استغفر الرحمن لستُ بجاحدٍ لكنه الخطب العظيم الذي يقطع الأحشاء ويمزق الفؤاد ويصيب الإنسان بالذهول وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين. وحسبنا أننا نؤمن بأن الموت قدر وطريق لا بّد منه والجميعُ سائرون إليه ومغادرون هذه الحياة الفانية التي لا يبقى منها إلا الذكر الطيب والعلم (الغانم). في يوم الأحد 18 فبراير 2024 بُلّغت بوفاة المهندس خالد بن مساعد بن سيف بن عبدالعزيز السيف -رحمه الله-. وعزاؤنا أن الفقيد -يرحمه الله- ترك سيرة عطرة سيتناقلها كل من عرفه وعرف عنه سمات الكرام وشجرته المباركة من بعده (ذرية بعضها من بعض) ولا نزكي على الله أحداً. ولكن (كل من عليها فان) لقد عرفته وتعرفت على هذا الرجل عن قرب فقد كان مثالاً يُحتذى به في الصدق والإخلاص والأمانة وحب العمل وقبل هذا وذاك يملك من القيم والمبادىء التي تجعله يستشعر المسؤولية تجاه مجتمعه ووطنه. التواضع مذهبه والصدق شيمته والوفاء ديدنه ذو هاجسٍ وحيد وهو تعزيز قيم الانتماء والولاء لهذا الوطن الشامخ المعطاء فقد كان يجسد -رحمه الله- هذه القيمة من خلال عمله و تجارته في مجال المقاولات والاستثمار. فقد كان -يرحمه الله- يردد دائماً وأبداً أن الابن البار في وطنه يحمل على عاتقه مبدأ القدوة في العمل والتعامل فقد كان شغوفاً وطموًحا وتواقًا إلى خدمة بلده ومجتمعه وتحقيق مستهدفات رؤية وطننا 2030 لقد استدعت الذاكرة شريطاً من الذكريات مرت كلمح البصر فقد تعلّمتُ من هذا الرجل الذي قلما يجود الزمن بمثله مبدأ الصمت وسماع أقول الآخرين وجمع المعلومات الصحيحة والتأني في اتخاذ القرارات التي تؤدي إلى نتائج إيجابية ذات أثر عميق مبنية على تشخيص واقع حقيقي صادق. كان -يرحمه الله- عقلية إدارية فذة يُجيد وبجدارة مفهوم (الهندرة) في العمل من خلال هندسة الإدارة وهو سر من أسرار النجاح تعلمته منه في عالم المال والأعمال فرحم الله معلمي وملهمي في العمل والتعامل. لقد غيّب الموت أحد أهم رجالات القطاع الخاص الذي كرس وقته وجهده وما تملكه يده للمشاركة في بناء مجتمعه ووطنه يحدوه الأمل صوب تحقيق أعلى معاني المواطنة المسؤولة لمجتمع حيوي واقتصاد مزدهر ووطن طموح فالأوطان لا تُبنى إلا بسواعد أبنائها ولا تتقدم إلا بهمة رجالها المخلصين. والآن طُويت الصفحة التي قرأها الجميع وشهد بها شهداء الله في أرضه فقد بكته الأعين ورفعت أكف التضرع إلى المولى العزيز أن يتغمدك بواسع رحمته ويسكنك فسيح جناته وينزلك منازل الأبرار مع النبيين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا. رحل خالد المواطن.. وستبقى ذكراه خالدة كما هو خالد في قلوبنا وما كتبناه هو غيض من فيض وقليل من كثير بحق علّمنا أن الإدارة فن ومهارة قبل أن تكون علماً..