تحت رعاية سمو ولي العهد.. انطلاق أعمال المؤتمر السنوي العالمي الثامن والعشرين للاستثمار في الرياض    تعطل حركة السفر في بريطانيا مع استمرار تداعيات العاصفة بيرت    مدير المنتخب السعودي يستقيل من منصبه    مسرحية كبسة وكمونيه .. مواقف كوميدية تعكس العلاقة الطيبة بين السعودية والسودان    بحضور وزير الثقافة.. روائع الأوركسترا السعودية تتألق في طوكيو    وزير الصناعة في رحاب هيئة الصحفيين بمكة المكرمة    جبل محجة الاثري في شملي حائل ..أيقونه تاريخية تلفت أنظار سواح العالم .!    أسعار النفط تستقر عند أعلى مستوى في أسبوعين    القيادة تهنئ رئيس جمهورية سورينام بذكرى استقلال بلاده    الأرصاد: انخفاض ملموس في درجات الحرارة على أجزاء من شمال ووسط المملكة    البريد السعودي يصدر طابعاً بريدياً بمناسبة اليوم العالمي للطفل    مدينة الأمير عبدالله بن جلوي الرياضية تستضيف ختام منافسات الدرفت    أمير الشرقية يفتتح أعمال مؤتمر الفن الإسلامي بنسخته الثانية في مركز "إثراء"    الدفاع المدني يحذر من الاقتراب من تجمعات السيول وعبور الأودية    الاتحاد يخطف صدارة «روشن»    مذكرة تفاهم بين إمارة القصيم ومحمية تركي بن عبدالله    بركان دوكونو في إندونيسيا يقذف عمود رماد يصل إلى 3000 متر    تهديدات قانونية تلاحق نتنياهو.. ومحاكمة في قضية الرشوة    «العقاري»: إيداع 1.19 مليار ريال لمستفيدي «سكني» في نوفمبر    16.8 % ارتفاع صادرات السعودية غير النفطية في الربع الثالث    «التعليم»: السماح بنقل معلمي العقود المكانية داخل نطاق الإدارات    لندن تتصدر حوادث سرقات الهواتف المحمولة عالمياً    صفعة لتاريخ عمرو دياب.. معجب في مواجهة الهضبة «من يكسب» ؟    «الإحصاء» قرعت جرس الإنذار: 40 % ارتفاع معدلات السمنة.. و«طبيب أسرة» يحذر    5 فوائد رائعة لشاي الماتشا    في الجولة 11 من دوري يلو.. ديربي ساخن في حائل.. والنجمة يواجه الحزم    السودان.. في زمن النسيان    لبنان.. بين فيليب حبيب وهوكشتاين !    مصر: انهيار صخري ينهي حياة 5 بمحافظة الوادي الجديد    «واتساب» يغير طريقة إظهار شريط التفاعلات    ترحيب عربي بقرار المحكمة الجنائية الصادر باعتقال نتنياهو    اقتراحات لمرور جدة حول حالات الازدحام الخانقة    أمير نجران: القيادة حريصة على الاهتمام بقطاع التعليم    أمر ملكي بتعيين 125 عضواً بمرتبة مُلازم بالنيابة العامة    محافظ جدة يطلع على خطط خدمة الاستثمار التعديني    الإنجاز الأهم وزهو التكريم    نهاية الطفرة الصينية !    السجل العقاري: بدء تسجيل 227,778 قطعة في الشرقية    «كل البيعة خربانة»    أسبوع الحرف اليدوية    مايك تايسون، وشجاعة السعي وراء ما تؤمن بأنه صحيح    ال«ثريد» من جديد    الأهل والأقارب أولاً    اطلعوا على مراحل طباعة المصحف الشريف.. ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة يزورون المواقع التاريخية    أمير المنطقة الشرقية يرعى ملتقى "الممارسات الوقفية 2024"    مشاكل اللاعب السعودي!!    في الجولة الخامسة من دوري أبطال آسيا للنخبة.. الأهلي ضيفًا على العين.. والنصر على الغرافة    انطلق بلا قيود    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين ونيابة عنه.. أمير الرياض يفتتح فعاليات المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة    مسؤولة سويدية تخاف من الموز    السلفية والسلفية المعاصرة    دمتم مترابطين مثل الجسد الواحد    شفاعة ⁧‫أمير الحدود الشمالية‬⁩ تُثمر عن عتق رقبة مواطن من القصاص    أمير الرياض يكلف الغملاس محافظا للمزاحمية    اكثر من مائة رياضيا يتنافسون في بطولة بادل بجازان    محمية الأمير محمد بن سلمان تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش    "الحياة الفطرية" تطلق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    قرار التعليم رسم البسمة على محيا المعلمين والمعلمات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(حوار الأديان والصراعات الراهنة).. منظومة الحوار تعمل على البنية التفكيكية للقيم المتشددة والمتطرفة
نشر في الرياض يوم 13 - 12 - 2023

د. إبراهيم النحاس: الإيمان بالحوار يجب أن يكون لدى جميع المجتمعات والنظم السياسية!
