نفّذت الولايات المتّحدة وبريطانيا ليل الاثنين الثلاثاء جولة جديدة من الضربات على أهداف تابعة للمتمرّدين في اليمن، في إطار عملياتها لردع الحوثيين عن مواصلة استهداف سفن تجارية. وشنّت القوّات الأميركيّة والبريطانيّة في وقت سابق من الشهر الحالي ضربات مشتركة ضد المتمرّدين الحوثيين، فيما نفّذت الولاياتالمتحدة وحدها المزيد من الغارات ضد مواقع تضم صواريخ قالت إنها تمثّل تهديداً وشيكاً للسفن المدنية والعسكرية على حد سواء. وكانت واشنطنولندن قد أكدتا في بيان أصدرتاه ليلًا بالاشتراك مع دول أخرى شاركت في إسناد هذه الضربات، أنّ قواتهما شنّت "جولة جديدة من الضربات المتكافئة والضرورية على ثمانية أهداف حوثية في اليمن ردّاً على الهجمات الحوثية المتواصلة ضدّ الملاحة والتجارة الدولية وضدّ سفن تعبر البحر الأحمر". وأوضح البيان أنّ هذه "الضربات الدقيقة" هدفت إلى تقويض "القدرات التي يستخدمها الحوثيون لتهديد التجارة الدولية وأرواح بحارة أبرياء". وفي بيان منفصل، أوضحت القيادة العسكرية الأميركية في الشرق الأوسط (سنتكوم) أنّ "الأهداف شملت أنظمة صواريخ ومنصات لإطلاق الصواريخ، وأنظمة دفاع جوي ورادارات ومرافق لتخزين الأسلحة مدفونة بعمق تحت الأرض". من جانبه، أكد وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون الثلاثاء أن الضربات الجديدة تبعث "الرسالة الأكثر وضوحا بأننا سنواصل إضعاف قدرة (الحوثيين) على تنفيذ هجمات". ومنذ منتصف نوفمبر، ينفّذ المتمرّدون اليمنيون هجمات على سفن تجارية في البحر الأحمر وبحر العرب، وعلى إثر الضربات الغربية، بدأ الحوثيون يستهدفون السفن الأميركية والبريطانية في المنطقة معتبرين أن مصالح البلدين أصبحت "أهدافًا مشروعة". في نيويورك، صرح وزير الخارجية الإيرانية حسين أمير عبداللهيان بأن بلاده وجهت "رسالة وتحذيرًا جديًا للأميركيين" مفادهما أن ضرباتهم بالاشتراك مع بريطانيا في البحر الأحمر واليمن تمثّل "تهديدا للسلام والأمن وتصعيدا لنطاق الحرب في المنطقة"، حسب ما نقلت عنه وكالة أنباء "إرنا" الإيرانية الرسمية. وأكد أمير عبداللهيان أنه أبلغ نظيره البريطاني خلال لقائهما الأسبوع الماضي في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، بأنّ "ما قاموا به من تصعد التوتر في البحر الأحمر وضد اليمن كان خطأ استراتيجيا". وأفاد مسؤول عسكري أميركي رفيع بأن ضربات الاثنين نُفّذت باستخدام ذخيرة موجّهة بدقة أُطلقت من الطائرات الأميركية والبريطانية وصواريخ كروز من طراز "توماهوك". وأكد للصحافيين عدم وجود أي مخاوف من إمكانية سقوط قتلى في المواقع التي تم استهدافها، فيما لم تتضح بعد الخسائر في صفوف الحوثيين. وقال إن "الاستهداف كان محددا للغاية.. ومدروسا جدا لاستهداف الإمكانيات التي يستخدمونها لمهاجمة السفن في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن. لم يتم اختيارها عمدا للتسبب بسقوط ضحايا، بل كان الهدف أنظمة الأسلحة". وبالإضافة إلى التحرّك العسكري، تسعى واشنطن للضغط دبلوماسيا وماليا على الحوثيين إذ أعادت إدراجهم على لائحتها للكيانات "الإرهابية" الأسبوع الماضي. وعام 2021، ألغت إدارة الرئيس جو بايدن تصنيف الحوثيين على قائمة "الإرهاب" بعدما أدرجتهم إدارة سلفه دونالد ترمب. وقال مسؤول عسكري أميركي كبير، تحدث شريطة عدم نشر هويته، إنه تم إطلاق ذخائر يتراوح عددها بين 25 و30 تقريبا، ومنها ذخائر أطلقت من طائرات حربية انطلقت من حاملة طائرات أميركية. ويقول مسؤولون أميركيون إن الضربات أضعفت قدرة الحوثيين على تنفيذ هجمات معقدة. لكنهم رفضوا تقديم أي أرقام فيما يتعلق بعدد الصواريخ أو الرادارات أو الوحدات المسيرة أو القدرات العسكرية الأخرى التي جرى تدميرها حتى الآن. وقال المسؤول العسكري الأميركي لصحفيين بالبنتاغون "حققنا التأثير المقصود". وقال وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون بعد أحدث الهجمات إن هذه الحملة بعثت برسالة واضحة إلى الحوثيين. وأضاف "ما فعلناه مجددا هو إرسال أبلغ رسالة ممكنة بأننا سنواصل الحد من قدرتهم على تنفيذ هذه الهجمات". وقال الرئيس الأميركي جو بايدن الأسبوع الماضي إن الغارات الجوية ستستمر حتى مع إقراره بأنها ربما لا توقف هجمات الحوثيين. وفي الأسبوع الماضي، أطلق الحوثيون صاروخين باليستيين مضادين للسفن صوب ناقلة مملوكة ملكية أميركية لكنهما سقطا في المياه بالقرب من السفينة ولم يتسببا في وقوع إصابات أو أضرار. ويقول خبراء إن استراتيجية بايدن الجديدة بشأن اليمن تهدف إلى إضعاف المسلحين الحوثيين، لكنها لا تصل إلى حد محاولة هزيمة الحوثيين. ويبدو أن هذه الاستراتيجية، وهي مزيج من الضربات العسكرية المحدودة والعقوبات، تهدف إلى منع اتساع رقعة الصراع في الشرق الأوسط. وتتوقف سفن الحاويات مؤقتا أو تحول مسارها من البحر الأحمر المؤدي إلى قناة السويس، وهو أسرع طريق شحن من آسيا إلى أوروبا. واضطرت الكثير من السفن إلى الإبحار عبر طريق رأس الرجاء الصالح الأطول بدلا من ذلك.