ارتفعت أسعار النفط أمس الثلاثاء، بعد انخفاض أكثر من واحد بالمئة في الجلسة السابقة، إذ أجج تصاعد التوترات الجيوسياسية في منطقة منتجة رئيسة بالشرق الأوسط المخاوف بشأن الإمدادات. وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت سبعة سنتات بما يعادل 0.07 بالمئة إلى 82.46 دولارا للبرميل. وارتفع الخام الأميركي غرب تكساس الوسيط 15 سنتا أو 0.31 بالمئة إلى 76.93 دولارا للبرميل. وانخفض كلا العقدين أكثر من دولار واحد يوم الاثنين، إذ غذت أزمة العقارات المتفاقمة المخاوف بشأن الطلب من الصين، أكبر مستهلك للخام في العالم، بعد أن أمرت محكمة في هونغ كونغ بتصفية مجموعة تشاينا إيفرجراند العقارية العملاقة. وقال سوفرو ساركار قائد قطاع في بنك دي بي اس: «إن تداول أسعار النفط فوق 80 دولارًا أميركيًا للبرميل يؤدي إلى تسعير بعض علاوة المخاطر الجيوسياسية مرة أخرى مع استمرار تصاعد التوترات في منطقة الشرق الأوسط. وقد يتلاشى هذا في غضون أسبوع أو أسبوعين إذا لم يكن هناك رد فعل قوي من الولاياتالمتحدة». وأضاف: «إذا تفاقم الأمر وتحول إلى مواجهة بين الولاياتالمتحدةوإيران وعقوبات أكثر صرامة، فإننا نتطلع إلى مستوى يتراوح بين 80 و100 دولار للبرميل لتستديم لبعض الوقت». على جانب العرض، في حين أنه من غير المرجح أن يشهد اجتماع أوبك + غداً الخميس قرارًا بشأن السياسة النفطية للمجموعة لشهر أبريل، إلا أن المحللين يأملون في أن يلقي الاجتماع بعض الضوء على خطط الإنتاج. وقالت شركة أرامكو السعودية، أكبر منتج ومصدر في العالم، في مؤشر لتوقعات الطلب المستقبلي، إنها تلقت توجيها من وزارة الطاقة بالحفاظ على طاقتها القصوى المستدامة عند 12 مليون برميل يوميا، وعدم الاستمرار في زيادتها إلى 13 مليون برميل يوميا. وقال ليون لي المحلل لدى سي إم سي ماركتس ومقره شنغهاي «نحتاج إلى رؤية المزيد من العوامل الأساسية لتحفيز أسعار النفط، وإلا فإن خام غرب تكساس الوسيط قد يتعرض لضغوط نزولية عند 80 دولارا». وتأتي المكاسب أيضًا قبل قرار بنك الاحتياطي الفيدرالي بشأن سعر الفائدة، حيث تبدأ اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة اجتماعًا يستمر يومين يوم الثلاثاء. ومن المتوقع أن يبقي صناع السياسة أسعار الفائدة ثابتة، لكن بعض المستثمرين يعتقدون أن البنك المركزي الأميركي قد يتخلى عن تحيزه لرفع الفائدة. ويظل انخفاض أسعار الفائدة أمر إيجابي بالنسبة لأسعار النفط، ويمكن أن يعزز الطلب بشكل أكبر. وتتوقع الأسواق الآن فرصة بنسبة 47 % لخفض سعر الفائدة الفيدرالي في مارس، حسبما أظهرت أداة فيد واتش، بانخفاض من 88 % في الشهر السابق. في غضون ذلك، أظهر استطلاع أن من المتوقع انخفاض مخزونات النفط الخام ونواتج التقطير في الولاياتالمتحدة الأسبوع الماضي بينما ارتفعت مخزونات البنزين. وستنشر مجموعة الصناعة التابعة لمعهد البترول الأميركي بيانات المخزونات الأميركية يوم الثلاثاء الولاياتالمتحدة، في حين من المقرر أن تنشر بيانات إدارة معلومات الطاقة، الذراع الإحصائي لوزارة الطاقة الأميركية، شرق الولاياتالمتحدة. وتم تداول أسعار النفط الأميركي حول أعلى مستوى منذ ثلاثة أشهر يوم الاثنين بعد