إن استمرار الدعم السخي لميزانيات القطاع الحكومي في عهد خادم الحرمين الشريفين الميمون-يحفظه الله - .. يجبرنا على المطالبة بالارتقاء بقدرة وفعالية أداء هذه الأجهزة وكفاءة القائمين عليها لمواكبة هذا الدعم من خلال خلق بيئة إدارية ذات جودة عالية تلبي وتحقق تطلعات القيادة الحكيمة في الوصول بالخطط التنموية إلى أهدافها المرسومة.. فالعهد الذي نعيشه عهد نمو اقتصادي وإصلاح للمؤسسات يستلزم مثلاً: تقييم المرجعية الإدارية، وتطوير الهياكل التنظيمية، وتحديد الأهداف والغايات المؤسسية، ومراجعة وتحديث الأنظمة، وتبسيط الإجراءات الروتينية في مؤسسات القطاع العام. لذا تبرز أهمية تبني وصياغة إستراتيجية لإحياء وتطوير .. والأهم من ذلك تفعيل دور الإدارات القانونية في مختلف الوزارات والهيئات والمؤسسات العامة والأجهزة الحكومية الأخرى .. ويكون ذلك بداية بتحسين وضع الإدارة القانونية في الهياكل التنظيمية في القطاع الحكومي من حيث المرجعية الإدارية بحيث تكون مرتبطة بالمسؤول الأول والموكل له رسم وتنفيذ السياسة العامة للدولة في هذا الجهاز الحكومي، بعد ذلك كخطوة ثانية تطعم هذه الإدارات المهمة بذوي الكفاءة والخبرة من المستشارين والباحثين القانونيين.. كي تقوم هذه الإدارات القانونية بالدور المتوقع منها في الوقوف على نظامية مخرجات هذه الأجهزة التي توجد فيها من حيث قانونية الإجراءات والتصرفات وسلامة الصياغة .. وكذلك الالتزامات القانونية المترتبة على هذا الإجراءات ..فالإدارة القانونية تعد بمثابة جهاز معاون للجهة التي توجد فيها .. فهي تضمن قانونية سير العمل والإنتاج والخدمات وحفظ الملكية العامة من خلال إسباغ الصفة الشرعية على كثير من المهام التشريعية أو الرقابية أو الفنية سواء في الجهاز الذي تنتمي إليه أو في العلاقة بباقي أجهزة القطاع الحكومي. فالشؤون القانونية تعد بمثابة صمام أمان لأي مسؤول بالنظر إلى المهام التي تضطلع بها، فهي من ناحية تقوم بأعداد مشروعات الأنظمة أو تطويرها أو إبداء المشورة القانونية حولها .. أو حول ما يصدر من هذه الجهة من من مثلاً: قرارات، ولوائح، وعقود إدارية .. أو اتفاقيات، ومذكرات تفاهم، ودراسات، وتقارير... إلخ، بل وكذلك فحص الشكاوى والتظلمات، وإجراء التحقيقات، والترافع أمام الجهات القضائية .. ومتابعة تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضد/ أو للجهة التي تتبعها هذه الإدارة سواء كان ذلك لحفظ حقوق العاملين والمتعاملين مع هذه الجهة الحكومية أو لحفظ حقوق هذه الجهة مع الغير من الأشخاص طبيعيين كانوا أو اعتباريين .. فالشؤون القانونية في أي جهاز حكومي لا يفترض أن يتجسد أو يتوقف دورها المهم والحيوي حسب حس ووعي المسؤول الأول في ذلك الجهاز بالرغبة أو"التجاهل،" بقدر ما هو حسب المسؤوليات والمهام المناط تأديتها بهذه الجهة والتي يتحدد إطارها بالنظام وحسب نوعية المستفيدين وما قد يترتب على هذه العلاقات من التزامات ومسؤوليات قانونية .. إن أي مبادرة للمعالجة بتفعيل دور الإدارات القانونية يجب أن تستقي قوتها من خريطة عمل استراتيجي تخضع له جميع أجهزة الدولة .. وألا يترك الأمر للجهود الفردية حسب "المزاجية" .. فاستمرار النمو الاقتصادي بما في ذلك استقطاب الاستثمارات العالمية يستلزم التميز ليس في نوعية الخدمات المقدمة من المؤسسات العامة فحسب بقدر ما هو في الأداء كذلك ... والوسيلة هي الثقة في القوانين. *أكاديمي قانون (معهد الإدارة العامة).