يعد الشعر النبطي وثيقة حيوية تُثبِت الأحداث وتصون التاريخ، حتى استطاع أن يتفوق على الشعر الفصيح في ذلك، نظراً لسهولة حفظه وسرعة انتشاره في أوساط المجتمع المحلي، وتمكن رواد الشعر النبطي الذين أبدعوا في دقة الوصف وعمق التعبير، من توثيق بطولات الوطن وقادته وكأنما تشاهد تلك الحقب عن قرب، كما تغنوا بمفاخر الوطن ومنجزاته، ومنهم من كتب عن الحنين إلى الوطن وحبه وتمجيده، فلم تكن الغربة التي عاشها الشاعر محمد بن عبد العزيز أبو نهيّه الملقب بشاعر الدرعية، إلا مساحة للتعبير عن حب الأوطان والشوق إليها حينما قال: بعيدٍ عن الأوطان في دار غربه أمسي وأصبح ما اشوف ربيع فما دام تركي ينقل السيف سالم فلابد ما نرجع اليك سريع وتغنى الشاعر رشيد الزلامي بالوطن كقبلة للمصلين ومهبط للوحيين، ليحيل هواه إلى أطياب وتضاريسه إلى جنات عندما قال: دارٍ لصوت الحق فيها منادي ومنها وفيها قبله اللي يصلون وعندي هواها ريح مسك وزبادي وجبالها عندي بساتين وعيون أما في تمجيد الوطن ومُقدساته وبيعة الولاء لِحُكامه فصدح الشاعر فلاح القرقاح قائلاً: وفي الوطن للوحي جرّه وتاريخ وعبق ومسجدينٍ ماتجيها البدع والزندقة وبيعة آل سعود في رقابنا لآخر رمق كيف ننقضها وهي فرض ماهي بصدقة وكتب الشاعر مصلح بن عياد بمداد الولاء والوفاء مسطراً في إحدى قصائده الوطنية ما يكفي للتعبير عن شجاعة السعوديين وإقدامهم على حياض الموت للذود عن حمى الوطن وحدوده حين قال: أرواحنا دون الوطن والقايد نقودها قود الجمل سمحاني من مات منا رايح للجنة ومن عاش منا يلطم العدواني يذكر أن وزارة الثقافة نظمت النسخة الأولى من مهرجان الشعر النبطي، خلال الفترة من 27 ديسمبر إلى 30 ديسمبر، بمنطقة القصيم؛ لتُسلط من خلاله الضوء على أهم الشُعراء النبطيين، وذلك ضمن مبادرات عام الشعر العربي 2023م. رشيد الزلامي رحمه الله فلاح القرقاح مصلح بن عياد