الدول القوية تسعى جاهدة لإسعاد كل فرد يعيش على أرضها، فالإنجازات التي يبنيها الوطن المؤمن بقوته وسعادته تعود على الفرد الذي يساهم في صناعة هذا الإنجاز وتطويره بالسعادة أيضا. ترتبط سعادة الإنسانية في المستقبل بمزيد من اعتناء الشخصية الإنسانية بذاتها، التقدم المعرفي والتكنولوجي، والثقافي، وتوسع الاكتشافات الأرضية والكونية، واتجاه البشرية نحو عوالم الابتكار القوية، والسريعة، والتفاعلات التنموية الواسعة. السعادة فكرة، وإرادة، وقرار، وخطوة إيجابية، وعلاقات ناجحة تعزز سمات الذات، ومهاراتها، وإيمانها بطاقاتها فتستمتع هذه الذات براحة كبيرة، وتتفاءل من خلال علاقات مثمرة، ومستقبل مشرق، وتجارب واعدة، والإنسان بدون معنى وقيمة لحياته لن يصل أبدا لشواطئ السعادة. وعندما يتحرك الإنسان نحو أهدافه، وينتصر على آلامه يشعر بقوة داخلية تحرك روحه نحو العطاء، أما عندما يواصل طموحاته فهو يبني مرتفعات سعادته الشاهقة التي تتفوق على كل المرتفعات السكنية، والناطحات السحابية، وعندما يخلق التغيير تتهيأ لأعماقه البهجة، والمتعة، والسرور، وإذا علم الإنسان أنه لاشيء في الكون يمكن أن يسلب منه سعادته أو يجرده من خصائص إنسانيته أو يمنعه من صعود سلالم المستقبل فلا تتحدث عن مجرات السعادة التي ستحيط بهذا الإنسان، وسيصبح مصدر السعادة لكل من يجري وراءها، ويناضل من أجلها. ستظل الحياة جميلة ومليئة بلحظات الفرح، وسيظل اللطف من ملامح الشخصية السعيدة، وستظل الإنسانية تبحث عن سعادتها في الأرض، وفي الفضاء أيضا، فالسعادة حاجة نفسية، واجتماعية، وكونية، ومستقبلية، ففطرة الإنسان تستحق سعادتها، ولذلك فهي لن تحب أو تعطى إلا في أجواء الأمان والازدهار، وكذلك أحلام الإنسان وطموحاته فعلى قدر ما يعزز نظرته المتفائلة للمستقبل يتحسن مزاجه المستقبلي أيضا، وكلما استمر الإنسان في طلب المعرفة والرقي والتوازن النفسي والاجتماعي فسيخطو تدريجيا نحو آفاق مذهلة من الاطمئنان والسعادة وهذا ما يجعل الأعمال المؤسسية المعاصرة تتسارع لتوفير السعادة لدى العاملين لديها. لا ترتبط سعادة الإنسان بالثروة والمال فقط وإنما بالعمل والتنمية والإبداع والابتكار والتقدم والازدهار أيضا، والحياة الطبيعية المعتدلة، والاستقرار الاجتماعى وأن يتعود الإنسان على أن يتهيأ مع مطلع كل صباح للسلوكيات التي تنمي عنده الطاقات الإيجابية مما يوفر له الإحساس بالأمان، وجودة الحياة، والسلام العالمي وكأن ألوان السعادة البراقة تتألق كثيرا في أجواء الابتسامة الدافئة، والصداقة الصافية، وممارسة الرياضة، والغذاء الصحي، والتسامح، والحب، والحوار الحضاري، والتفكير الإيجابي، والتخطيط السليم، ومن يجرب إنجاز المهام بدقة يدرك طعم هذه السعادة بأكثر من إدراك غيره وتلمسه لها. ومن أروع كلمات فيلسوف السعادة المعاصر ومفجر آفاقها الوطنية والدولية، ومجدد مسيرتها في عصر الاكتئاب، والضيق، والتشدد، والتعصب صاحب السمو ولي العهد -حفظه الله- قوله: سنعود إلى ما كنا عليه.. سنعيش حياة طبيعية، تترجم ديننا السمح، وعاداتنا الطيبة، ونتعايش مع العالم، ونساهم في تنمية وطننا. وهى كلمة قصيرة لكنها تحمل في طياتها دستورا شافيا لكل الأفراد والمجتمعات التي تنشد سعادتها وتطورها في الحاضر والمستقبل ورسالة متفائلة في يوم السعادة العالمي الذي يتجدد كل عام محفزا شعوب الأرض على أن تسلك طريق سعادتها بوعي، وإبداع، وابتكار، وحب، وسلام.