أكملت البنوك السعودية إعلان نتائجها المالية عن الربع الثالث للعام الحالي 2023 وجاءت النتائج أعلى من التوقعات، حيث أظهرت نموا في صافي دخل العمولات بنسبة 9 % ونموا في دخل العمليات بنسبة 8 % ونموا في الأرباح الصافية بنسبة 9 % أما الموجودات فقد نمت بحوالي 9 % والودائع بنسبة 8 % فيما نمت القروض بنسبة 11 % ولكن هذا النمو أقل من النمو الذي تحقق للبنوك في الربع الثالث من عام 2022 والمقدر بحوالي 16 % وربما يكون سعر الفائدة أحد الأسباب التي أدت إلى تباطؤ نمو نشاط الإقراض في البنوك السعودية، صافي الأرباح جاء أعلى من توقعات المحللين، ولكن مع تباطؤ في النمو حيث حققت البنوك نموا في صافي الأرباح للربع الأول بنسبة 17 % ثم حققت في الربع الثاني نموا بنسبة 12 % وفي الربع الثالث نسبة النمو 9 % وفي اعتقادي أن التباطؤ سوف يستمر خلال الفترات القادمة وقد نرى تراجع الأرباح خلال العام القادم وهذه التوقعات تعزى إلى تغير جوهري في الخطط الاستثمارية لعملاء البنوك من الشركات والأفراد حيث شجعت أسعار الفائدة والعائد المرتفع على الودائع لأجل على تحويل الكثير من عملاء البنوك ودائعهم المصرفية من ودائع تحت الطلب إلى ودائع لأجل أو إلى الحسابات الادخارية التي قدمتها البنوك وتنافست على تقديم إغراءات كبيرة للعملاء تشمل أسعار فائدة جيدة وحرية في السحب والإيداع وغيرها من الخدمات الاستثمارية المتوافقة مع أحكام الشريعة، وهذا التحول تسبب في المزيد من التكاليف التي تتحملها البنوك وتستقطع جزءا كبيرا من الأرباح وعند مقارنة الودائع لأجل في النشرة الإحصائية الصادرة عن البنك المركزي السعودية خلال شهر أغسطس هذا العام مع نفس الشهر للعام الماضي نجد أنها نمت بنسبة 54 % بينما الودائع تحت الطلب تراجعت بنسبة 6 % وعند مقارنة نمو الودائع لأجل التي تدفع البنوك عليها عائدا يصل إلى 6 % مع نمو الإقراض بنسبة 11 % مع افتراض أن متوسط العائد على القروض في حدود 8 % نجد أن أرباح البنوك سوف تستمر تحت الضغط خلال الفترة المقبلة مع بقاء أسعار الفائدة عند هذه المستويات إن لم ترتفع كما وهو متوقع بنسبة 25 نقطة مع نهاية العام الحالي. الميزة الجيدة في أسعار الفائدة المرتفعة أنها شجعت العملاء وخصوصا الأفراد على ثقافة الادخار وأصبح العملاء يبحثون عن أفضل العوائد التي تقدمها البنوك وهذه الثقافة كانت غائبة عن كثير من السعوديين مع أن رؤية المملكة 2030 الطموحة أولت كثيرا من الاهتمام لتحفيز الادخار والوصول إلى المعدل العالمي البالغ 10 %، وهو المعدل المعترف به دوليا كحد أدنى لضمان الاستقلالية المالية على المدى الطويل، ولذلك يتوقع أن تغير البنوك استراتيجياتها خلال السنوات القادمة، ولن يكون من السهل عليها جلب ودائع بدون تكاليف إضافية ولذلك سوف تتقلص هوامش صافي دخل العمولات الخاصة ولا بد أن تبحث البنوك عن مصادر دخل أخرى تعوض بها ما قد تفقده من أرباح نتيجة الزيادة في تكاليف الودائع. أيضا أظهرت نتائج البنوك السعودية في الربع الثالث تراجع المخصصات في معظم البنوك حيث خفضت 6 بنوك مخصصاتها في الربع الثالث على أساس سنوي وخفضت 8 بنوك مخصصاتها على أساس فصلي على الرغم من ارتفاع الإقراض بنسبة 11 % فهل هذا الخفض ناتج عن احتساب خاطئ للمخصصات خلال السنوات الماضية وتم تعديله هذا العام، أم أن ذلك جاء مع تباطؤ نمو الأرباح واستخدمت البنوك المخصصات لتجميل النتائج؟ التمويل الاستهلاكي، وهو الذي يتطلب تجنيب مخصصات أعلى من مخصصات تمويل الشركات بناء على المعيار المالي الدولي رقم 9 الذي طبقته البنوك السعودية بدءا من 1 يناير 2018 ونتج عنه انخفاض حقوق المساهمين على سبيل المثال في مصرف الراجحي ب2,878 مليون ريال وهو الذي يمتلك أكبر محفظة لتمويل الأفراد في السعودية حيث عزز بها مخصص خسائر الائتمان حتى أصبحت مخصصاته تغطي 3 مرات القروض المتعثرة ولكن لماذا تراجعت هذه النسبة إلى أقل من 2.3 مرة خلال الربع الثاني رغم نمو الإقراض، وكذلك تراجع متوسط التغطية للقروض لجميع البنوك إلى أقل من 1.5 مرة ومع تراجع المخصصات في الربع الثالث قد تنخفض نسبة التغطية أكثر وبما أن أسعار الفائدة المرتفعة من أحد أسباب تعثر العملاء عن السداد لذا كان على البنوك زيادة مخصصاتها وليس خفضها حفاظا على الجدارة الائتمانية للبنوك السعودية.