توقعت "ستاندرد آند بورز"، أن تحقق البنوك السعودية عائداً على الأصول بنسبة 2.2 % في عام 2023، مقارنة بمتوسط نظيراتها في دول مجلس التعاون الخليجي البالغ 1.8 % ونعتقد أن هذه الأرقام لن تتحقق بناء على تحليلنا لنتائج البنوك خلال التسعة أشهر الماضية وتوقعات لنتائج الربع الأخير فإن العائد على الأصول سوف يرتفع إلى 1.9 % فقط مقارنة مع العائد الذي تحقق في عام 2022 عند 1.8 % ويعزى ذلك إلى الزيادة الكبيرة في تكلفة الودائع التي نمت بشكل غير متوقع، حيث دفعت البنوك خلال التسعة أشهر من العام الحالي أكثر من 58 مليار ريال مقابل 15 مليار فقط في نفس الفترة من عام 2022 بنسبة نمو تجاوزت 282 % كما أن الودائع لأجل نمت بنسبة 30 % والادخار نما بنسبة 10 %، ثقافة الادخار والبحث عن أفضل عائد أصبحت سمة سائدة بين عملاء البنوك، مما دفعها إلى تنويع منتجاتها وابتكار طرق لجذب العملاء من خلال عوائد أفضل باستخدام صيغ المرابحة والمضاربة مما شجع الكثير لتحويل ودائعهم تحت الطلب إلى ودائع لأجل أو الادخارية، وأعتقد أن هذه الثقافة الادخارية سوف تستمر وتنمو حتى لو تراجعت أسعار الفائدة ولذلك قد تفقد البنوك السعودية الميزة النسبية التي كانت تتمتع بها بوجود نسبة كبيرة من ودائعها غير مكلفة وسوف يستمر النمو التصاعدي للودائع المكلفة على حساب الودائع المجانية أو ما يسمى بالودائع تحت الطلب وهذا يتطلب من البنوك تغيير استراتيجياتها خلال السنوات القادمة والقبول بهوامش ربحية أقل من السابق وتطوير الإيرادات المصرفية الأخرى مثل منتجات الخزينة والوساطة المالية ورسوم الخدمات وغيرها لتعويض صافي الدخل من العمولات الخاصة. وبنظرة تفصيلية نجد أن بنك البلاد هو من أكثر البنوك السعودية الذي نمت لديه الودائع لأجل بنسبة 100 %، ويليه مصرف الإنماء بنسبة 98 %، ثم البنك الأول بنسبة 63 %، وهذه البنوك إن لم ترفع عوائدها من القروض والإيرادات الأخرى سوف تواجه صعوبات في تنمية أرباحها، مصرف الراجحي هو أكثر بنك لديه ودائع لأجل بأكثر من 189 مليار ريال لكنها لا تمثل إلا نسبة 33 % من إجمالي الودائع وبعد إقرار آلية احتساب نسبة القروض إلى الودائع الجديدة التي أوضحها البنك المركزي السعودي في النشرة الإحصائية عن شهر يوليو الماضي باحتساب نقاط أكثر للودائع طويلة الأجل فإن هذه الآلية منحت البنوك القدرة على التوسع في الإقراض دون الحاجة إلى استقطاب الودائع المكلفة واستفاد من هذه الآلية مصرف الراجحي الذي لم يجارِ البنوك الأخرى في زيادة العوائد على الودائع، ولذلك حصل تسرب في ودائعه حيث انخفضت الودائع لأجل بنسبة 2 %، والودائع تحت الطلب بنسبة 1 %، في الربع الثالث مقارنة مع الربع الثاني من العام الحالي 2023، وإن كان هذا الإجراء يرفع هوامش الربحية إلا مخاطره تكمن في تسرب العملاء إلى بنوك أخرى وقد لا يتمكن في المستقبل من استعادتهم، البنك الأهلي من أقل البنوك في نسبة الودائع لأجل، حيث تمثل نسبة 29 % من إجمالي الودائع فقط ونمو الودائع لأجل خلال الفترة الحالية كان 5 % فقط وفي المقابل دفع عوائد على الودائع خلال التسعة أشهر الماضية بأكثر من 16 مليار ريال، بينما دفع مصرف الراجحي 12 مليار ريال وهو البنك الأعلى في حجم الودائع لأجل، وهذا قد يفسر تراجع الودائع لأجل في مصرف الراجحي من 193 مليار ريال في شهر يونيو إلى 189 مليار في نهاية سبتمبر، بنك الجزيرة هو أكثر البنوك تراجعا في الودائع تحت الطلب بنسبة 16 %-، وزادت ودائعه لأجل بنسبة 36 %، واستفاد البنك من ذلك بالتوسع في الإقراض مما ساهم في زيادة الأرباح في الربع الثالث بنسبة 19 % على أساس سنوي و6 % على أساس ربعي، وأتوقع أن يستمر الأداء الجيد للبنك خلال الفترة المقبلة مع المحافظة على الودائع تحت الطلب من الانخفاض، البنك الأول من البنوك التي استفادت من زيادة الودائع لأجل بنسبة 63 %، حيث ساهم ذلك في زيادة محفظتها الإقراضية بنسبة 15 % وحققت صافي أرباح بنسبة 22 % في الربع الثالث مقارنة مع نفس الفترة من عام 2022، وحافظت على نمو الأرباح مقارنة مع الربع الثاني من هذا العام، حيث ارتفعت أرباحه بنسبة 18 % وهذا أداء مميز من البنك الأول وقدرة كبيرة على الاستفادة من الودائع لأجل في زيادة الإقراض وانعكاسها على صافي الأرباح.