أكملت البنوك السعودية إعلانات نتائجها المالية المنتهية في الربع الثاني من العام الحالي 2022 ولأول مرة تتجاوز صافي الأرباح المجمعة حاجز ال 15 مليار ريال بنمو تجاوز ال 34 % مقارنة بالربع المماثل من عام 2021 ونمو بحدود 3 % عن الربع السابق، البنوك نجحت في زيادة محافظها التمويلية خلال النصف الأول ب 182 مليار ريال منها 101 مليار ريال تمت في الربع الأول و81 مليار ريال في الربع الثاني، حجم الإقراض في الربع الأول قياسي والسبب أن الشركات استبقت قرار الفيدرالي برفع الفائدة وحصلت على تمويلات لتفادي أثر الفائدة على التكاليف، ولكن الإقراض تراجع في الربع الثاني وهذا متوقع لسببين الأول هو حصول بعض الشركات على احتياجاتها التمويلية للعام الحالي تحوطا لأسعار الفائدة والسبب الثاني هو أن أسعار السايبور أجل ثلاثة أشهر وهو المؤشر الاسترشادي للبنوك السعودية الذي تسعر عليه معظم القروض ارتفع في الربع الثاني إلى أكثر من 3 % بسبب نقص السيولة في البنوك ما دفع البنك المركزي السعودي إلى ضخ نحو 50 مليار ريال في القطاع المصرفي عبارة عن ودائع بفائدة أقل من سعر السايبور وهذا الإجراء من البنك المركزي خفض السايبور إلى 2.75 % وهو الحد المقبول لأن السايبور في العادة يزيد على الريبو نحو 50 نقطة أساس، ولكن مع رفع الفائدة الأخير عاد السايبور الى الارتفاع عند 3.06 % وهذه النسبة تزيد على سعر الريبو ب 57 نقطة أساس مما يعني أن هنالك عودة الفجوة بين الإقراض ونمو الودائع، وقد يكون هنالك ضخ سيولة إضافية من البنك المركزي السعودي في القطاع المصرفي لمساعدة البنوك على توفير الاحتياجات التمويلية للقطاع الخاص والعقاري وضمان مواصلة نمو الأعمال، وقد تضطر البنوك إلى إصدار أدوات دين أو زيادة العوائد على الودائع الزمنية وهذا بالتأكيد سوف يؤثر على هوامش الربحية للبنوك كما حدث لبنك الجزيرة الذي تمكن من تنمية ودائعه بزيادة العائد على الوديعة ولكن ذلك أثر سلبا على صافي دخل العمولات الخاصة خلال الربع الثاني ولكنه خيار جيد سوف يساعد البنك على تنمية محفظته التمويلية والاستفادة من أسعار الفائدة المرتفعة خلال الفترة المتبقية من هذا العام ولذلك متوقع أن نرى أثرها الإيجابي على نتائج البنك في النصف الثاني، الودائع نمت خلال النصف الأول بأكثر من 146 مليار ريال 81 مليار في الربع الأول و65 مليار في الربع الثاني شاملة ال 50 مليار ريال التي ضخها البنك المركزي في شهر يونيو، الودائع المكلفة في البنوك السعودية نحو 30 % من حجم الودائع وهي الأقل على مستوى البنوك في العالم ولذلك عند ارتفاع أسعار الفائدة سوف تستفيد منها البنوك السعودية بشكل مباشر، وخصوصا البنوك المنكشفة على الشركات لأن قروض الشركات في الغالب قصيرة الأجل لا تزيد على سنة بينما تمويل الأفراد يمتد إلى 5 سنوات والرهن العقاري إلى 25 سنة وبفائدة ثابتة، ولو أخذنا نتائج مصرف الراجحي الذي ترتكز محفظته الإقراضية على تمويل الأفراد بنسبة 80 % نجد أن صافي دخل العمولات نما في حدود 4 % فقط وعند مقارنة هذه النتائج بمصرف الإنماء الذي ترتكز محفظته على تمويل الشركات بنسبة 75 % نجد أن صافي دخل العمولات تجاوز 8 % وهذا مؤشر على أن البنوك المنكشفة على الشركات سوف يكون نمو أرباحها خلال الفترة القادمة أفضل بكثير من البنوك المنكشفة على الأفراد، مخصصات خسائر التمويل تراجعت خلال الربع الثاني بنحو 41 % وساهمت في خفض المصاريف بنحو 2 مليار ريال وهذا انعكس على صافي أرباح البنوك، وفي اعتقادي أن النصف الثاني من هذا العام والعام المقبل سوف ترتفع مخصصات القروض المتعثرة لأن ارتفاع الفوائد سوف يضغط على أرباح الشركات مما يزيد من فرص التعثر عن السداد ومع ذلك ما زالت البنوك السعودية تحتفظ بملاءة مالية هي الأعلى على مستوى العالم ونسب متدنية للقروض المتعثرة لم تتجاوز نسبة 2 % رغم التحديات الاقتصادية الصعبة التي يواجهها العالم من تداعيات كوفيد 19 والحرب الروسية الأوكرانية، وكذلك التوترات الجيوسياسية بين الولاياتالمتحدة الأميركية والصين على خلفية تايوان والتي قد تتحول إلى حرب عسكرية.