د. عبدالله العساف: نحن بحاجة إلى سلاح الحوار لا إلى حوار السلام!
دعوات الحوار بين الأديان تنطلق من العالمين العربي والإسلامي ولا دعوات مماثلة من العالم الغربي
د. خليل الخليل: الحوار في أساسه ضرورة وحاجة بشرية بصرف النظر عن الأوضاع!
سالمة الموشي: الإنسان بدأ في تعزيز فكرة الإنسانية وشمولية الإنسان وأنه الأحق بالحياة من الصراع!
حوار أتباع الأديان يتضمن مبادرات كبرى مختلفة ويمثل دوراً رائداً لتقريب وجهات النظر بين الأطياف الدينية والعقائدية عبر مراكزها الحوارية العالمية، ولا شك بأن حوار الأديان يهدف إلى ترسيخ القيم الإنسانية النبيلة المشتركة، كما يهدف إلى نبذ الكراهية والتعصب الديني لكونها فرصة حقيقية للتعايش السلمي وحسن الجوار وإضفاء ثقافة التسامح والسلام الإنساني بدلاً عن التعصب والكراهية والتطرف، وفي ظل الصراعات الراهنة تأتي الأهمية العظيمة للجوء إلى الحوار بين أتباع الأديان للوصول إلى المبتغى في التعايش السلمي لمواجهة للكراهية والتطرف، وحتى نحقق من خلال الإعلام رسالتنا الإنسانية النبيلة وفهم ما يواجه العالم اليوم من صراعات يأتي التأكيد من خلال ندوتنا في "الرياض" على أهمية توثيق ومواجهة هذه الصراعات التي دمرت كل سبل العيش الإنساني وزهقت كرامة الإنسان وحقوقه.
في بداية الندوة رحب رئيس التحرير بالحضور، وقال: إن هذه الندوة تناقش العديد من الموضوعات المهمة، وأيضاً بنفس الوقت الحوار بين الأديان حوار مهم جداً ومنذ سنوات طويلة ولكن مخرجات هذا الحوار لم نلمسها على أرض الواقع لوجود اختلافات ما زالت قائمة بين أتباع الأديان السماوية وعلى جانب آخر فإن عدم الحوار بين الأديان أدى إلى تأجيج الصراع والتعصب بين مجتمعات أتباع هذه الأديان، وهو ما نراه كثيراً من خلال النزاعات والصراعات القائمة على أساس عرقي وديني.
نتمنى لكم -إن شاء الله- ندوة عميقة ومختلفة بمخرجاتها، أرجو أن تثروها بآرائكم القيمة، من خلال إمكانية أن يكون حوار الأديان منطلقاً للسلام العالمي الذي ننشده جميعاً، ومرحبا بكم مرة أخرى.
وقالت الزميلة نوال: بودنا أن نعرف الأسباب الكامنة خلف مسألة الحوار بين الأديان والربط بين الدين والصراع والنزاعات الإنسانية الحالية. ليجيب د. إبراهيم النحاس: في البداية دعيني أحدثك عن ما هية هذا الحوار الذي من المفترض أن يكون الأديان والحضارات منطلقه ومعناه، وكما ذكر رئيس التحرير أن هذا الحوار انطلق منذ فترة طويلة ولكن المخرجات لم تكن على المستوى ذاته الذي كان مأمولاً على أرض الواقع سواء بين الدول أو الشعوب أو الحضارات القائمة، الحوار الذي إن صبغناه الصبغة السياسية هو أشبه ما يكون بالمفاوضات والجلوس إلى طاولة الدبلوماسية بشكل أو بآخر لحل النزاعات والوصول إلى المشتركات بين المجتمعات والتي تخدم بعد ذلك الصالح العام للجميع من غير أن يتنازل طرف من الأطراف عن القيم والمبادئ التي نشأ عليها ويؤمن بها والحوار من هذا المنطلق إذا أخذناه بهذا الشكل بدء جلوس أتباع الأديان سواء في المستويات السياسية أو الدينية إلا أنه أصبح الصبغة الدينية بمعنى آخر إجابات أتباع الأديان السماوية والأديان الأخرى التي تنتشر في المجتمعات الدولية، لذلك عول عليها من منطلق أن هذا الحوار سيؤدي إلى تفاهمات بين أتباع هذه الأديان من منطلقات دينية ومن ثم يؤدي إلى تفاهمات بين الأديان.
