حققت البنوك السعودية أرباحا تاريخية في الربع الثالث من العام الحالي 2022، حيث بلغ صافي الربع نحو 16.5 مليار ريال بنسبة نمو بلغت 23 %، أما نسبة نمو الأرباح مقارنة مع الربع الثاني من العام الحالي فقد تجاوزت 9 %، وهذه النسبة بالتأكيد سوف ترتفع في الربع الأخير وقد تتجاوز 12 % تدعهما أسعار الفائدة التي رفعها الفيدرالي الأميركي 75 نقطة أساس الأسبوع الماضي مع توقع أن ترتفع في ديسمبر 50 نقطة أساس، وبناء على نمو أرقام البنوك السعودية في الربع الثالث نتوقع أن تستمر البنوك في تحطيم الأرقام القياسية للأرباح الصافية، كما نتوقع أن تصل نسبة نمو الأرباح في العام المقبل 2023 نحو 40 % بدعم من البنوك المنكشفة على الشركات التي ستحقق أعلى العوائد لأن قروض الشركات معظمها بالفائدة المتغيرة ولذلك فإن أي رفع في سعر الفائدة سيرفع دخل العمولات الخاصة، على سبيل المثال أعلى بنك حقق نموا في صافي دخل العمولات الخاصة على أساس فصلي هو مصرف الإنماء بنسبة 14 %، واذا نظرنا إلى محفظته التمويلية نجد أن 75 % منها لتمويل الشركات و25 % لتمويل الأفراد، أما البنك الأهلي الذي تتركز محفظته التمويلية على الأفراد بنسبة 54 % مقابل 39 % للشركات فقد ظهر أثر انكشافه على الأفراد بالسالب، حيث تراجع نمو دخل صافي العمولات الخاصة بنسبة 4 % على أساس فصلي، أيضا مصرف الراجحي كان معدل نمو صافي دخل العمولات الخاصة فقط 2 %؛ لأنه منكشف على الأفراد بنسبة 76 %، ولذلك قد لا يستفيد بنكا الأهلي والراجحي كثيرا من ارتفاع أسعار الفائدة لأن قروض الأفراد بالفائدة الثابتة ومدتها في المتوسط 5 سنوات بالإضافة إلى أنهما في الربع الأخير من عام 2021 والربع الأول 2022 دخلا في صراع على الحصص السوقية في تمويل الأفراد، ووصل بهما التنافس إلى خفض نسب التمويل إلى أقل من نصف نقطة مئوية، في الغالب تتسبب أسعار الفائدة العالية في رفع نسب القروض المتعثرة للشركات فهل حدث هذا في الربع الثالث؟ إذا نظرنا إلى أرقام المخصصات التي جنتها البنوك في الربع الثالث مقارنة مع الربع المماثل نجد أن مخصص القروض المتعثرة في البنوك تراجع بنسبة 3 % وجاء الخفض الأكبر بدعم من البنك الأهلي ومصرف الراجحي بنسبة 26 % و17 % على التوالي أما إذا نظرنا إلى الأرقام على أساس فصلي فقد زادت المخصصات بنسبة 14 %، وواصل بنكا الراجحي والأهلي خفض المخصصات بنسبة 16 % و9 % على التوالي وهذا يؤكد القاعدة التي تقول إن المخصصات تزداد مع ارتفاع أسعار الفائدة ولأن البنوك المنكشفة على الأفراد تكون فيها القروض مضمونة بتحويل الراتب فإن تعثر القروض أقل بكثير من تعثر قروض الشركات. توقعات الفترة المقبلة، البنوك المنكشفة على الشركات سوف تحقق أرباحا عالية بسبب ارتفاع أسعار الفائدة إلا أن القروض المتعثرة سوف ترتفع هي الأخرى، أما البنوك المنكشفة أكثر على الأفراد لن تستفيد كثيرا من رفع أسعار الفائدة لكنها لن تحتاج إلى زيادة كبيرة في مخصصات القروض المتعثرة. الودائع البنكية وهي المحرك الرئيس لأنشطة البنوك لم تحقق أي نمو خلال الربع الثالث على أساس فصلي على الرغم من دعم البنك المركزي السعودي بضخ ودائع وصلت إلى 50 مليار ريال وتعمل الآن البنوك على زيادة ودائعها من خلال الترويج للودائع الزمنية وبفوائد تتجاوز 4.5 %، صحيح أن بعض البنوك نجحت في رفع الودائع لكن كان على حساب صافي دخل العمولات الخاصة على سبيل المثال بنك الجزيرة نجح في تنمية ودائعه بنسبة 11 % على أساس سنوي في المقابل تراجع صافي دخل العمولات الخاصة بنسبة 8 %، التوسع في الإقراض مرتبط بنسبة القروض إلى الودائع وهذه النسبة وصلت إلى 81.89 % في نهاية شهر سبتمبر الماضي، وبحسب «ساما» فإن الودائع لدى المصارف التي يتم حساب النسبة عليها هي «الودائع تحت الطلب، والزمنية والادخارية، واتفاقيات إعادة الشراء، وغيرها» مضافة إليها الديون طويلة الأجل «القروض المشتركة، والسندات، والصكوك، والقروض الثانوية، وغيرها»، بينما القروض تحسب عبر حساب القروض ناقصا المخصصات والعمولات، البنوك تحاول أن ترفع محافظ الإقراض والاستفادة من أسعار الفائدة المرتفعة، وقد يتسبب ضعف نمو الودائع في الإحجام عن الإقراض، ولذلك من المتوقع أن يعلن البنك المركزي عن ضخ ودائع جديدة في البنوك لمساعدتها في التوسع في الإقراض ومن غير المرجح أن تتوسع البنوك في إصدار السندات أو الصكوك لأنها أصبحت مُكلفة، وهذا قد يرتد سلبا على نمو النشاط الاقتصادي إن لم يبادر البنك المركزي بدعم البنوك، أسعار الفائدة بين البنوك السعودية (سايبور) وصل نهاية الأسبوع الماضي إلى نسبة 5.63 % لثلاثة أشهر و6.3 % للسنة، وهذا الرقم هو الذي تسعر بموجبه البنوك السعودية نسبة الفائدة على القروض من خلال زيادة من 1 % إلى 4 % عن المؤشر وهذا بلا شك سوف يرفع كلفة التمويل على الشركات.