مقتل أفراد من الخدمة الأميركية فيما تدعي الولاياتالمتحدة أنه هجوم بطائرة بدون طيار مدعومة من إيران على إحدى قواعدها على الحدود الأردنية السورية خلال عطلة نهاية الأسبوع. في هذه الأثناء، استعدت شركتا إكسون موبيل وشيفرون الأميركيتان العملاقتان لإعلان نتائج عام 2023 مع تقارير الأرباح يوم الجمعة. وانخفضت أسعار خام غرب تكساس الوسيط إلى ما دون 78 دولارًا للبرميل يوم الاثنين بعد ارتفاعها بأكثر من 6 % الأسبوع الماضي. وجرى تداول خام برنت، المؤشر الدولي، بأقل من 82 دولارًا للبرميل بعد أن وصل أيضًا إلى أعلى مستوى له في ثلاثة أشهر. وتم تداول أسعار خام غرب تكساس الوسيط حول 78 دولارًا، ارتفاعًا من أقل من 70 دولارًا في أوائل ديسمبر، مما يضعها عند أفضل مستوى منذ أوائل نوفمبر. ويبدو أن المستثمرين يركزون بشكل أكبر على انتعاش الطلب الأميركي والقيود المحتملة الناجمة عن فقدان النفط الإيراني المصدر، أو النفط الذي يتم شحنه عبر البحر الأحمر - والذي لم يتأثر معظمه حتى الآن. وإذا تم إخراج صادرات إيران من سوق النفط العالمية، فإن ذلك سيترك فجوة يمكن أن تضيف نحو 10 دولارات إلى أسعار النفط، بحسب محللين. ويأتي انتعاش أسعار النفط أيضًا قبل إعلان إكسون موبيل وشيفرون عن أرباح وإيرادات الربع الرابع هذا الأسبوع. وتتوقع وول ستريت أن تنخفض أرباح إكسون للعام بأكمله بنسبة 34 % إلى 9.27 دولارات للسهم مع انخفاض المبيعات بنسبة 15 % إلى 348.17 مليار دولار. وفي الوقت نفسه، يتوقع المحللون أن تنخفض أرباح شيفرون 2023 بنسبة 30 % إلى 13.14 دولارًا للسهم مع انخفاض الإيرادات بنسبة 14 % إلى 202.62 مليار دولار. وشهدت كل من إكسون موبيل وشيفرون انخفاضًا في الأرباح والإيرادات طوال عام 2023، حيث ضعفت أسعار النفط والغاز الطبيعي مقابل مستويات العام السابق مدفوعة بالغزو الروسي لأوكرانيا. بينما تدخل شركتا شيفرون وإكسون موبيل عام 2024 بعد عقد صفقات ضخمة في الجزء الأخير من عام 2023. ووسعت إكسون موبيل بشكل كبير ممتلكاتها في حوض بيرميان عندما دفعت 60 مليار دولار مقابل شركة بايونير للموارد الطبيعية في أكتوبر. وسرعان ما تابعت شركة شيفرون ذلك بشراء شركة هيس بقيمة 53 مليار دولار، مما عزز حصتها في أصول باكين الصخري في مونتانا ونورث داكوتا، بالإضافة إلى مشروع بحري بقيادة إكسون من غيانا. بالنسبة لعام 2024، حددت الشركات الكبرى أهدافًا حذرة للإنفاق الرأسمالي والإنتاج. ومع ذلك، يبدو أن شركة شيفرون مستعدة لزيادة إنتاج النفط بينما تخطط شركة إكسون موبيل لإنتاج ثابت، مع الاعتماد على عمليات الاستحواذ الأخيرة لتحقيق النمو. وقد تتجاوز أسعار النفط 90 دولارًا للبرميل هذا العام إذا تصاعدت الهجمات على السفن في البحر الأحمر، وفقًا لما ذكره جان بول براتس، كبير المسؤولين التنفيذيين في شركة النفط البرازيلية العملاقة التي تسيطر عليها الدولة، بتروليو برازيليرو إس إيه. وقال براتس، إن شركة بتروبراس ومقرها ريو دي جانيرو لم تتأثر بالهجمات لأنها لا تشحن الكثير من النفط عبر الخليج. مضيفاً: «تتمتع بتروبراس بحماية كبيرة، ونحن لا نستخدم قناة السويس، ولا نستخدم الخليج كثيرًا». ولفت إلى أن البرازيل ستساعد