استكمالاً للمسيرة المباركة التي استهل بها هذا العهد الميمون رحلة الإصلاح والتطوير غير المسبوقة على عدة أصعدة، بقيادة خادم الحرمين الشريفين - أعزه الله -، وبمتابعة حثيثة وإشراف مباشر من عراب رؤية الوطن، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان - حفظه الله - ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، والتي بدأت بتدشين "برنامج تطوير الأجهزة الحكومية"، لهيكلة وحوكمة مؤسسات الدولة، وتنظيم أطر وحداتها الإدارية المهمة بعدد من القرارات التنظيمية والتنفيذية المتتابعة؛ وفيما بعد ولغرض هذا المقال إصلاح البيئة التشريعية وأدواتها المساندة، باستحداث "برنامج تطوير الأنظمة"، لإبراز حداثة وتطور البيئة التشريعية ومواكبتها للمستجدات، والذي أعطيت فيه الأولوية لسن وإصلاح القوانين، وكان آخرها ما سبق أن أعلن عنه بشأن "منظومة التشريعات المتخصصة". نقول: - استكمالا لهذه الرحلة المباركة - والتي تهدف إلى تطوير وتجديد آليات ومنهجيات ومنظومات العمل الحكومي بهدف رفع كفاءة الأداء ومستوى التنسيق وتكامل الأدوار وتحديد الاختصاصات وحوكمة المسؤوليات، وافق مجلس الوزراء الموقر مؤخرا على إنشاء برنامج باسم "برنامج دعم الإدارات القانونية"، بهدف دعم الإدارات القانونية في الأجهزة الحكومية وتطويرها؛ وهنا استشهد بما سبق لي نقاشه في مقال نشر في هذا الجريدة المتميزة بتاريخ (9 / 1 / 2009م) بعنوان: "نحو استراتيجية لإحياء دور الشؤون القانونية"، وفيه أشرت إلى أهمية إصلاح مؤسسات القطاع العام، بما في ذلك تقييم المرجعية الإدارية، وتطوير الهياكل التنظيمية، وتحديد الأهداف والغايات والأطر المؤسسية، ومراجعة وتحديث الأنظمة، وتبسيط الإجراءات؛ واقترحت بحكم التخصص والاهتمام وضع خريطة عمل استراتيجي تخضع له جميع أجهزة الدولة لتفعيل الدور المهم للإدارات القانونية في مختلف الوزارات والأجهزة الحكومية الأخرى، ويكون ذلك بداية بتحسين وضع الإدارات القانونية في الهياكل التنظيمية من حيث المرجعية الإدارية لتكون مرتبطة فنيا وعمليا بالمسؤول الأول والموكل له رسم وتنفيذ السياسات العامة للدولة، وأن تطعم هذه الإدارات بذوي الكفاءة والخبرة من المستشارين والباحثين القانونيين، كي تقوم بالدور المتوقع منها في الوقوف على نظامية المخرجات وقانونية الإجراءات وصحة التصرفات وسلامة الالتزامات من المخاطر؛ فالإدارات القانونية إجمالا تعد بمثابة جهاز معاون للجهة التي توجد فيها ولكنها قبل ذلك صمام أمان لقانونية سير العمل والخدمات المقدمة، ولها دورها المهم في إسباغ الصفة النظامية على كثير من المهام التشريعية أو الإدارية أو الرقابية أو الفنية، بما في ذلك دورها الأساسي في أعداد مشروعات الأنظمة أو تطويرها أو إبداء المشورة القانونية حولها، أو حيال ما يصدر من قرارات، ولوائح، وعقود إدارية، أو اتفاقيات، ومذكرات تفاهم، ودراسات، وتقارير ونحو ذلك، بل وكذلك فحص الشكاوى والتظلمات، وإجراء التحقيقات، والترافع أمام الجهات القضائية، ومتابعة تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضد أو لصالح الجهة التي تتبعها، وحفظ حقوق الجهة الحكومية والعاملين فيها والمتعاملين معها. ولهذا نقول إن دور الإدارات القانونية المهم في أي جهاز حكومي تنظيميا وفنيا وعمليا، لا يفترض أن يتوقف على حسب حس ووعي المسؤول الأول في ذلك الجهاز بالرغبة أو التجاهل، بقدر ما هو بحسب المسؤوليات والمهام المنوط تأديتها بهذه الجهة، والتي يتحدد إطارها بالنظام والتنظيم، وحسب نوعية المهام والاختصاصات والخدمات المقدمة والمستفيدين منها، وما قد يترتب على ذلك من التزامات ومسؤوليات ومخاطر قانونية، وقد تحقق ذلك بالموافقة على "برنامج دعم الإدارات القانونية"، بفضل ما نعيشه في هذا العهد الميمون من رؤية واضحة المعالم وطموحة الأهداف.