وكأنه أخذ من جانبه السياسي إلى جانبه الديني ومن وجهة نظري أن ذلك وبحجم كبير أدى إلى التأخر بخروج مخرجات إيجابية، هذا من جانب ومن جانب آخر فإن الأسباب الكامنة وراء هذا الحوار والذي أدى إلى عدم نجاحه على أرض الواقع منها التنشئة الاجتماعية والتنشئة التعليمية والتنشئة السياسية التي نشئت عليها الأجيال في المجتمعات نتيجة سيطرة التوجهات الدينية المتحيزة واصباغ توجهاتها على الجوانب التعليمية والثقافية والاجتماعية، وبالتالي أصبحت لديهم نظرة ضيقة والتي أوصلت المجتمعات إلى حالة الصراع، إذا أردنا التغيير من هذه السلبيات التي أدت إلى الصراعات الراهنة فلابد أن يؤمن رجالات الدين بداية وقبل ذلك رجالات السياسة بأهمية الحوار والعيش المشترك بين الشعوب والعمل على تنشئة الأجيال القادمة على قبول الآخر وقبول الاختلافات بينهم، وبعد ذلك تنشأ أجيال تتفاهم فيما بينها بدل أن تتصارع وهذه عملية كبيرة ومعقدة وتحتاج إلى جهود سياسية كبيرة جداً وبعد ذلك تكلف بها الجوانب الدينية والتعليمية والثقافية.
ومن جانبه، تحدث د. عبدالله العساف قائلاً: شكراً لجريدة "الرياض" على الاستضافة وعلى اختيار موضوع هذه الندوة والذي أتى في وقت مهم جداً.
وبالنسبة للحديث حول الصراعات الراهنة في ظل حوار الأديان أنا هنا ربما ستتغلب عقليتي الأكاديمية على عقلية المحلل السياسي دعيني أبدأ من عنوان الندوة "حوار الأديان والصراعات الراهنة "هل يقصد بالأديان التي تسمى بالسماوية تسمى حديثا في السنوات الماضية بالإبراهيمية؟ فالدين واحد وليس بثلاثة أديان بل بثلاثة شرائع سماوية (اسلامية -يهودية -مسيحية) أم هل نقصد الأديان كلها أي معتقد وأيديولوجيا يعتنقها ويؤمن بها الانسان؟ فهذا شيء آخر وأعتقد يجب أن يكون هو المقصود لوجود أديان عديدة وأتباع لها وصراعات فيما بينها مبعثها ديني.
إذاً هل هو صراع أصحاب الأديان؟ وهذا ما يجب توضيحه قبل الولوج في النقاش كما يجب أن نتساءل هل الصراع هو ديني بغلاف سياسي؟ وباعتقادي نعم أنه صراع ديني بغلاف سياسي له أربعة أركان رئيسية: دين-سياسة -اقتصاد -تاريخ.
اليوم تتصارع الأمم في المنطقة إن رأينا اليهودية والمسيحية والاسلام كل يعتقد أن لديه مخلص، ولذلك يجب التنويه فنحن بحاجة إلى سلاح الحوار لا إلى حوار السلام.
ما يحدث اليوم هو تغليب حوار السلام، الذي نسمع صوته في كل مكان على مستوى الدولة المنطقة والعالم، فاليوم وعلى مستوى ترفع راية الليبرالية والعلمانية لنجد الدولار مكتوب عليه (نحن نثق بالله) وكذلك ورقة العبارة على جزء من أعلام الولايات والعبارة موجودة كشعار فيها.
وكذلك عندما نذهب إلى أوروبا تصدع رؤوسنا أصوات الأجراس والنواقيس، إذاً مبعثهم مبعث ديني حتى لو تسربلوا بسربال العلمانية.
اليوم نحن قد وقعنا في خطأ كبير جداً، وهو أن نسقط الصفة الدينية على الحرب في غزة فاليهود وإسرائيل أقوى وأكثر قبولاً منا في العالم الغربي، لأن صوتهم أقوى ومهنيتهم أعلى، فالعالم يسمع منهم ويرى أن حماس ونحن معهم إرهابيو الصفة الدينية، فسلاحنا خاسر في الميدان، ولذلك فنحن خاسرون إذا ألبسنا أي حرب لذا يجب أن تنقل المعركة من كونها بين الأديان إلى كونها معركة سياسية وصراع نفوذ وعلى مصالح اقتصادية، فلا مكان لنا في المعركة الدينية لأنه خلقت لنا صورة نمطية وليست ذهنية يصعب تغييرها يساوي وهي أن المسلم يساوي الإرهابي، وأن الصلاة والشماغ والعمامة والجلباب يربط بطالبان وإيران.
