بالعلم وخلط للأمور، ويسوؤني بالإضافة لذلك.. ما يقوم به البعض من تداولها دون استيعاب لمعناها أو فائدتها الفعلية أو صحتها من عدمه، ويثير العجب أكثر أن هناك شخصيات تعتبر في زمننا هذا "مؤثرة" خاصة في مواقع التواصل الاجتماعي تزيد من إشاعة مثل هذه الاقتباسات الوهمية إن صح لي تسميتها. ويجد هؤلاء لدى قليلي المعرفة شعبية جارفة، حيث يحملون على عاتقهم ترويج ونشر مثل هذه التراهات وبالتالي زيادة مشاهدات ومتابعات هذه الحسابات المُروّجة لها، ولأننا في زمن تتدفق فيه البيانات بشكل جارف، فإنه من الصعب التدقيق على كافة الاقتباسات المنتشرة وإثبات صحتها، ولكن الدور يقع على عقل الإنسان المتلقي من ناحيتين، أولاً لتمحيص هذه الاقتباسات وفهم معناها بوضوح، وثانياً للتأكد بالبحث عن أصولها وهل هي فعلاً للشخص المنسوبة له أم لا، وذلك لأننا في زمن ارتفع فيه الوعي الجمعي وسيطرت فيه القوانين الصارمة التي لا ترحم المغفل ولا تتجاوز عن أخطائه بحجة الجهل، حيث تتصدر قوانين الملكية الفكرية الآن بلادنا وتعمل على تأصيل الحقوق الفكرية بالتوازي مع بقية الحقوق الأخرى، وبعيداً عن القوانين الصارمة، إن نسب الأفكار لأصحابها عمل إنساني نبيل وشجاع، تماماً كنسب الفضل والإنجاز لأصحابه، أما بث التفاهات والبحث عن الشهرة من وراء نشرها بنسبها لأحد الأسماء المعروفة فهذا فعل مستهجن وغير أخلاقي.. ومن العبارات التي أضحكتني حقيقة وأنا أقرأها في أحد الحسابات يصف كاتبها بأنه قرأ اقتباساً يصفه بالرعب (ودققوا على مفردة مرعب) ومضمون التغريدة حول مكافأة النفس، وأن الندم سيطالنا إن لم نكفئها، وطبعاً تداول الناس عبارته وكأنها حدث رهيب يمس البشرية، ويخترع الحلول الصحية للإنسان، متناسين أنها مجرد (صفصفة مفردات بلا معنى جديد) لأجل الشهرة والثرثرة فقط، فمنذ القدم لا يوجد إنسان على وجه الأرض لا يكافئ نفسه يومياً، بل لا يكافئ نفسه عدة مرات في اليوم، فالنوم والراحة مكافأة، القهوة طوال اليوم مكافأة، متابعة التلفزيون مكافأة، الحلويات والطعام والنزهات وشراء المقتنيات و و و.. كلها مكافآت الشخص لنفسه! فأين العظمة في نشر مثل هذه العبارات وتداولها كنصيحة ستكون الحياة بدونها (مرعبة)؟