حققت البنوك السعودية في الربع الأولى من العام الجاري أرباحا تاريخية تجاوزت 17 مليار ريال بدعم من أسعار الفائدة التي استفادت منها البنوك المنكشفة على الشركات لأن أسعار الفائدة لقروض الشركات في أغلبها بفائدة متغيرة، ولذلك لاحظنا النمو السريع والقوي في أرباح تلك البنوك مع أن نمو الإقراض لم يكن قويا بسبب زيادة تكلفة التمويل وتراجع بعض الشركات عن طلب القروض والاعتماد على مواردها الذاتية أو اللجوء إلى زيادة رأس المال عن طريق المساهمين أو رسملة الأرباح، أما البنوك التي لديها انكشاف أكثر على تمويل الأفراد فقد تضررت من ارتفاع أسعار الفائدة ومنها مصرف الراجحي الذي أظهرت بياناته المالية تراجع صافي دخل العمولات بنحو 8 % في الربع الأول مقارنة مع إقفال ديسمبر 2022؛ لأنه دفع فوائد للودائع الآجلة بأكثر من 3.6 مليارات ريال، في الربع المقابل من العام الماضي كان مجموع الفوائد التي دفعها المصرف نحو 550 مليون ريال فقط ومع ذلك لم يستفد من أسعار الفائدة المرتفعة إلا في القروض الجديدة فقط وهذا كان سببا في تغير استراتيجية المصرف التي كانت تعتمد على تمويل الأفراد، حيث بدأت تركز على تمويل الشركات وأعتقد أن المصرف قادر على تحقيق النجاح في هذه الاستراتيجية لأن أغلب الودائع المحتفظ بها غير مكلفة مما يعطيه قدرة على المنافسة في التسعير، أما البنك الأهلي فقد ناله جزء من تأثير تمويل الأفراد، حيث لوحظ تراجع صافي دخل العمولات في الربع الأول مقارنة مع الربع الأخير 2022 بنحو 1 % ودفع 4.3 مليارات ريال للودائع الآجلة، بنك الجزيرة كان الأسوأ أداء بين البنوك بسبب استراتيجية إدارته الخاطئة في دفع نسب عالية للودائع لأجل لغرض تنمية ودائعه وعدم قدرته على عكس التكلفة العالية على التمويلات الجديدة، فكانت النتيجة أن صافي دخل العمولات تراجع بنحو 19 % وتبع ذلك تراجع صافي الأرباح بنحو 46 % البنك السعودي الفرنسي على أنه أفضل البنوك في نمو صافي الأرباح بنسبة تجاوزت 76 % إلا أن صافي دخل العمولات على أساس ربعي تراجع بنحو 3 % وهذا يعني عدم استمرار نمو الأرباح بنفس الزخم الذي تحقق في الربع الأول، بنكا ساب والرياض هما الأفضل نموا في صافي دخل العمولات على أساس ربعي ب 11 % و8 % على التوالي، وهذا يؤكد قدرتهما على الاستمرار في تحقيق نمو الأرباح على الأقل هذا العام، مصرف الإنماء على الرغم من تباطؤ نمو صافي دخل العمولات على أساس ربعي بنحو 4 % والذي أثر على صافي الأرباح التي لم تنمو إلا بنحو 18 % وكانت مخيبة للآمال إلا أنني أرى أن المصرف حقق الأهم وكان الأفضل بين البنوك السعودية بتنمية ودائع العملاء بنحو 25 % ومحفظة القروض بنحو 19 % وهذا النجاح سوف ينعكس مستقبلا على أرباح المصرف في السنوات القادمة، وخصوصا لو نجح في تنمية محفظة تمويل الأفراد، لأن تمويل الأفراد في ظل أسعار الفائدة المرتفعة ستحقق للمصرف عوائد عالية بفائدة ثابتة لعدة سنوات. البنك الأهلي السعودي استثمر في كريدي سويس مبلغ 5.5 مليارات ريال في 24 نوفمبر 2022 وفي 31 ديسمبر 2022م انخفضت القيمة العادلة للاستثمار نسبة 20 % وفي الربع الأولى من عام 2023 انخفضت مرة أخرى بنسبة 70 % وبلغت القيمة الدفترية لاستثمار كريدي سويس 1.3 مليار ريال سعودي في 31 مارس 2023 ما يعني خسارة البنك الأهلي 4.2 مليارات من استثماراته في كريدي سويس، هذه الخسارة لم يتم تضمينها في قائمة الدخل الموحدة ولذلك لم نرَ أي تأثير على أرباح البنك، المعايير المحاسبية تقسم قائمة الدخل إلى قائمتين القائمة الأولى هي قائمة الدخل الموحدة التي تشمل الإيرادات والمصاريف والضرائب والزكاة ثم تحديد الربح الصافي والذي أظهر أن البنك ربح أكثر من 5.1 مليارات ريال، أما القائمة الأخرى هي قائمة الدخل الشامل والتي تظهر الاختلاف في صافي أصول البنك خلال فترة زمنية محددة، يشمل الدخل الشامل على صافي الدخل + الدخل غير المحقق مثل المكاسب والخسائر غير المحققة من الأدوات المالية، ومكاسب أو خسائر العملات الأجنبية، ويوفر الدخل الشامل رؤية شاملة للدخل غير المدرج بالكامل في قائمة الدخل والمحللين عادة ينظرون لقائمة الدخل الشامل عند تقييم الشركة، ولذلك أظهرت بيانات البنك الأهلي أن إجمالي الدخل الشامل في الربع الأول نحو 3 مليارات ريال ناقصة عن صافي الدخل بنحو 2.1 مليار ريال وأقل من خسارة الاستثمار في كريدي سويس، وهذا يعزى إلى أن هنالك مكاسب تحققت من إعادة تقييم استثمارات أو فروقات عملات ساهمت في خفض أثر خسارة استثمار كريدي سويس، صافي الأرباح أو الخسارة في قائمة الدخل الموحدة يتم ترحليها إلى الأرباح المتبقية في حقوق المساهمين أما المكاسب والخسائر في قائمة الدخل الشامل يتم قيدها على بند الاحتياطيات الأخرى وهو البند الذي ينعكس عليه أثر التغيرات المتراكمة في القيم العادلة وقد لوحظ تأثير خسارة استثمار كريدي سويس على حقوق المساهمين، حيث ظهر بند الاحتياطيات الأخرى في النطاق السالب بخسارة متراكمة نحو 9.3 مليارات ريال مقابل خسارة متراكمة في نهاية ديسمبر 2022 بنحو 7.8 مليارات ريال.