في التوسط في النزاع الحدودي بين فنزويلا وغيانا. وأضاف أن شركة إكسون موبيل حققت سلسلة من الاكتشافات النفطية بمليارات البراميل في المنطقة، ويمكن لشركة بتروبراس الاستثمار في مشاريع نفطية في أي من البلدين. وسيكون من المفيد للمستثمرين مراقبة أي تحولات حديثة في توقعات المحللين لشركة بتروبراس. وتميل هذه المراجعات الأخيرة إلى عكس الطبيعة المتطورة لاتجاهات الأعمال قصيرة المدى. وبالتالي، فإن التغييرات الإيجابية في التقديرات تدل على تفاؤل المحللين بشأن أعمال الشركة وربحيتها. والتزمت الشركة في وقت سابق من هذا الشهر بزيادة الإنفاق الاستثماري بنسبة 31 % ليصل إلى 102 مليار دولار حتى عام 2028. وبموجب خططها الأخيرة، التي وافق عليها مجلس الإدارة، تتوقع بتروبراس ضخ 2.8 مليون برميل يوميا من المكافئ النفطي في عامي 2024 و2025، تدريجيا. ويرتفع إلى 3.0 مليون برميل يومياً في عام 2026 و3.1 مليون برميل يومياً في عام 2027. وسيبلغ إنتاج النفط والغاز الطبيعي ذروته عند 3.2 مليون برميل يومياً في عام 2028. إلى ذلك، لا ترى شركة غازبروم نفت الروسية حاجة لتخفيضات إضافية في إنتاج النفط من أوبك+. وقال ألكسندر ديوكوف رئيس شركة النفط الروسية الكبرى، غازبروم نفت، يوم السبت إنه لا يرى حاجة لتخفيضات إضافية في إمدادات النفط من قبل منتجي النفط في أوبك +، قبل أيام من اجتماع المجموعة المقرر لمناقشة سياسة الإنتاج. واتفقت أوبك+ على تخفيضات طوعية للإنتاج يبلغ إجماليها نحو 2.2 مليون برميل يوميا في الربع الأول بقيادة السعودية بخفضها الطوعي وقدره مليون برميل يوميا. ومن المقرر أن يعقد منتجو أوبك+ اجتماعًا للجنة وزارية رئيسية غداً الخميس، وقالت مصادر المجموعة إنها ستقرر على الأرجح مستويات إنتاجها النفطي لشهر أبريل وما بعده في الأسابيع المقبلة. وأضاف ديوكوف: «لقد قررت أوبك+ بالفعل بشأن التخفيضات، وتبدأ التخفيضات فعليا الآن، في يناير، من ناحية. ومن ناحية أخرى، نقترب من موسم الربيع، وهو زيادة موسمية في الطلب على النفط وسيحدث هذا قريبا بما فيه الكفاية، في غضون شهرين». وقال «برأيي، ليست هناك حاجة في الوقت الحالي (لتعديل اتفاق أوبك+)»، مشيراً إلى ان هناك فائضا طفيفا في سوق النفط العالمية. وقال ديوكوف أيضًا إن الشركة تخطط لزيادة أحجام تكرير النفط وإنتاج الهيدروكربونات في عام 2024، دون تقديم أرقام، في حين من المتوقع أن تظل استثمارات غازبروم نفت دون تغيير هذا العام. وقالت وكالة الطاقة الدولية، ومقرها باريس، والتي تقدم المشورة للدول المستهلكة للنفط، إنه في ظل الصراع في الشرق الأوسط الذي يثير المخاوف بشأن الإمدادات -ما لم يحدث انقطاع كبير في التدفقات- تبدو السوق في حالة جيدة من الإمدادات بشكل معقول في عام 2024، وقد يظهر فائض إذا ألغت أوبك وحلفاؤها تخفيضات الإنتاج كما هو مقرر في الربع الثاني. وبشكل منفصل، قال وزير الطاقة الروسي نيكولاي شولغينوف، إن إنتاج البلاد من النفط من المرجح أن يبقى دون تغيير على نطاق واسع هذا العام، حسبما ذكرت وكالة الإعلام الروسية. وانخفض إنتاج روسيا من النفط ومكثفات الغاز بشكل طفيف العام الماضي إلى 530 مليون طن متري (10.6 مليون برميل يوميا).