في وقت مبكر من إطلاق رؤية 2030، أدركت المملكة أهمية أن يكون لديها قطاعات اقتصادية تنطلق من مرتكزات قوية وصلبة، تحقق النمو المستهدف منها، عبر تنفيذ أفكار واقتراحات وبرامج غير تقليدية، ومن هنا، كان الاهتمام الاستثنائي بقطاع التأمين، عن طريق سن الأنظمة والتشريعات التي تطور أدوات القطاع وترتقي بها، وبلغت ذروة الاهتمام بصدور قرار بإنشاء هيئة التأمين، تتولى إدارة القطاع وتقود مراحل النهوض به. يضاف إلى ما سبق، أنه في مرحلة لاحقة، أدركت الرؤية أن الاهتمام بقطاع التأمين، بات مطلباً مهماً من أجل توفير بيئة استثمارية مناسبة، تحتاج إليها المرحلة المقبلة في المملكة، فضلاً عن أهمية التوسع في خدمات القطاع، لتلبية مطالب المستثمرين الباحثين عن الاطمئنان على أموالهم، قبل ضخها في السوق السعودي. ثمار الاهتمام بقطاع التأمين لم تتأخر، وإنما أعلنت عن نفسها في أول تقرير أصدرته هيئة التأمين، عن أداء القطاع عن الربع الثالث من العام 2023، وفيه شهد القطاع نمواً بنحو 14.6 % ليبلغ إجمالي الأقساط المكتتبة 14.9 مليار ريال، مقابل 13 مليار ريال خلال الربع المماثل من العام 2022، كما شهد كل من تأمين المركبات والتأمين الصحي وتأمين الممتلكات ارتفاعاً ملحوظاً في إجمالي الأقساط المكتتبة. نجاحات قطاع التأمين تحت مظلة هيئته الجديدة، ستكون داعماً أقوى للقطاع، حيث بلغ صافي الدخل للقطاع 869.6 مليون ريال خلال الربع الثالث (2023)، مقارنة ب 370.6 مليون ريال في الفترة المماثلة من العام السابق (2022)، كما ارتفعت نتائج خدمات التأمين من 255 مليون ريال خلال الربع الثالث من عام 2022 إلى 693.2 مليون ريال خلال الربع الثالث من عام 2023، فيما زاد صافي دخل الاستثمار من 314 مليون ريال إلى 543.9 مليون ريال، وكان لهذه النجاحات مجتمعة تأثيرها المباشر في ارتفاع عمق القطاع من الناتج المحلي غير النفطي، ليصل إلى 2.2 % خلال الربع الثالث من 2023، مقارنة ب 2.1 % خلال الربع المماثل من العام 2022. عندما يحمل أول تقرير تصدره هيئة التأمين كل هذه الأرقام الإيجابية، فهذا يشير إلى أننا أمام قطاع استثماري ضخم وعملاق، قابل للتطور والنمو، بالتزامن مع تطور ونمو المنظومة الاقتصادية السعودية، التي تشهد كل يوم نجاحات جديدة، بشهادة المنظمات الدولية. وبالتأكيد، نجاحات قطاع التأمين، سيكون لها وجه آخر من التألق المرتقب، عندما يستطيع أن يؤمن الآلاف من فرص العمل للشباب، وهذا ما لاحت تجلياته في الأفق، بسعودة مهن عدة في القطاع، وهو ما يضمن تأسيس قاعدة موظفين وطنيين قادرين على تسيير تلك الوظائف بكفاءة عالية، وبناءً عليه، لا أستبعد أن تتغير الأرقام الإيجابية السابقة صعوداً في شهور العام الجاري (2024) مع تنامي الاهتمام بالقطاع.