حققت البنوك السعودية أرباحا تاريخية في عام 2023 قاربت على ال 70 مليار ريال بنسبة نمو بلغت 12 %. كل البنوك نمت أرباحها باستثناء مصرف الراجحي الذي تراجع 3.1 %، وبنك الجزيرة 8 %، أما صافي دخل العمولات فقد نما بنسبة 11 % ودخل العمليات نما بنسبة 9 %. وتراجعت مخصصات القروض المتعثرة 400 مليون مقارنة مع العام السابق بنسبة 4 %، التراجع جاء في مخصصات البنوك المنكشفة أكثر على شريحة الأفراد، وعند تحليل نتائج البنوك في الربع الرابع مقارنة مع الربع الثالث نجد أن البنوك حققت أرباحا بنحو 17.4 مليار ريال ولكنها أقل من أرباح الربع الثالث التي كانت عند 18.1 مليار ريال على الرغم من تراجع المخصصات بنحو 14 % خلال نفس الفترة، وجميع البنوك تراجعت أرباحها ما عدا البنك الأول وبنك الجزيرة ومصرف الراجحي. ماذا نقرأ من هذه الأرقام؟ بعد تثبيت الفيدرالي أسعار الفائدة خلال الأشهر الأخيرة من عام 2023 توقف نمو أرباح البنوك المنكشفة على الشركات لأن معظم القروض بالفائدة المتغيرة، باستثناء البنك الأول الذي استطاع تنمية صافي دخل العمولات بنسبة 5 %، أما البنوك المنكشفة على الأفراد فقد استفادت من تثبيت الفائدة وفي مقدمتها بنك الجزيرة ومصرف الراجحي والبنك الأهلي لولا تأثر أرباحه بزيادة المخصصات التي تجاوزت 400 مليون ريال في الربع الرابع مقارنة مع مخصصات الربع الثالث التي كانت موجبة ب77 مليون ريال. وفي اعتقادي أن البنوك خلال الربع الأول من عام 2024 سوف يكون أداؤها مشابها لأداء الربع الرابع باستثناء البنك الأول الذي نتوقع أن تبدأ أرباحه بالتراجع؛ لأنه منكشف على الشركات بنسبة كبيرة والأداء الاستثنائي في الربع الأخير قد لا يستمر، لأن أسعار الفائدة بنسبة كبيرة سوف يتم تثبيتها ولا يوجد لدي الفيدرالي الأميركي نية بخفضها وخصوصا بعد ارتفاع التضخم خلال شهر يناير الماضي وقد لا يتم خفض الفائدة إلا في نهاية النصف الأول من هذا العام، ربما يتحسن أداء البنوك إذا ما تمكنت من رفع نسبة الإقراض بأكثر من العام الماضي ولكن يبدو أن ذلك صعب في ظل ضعف النمو في ودائع العملاء، حيث أظهرت نتائج الربع الرابع نموا ضعيفا جدا بنسبة أقل من 1 % مقارنة مع الربع الثالث، وقد تحاول بعض البنوك زيادة العائد على الودائع لجذب عملاء جدد ولكن ذلك غير مضمون في إعادة إقراضها بفائدة أعلى، ولو رجعنا إلى نتائج البنوك في العام 2023 نجد أن بعض البنوك استطاعت تنمية ودائعها من خلال دفع عوائد أعلى لكنها لم تنجح في تنمية محافظها الإقراضية بذات النسبة ومن تلك البنوك مصرف الإنماء الذي نجح في تنمية الودائع بنسبة 29 %، ولكن محفظة الإقراض نمت فقط بنسبة 19 %، وبنك البلاد أيضا نمت ودائعه 19 %، ولكن محفظة الإقراض لم تنمُ الا بنسبة 12 %، بنك الاستثمار أيضا نمت ودائعه بنسبة 20 % ومحفظة الإقراض بنسبة 17 %، التمويل الاستهلاكي والسكني تراجع خلال العام الماضي 2023، وقد يستمر خلال النصف الأول من هذا العام، إلا إذا بادرت البنوك بناء على تحليل السوق واحتمالية خفض أسعار الفائدة مستقبلا إلى تقديم عروض للتمويل الاستهلاكي لجذب عملاء جدد لتنمية محفظة تمويل الأفراد بالفائدة الثابتة وهذا قد يفيد بعض البنوك المنكشفة على الشركات بالفائدة المتغيرة، أو التوسع في عمل اتفاقيات مع الشركة الوطنية للإسكان لتقديم فوائد مخفضة على القروض السكنية لمنتجاتها، وقد تلجأ البنوك إلى زيادة رسوم الخدمات من أجل زيادة دخل العمليات، حيث إن البنوك السعودية من أقل البنوك عالميا في الدخل من رسوم الخدمات، كانت تلك السياسة قائمة على أن نسبة الودائع غير المكلفة كبيرة وبالتالي كانت البنوك لا تفرض رسوما عالية بل تقدم إعفاءات لكبار العملاء، أما مع توجه العملاء إلى الحسابات ذات العوائد فإن البنوك قد تفكر في هكذا خيار ينمي إيراداتها.