الانتخابات التمهيدية داخل الحزب الجمهوري على قدم وساق، والمتنافسون يقدمون أفضل ما لديهم، وبعضهم على استحياء بدأ بالهجوم على المرشح الرئاسي دونالد ترمب في محاولة يائسة للتقليل من شعبيته وأخذ مساحة منها لصالحه! ولكن يبدو أن الرئيس السابق دونالد ترمب يسيطر على المشهد الانتخابي داخل الحزب الجمهوري بشكل يدعو المراقبين إلى تساؤل، لماذا يتكبد باقي المنافسين العناء وخسارة الأموال بالرغم من هيمنة ترمب على ميدان المنافسة؟! التكهنات في هذا الصدد واسعة، ولكن يعتقد المراقبون أن المرشحين المتنافسين على بطاقة الحزب الجمهوري يعلقون الأمل على عدد من السيناريوهات المحتملة والتي من شأنها فتح الطريق لهم لكسب بطاقة الحزب والعبور نحو الانتخابات الرئاسية العامة في تاريخ 2024/11/5 أمام مرشح الحزب الديموقراطي الأوحد جو بايدن. السيناريو الأول أن يتمكن الحزب الديمقراطي من تحقيق تقدّم في مساعيه وتجريم الرئيس السابق ترمب في إحدى القضايا الفيدرالية المتعددة التي تلاحقه، وهي قضايا جنائية من شأنها وضعه خلف القضبان أو في أقل تقدير حرمانه من مواصلة العمل السياسي. وهم في ذلك على صواب لأن ترمب في وضع قانوني حرج للغاية، ووزارة العدل عازمة - وبشكل غير مسبوق - على توظيف كل الأدوات المتاحة لإدانته في هذه القضايا أو واحدة منها على الأقل. وفي هذا السياق كان وزير العدل الأمريكي في جلسة استماع أمام الكونجرس الأمريكي، وتم اتهامه بشكل صريح بتسييس النظام العدلي للنيل من دونالد ترمب. وفي حال تحقيق ذلك يصح القول: "مصائب قوم عند قوم فوائد". السيناريو الثاني يتمثل في إزالة ترمب من بطاقة الاقتراع في عدد من الولايات في الانتخابات التمهيدية كما حدث في ولاية كولورادو، وهذا بطبيعة الحال سيؤدي إلى إنهاء فرصة ترمب في جمع 270 صوتًا من أصوات الهيئة الانتخابية اللازمة للفوز بالرئاسة وبالتالي يضع ترمب في موقف صعب بين الناخبين داخل الحزب الجمهوري ويفقده قيمة تنافسية أمام باقي المرشحين. السيناريو الثالث المحتمل هو أن تقوم اللجنة الوطنية الجمهورية المسؤولة عن الانتخابات التمهيدية داخل الحزب الجمهوري تحت ظروف معينة تتطلب حماية المستقبل السياسي للحزب باتخاذ إجراءات إقصاء دونالد ترمب، ودعم أحد المرشحين الأكثر حظا في المنافسة، وقد حدث ذلك من قبل اللجنة الوطنية الديموقراطية في الانتخابات الرئاسية 2016 عندما كان السيناتور بيرني ساندرس متصدرًا في استطلاعات الرأي ومتقدمًا بفارق جيد عن المرشحة المفضلة للحزب هيلاري كلينتون، في ذلك الحين ذكرت تقارير صحافية بأن اللجنة دفعت مبالغ كبيرة لبيرني ساندرس مقابل الانسحاب. وقد حدث شيء مشابه لذلك في الانتخابات الرئاسية 2020 عندما كان السيناتور بيرني ساندرس للمرة الثانية متقدمًا على جميع المنافسين بما في ذلك جو بايدن، ولكن بفضل الدعم القوي من قبل اللجنة الوطنية بقيادة أوباما تم حشد جميع المرشحين خلف جو بايدن لإخراج ساندرس من المنافسة وهو ما حصل بالفعل. السيناريو الرابع والأكثر منطقية هو أن المرشحين على قناعة بعدم قدرتهم على اختطاف بطاقة الحزب، ولكنهم في هذه المرحلة بصدد تهيئة أرضية صلبة على صعيد اكتساب الخبرة وتحقيق شعبية داخل المشهد السياسي للمنافسة في الانتخابات الرئاسية 2028، وهذا السيناريو - على وجه الخصوص - يتوافق بشكل جلي مع حالة حاكم فلوريدا رون دي سانتيس الذي أمن منصبه كحاكم لولاية فلوريدا بشكل دستوري قبل أن يخوض المنافسة على بطاقة الحزب في الانتخابات التمهيدية. في المقابل الرئيس السابق دونالد ترمب واثق من حصوله على بطاقة الحزب، ويعد نفسه الفارس الأوحد الذي يملك القدرة على تمثيل الحزب الجمهوري أمام الرئيس جو بايدن دون غيره. هذه الثقة دعته إلى عدم المشاركة في المناظرات الانتخابية التي تديرها اللجنة الوطنية الجمهورية لتقديم قدرات المرشحين أمام الناخبين وتمحيص الغث من السمين، وفي هذا المقام قال ترمب: "الأسماء المرشحة والتي ستشارك في المناظرات لا يملكون الكفاءة ولا الشعبية الكافية للتمثل أمامي! ومشاركتي مع هؤلاء المرشحين الضعفاء هو انتقاص غير مقبول بالنسبة لي".