للأسف تقدم بعض النماذج على أنها نماذج للدول الإسلامية للرأي العام الغربي الذي لا أقول إنه ساذج ولكنه كما يقال الرأي العام هو جسد وحش بعقل طفل، أي أنه سهل الانقياد وسهل التشكيل. وبالمناسبة الجماهير لا عقل لها، ولذلك قلما فيها تحد العقلاء فيها الذين بإمكانهم قيادة الأمم، فالجمهور دائماً منقاد وتابع ومعرض الكثير من التأثيرات كالإعلام، ولعل الصحوة التي حدثت في الرأي العام في أوروبا جعلت القادة الأوروبيين يتحركون ويغيرون الكثير من مصطلحاتهم والبحث عن حلول للحرب في غزة.
د. خليل الخليل: الحوار في أساسه ضرورة وحاجة بشرية بصرف النظر عن الأوضاع!
وحول دور المملكة في حوار الأديان عبر سياساتها المتفتحة مؤخراً قال د. خليل الخليل: إن من حولنا وما حولنا من حروب ترفض الحوار ولا ترى سوى لغة السلام القتل كما في غزة وكذلك أماكن أخرى فيها ميليشيات لا هم لها إلا القتل والقتال، ومع ذلك أود القول إن الحوار في أساسه ضرورة وحاجة بشرية بصرف النظر عن الأوضاع، فليس للأمة وللشعوب خيار سوى أن يكون الحوار أساسياً.
ومن هنا كانت دعوة جميع الرسل، الذين لم يأتوا داعين الى السلاح بل الى الحوار حتى يجذبوا الناس إلى الإيمان بدعوتهم.
وأوضح الفرق بين حوار الأديان وبين دمج الأديان فهناك أناس يخافون ويرفضون الحوار بين الأديان ظناً منهم أنه إقرار للآخرين بمعتقداتهم وأيضاً يظنون في الحوار بين الأديان دمج بينها وهذا كله خطأ ولا يرد ذلك أساساً فالمقصود بالحوار تعرف الأطراف على بعضها علماً أن الأساس في دعوة الأديان السيطرة على القلوب والعقول والأرض فيما بعد بينما الآن لم يعد الصراع سيطرة على أرض أحدهم وإنما بات صراعاً سياسياً وقد يغلف بأسلوب ديني. فتقديري أن الصراع الحالي سياسي مغلف بالدين، فالأساس فيها أنها صراعات سياسية وبقراءة للتاريخ فإنه لم تنتشر أي ديانة سواء كانت سماوية أو غير سماوية إلا بالسياسة وحتى كذلك المذاهب الفقهية في الإسلام.
المملكة بحكم مكانها الاستراتيجي ومكانتها السياسية والدينية والاقتصادية يلزمها الحوار فمنذ عهد الملك عبدالعزيز رحمه الله وقبله من الحكام السعوديين خاصة حكام الدولة السعودية الأولى كان يلزمهما يلتقوا بالآخرين فكان الملك عبدالعزيز يلتقي سنوياً بالوفود المختلفة منهم من يوافقهم ومنهم من لا يوافقهم فكان هناك حوار بين العلماء والحكام.
المملكة شرعت في الحوار السياسي المباشر ولعلي أذكر ثلاث أو أربع نقاط ومنها: زيارة الفاتيكان عام 1974 في وفد ضم تسعة علماء منهم معالي الشيخ محمد الحركان "رحمه الله" والشيخ المسند "رحمه الله "والشيخ محمد الجبير "رحمه الله" والشيخ راشد بن خضير "رحمه الله "وذلك باسم التقارب المسيحي الإسلامي.
كما لا ننسى تأسيس مركز الحوار عام 2003م والذي بدأ بالحوار الوطني داخلياً ثم تلاه مركز الملك عبدالله الدولي للحوار بين أتباع الأديان 2015 ثم مشروع سلام للتواصل الحضاري ثم لدينا المشاركات في اليونسكو من خلال السفراء والعلماء والطلبة فالمملكة تقوم بالحوار على كل المستويات ولا ننسى رعاية المملكة للحوار بين المذاهب.
أ. سالمة الموشي: رؤية 2030 ترتكز على التعايش السلمي والتسامح الديني ومكافحة التمييز والكراهية!
وفي إطار محورنا ودور المملكة في الحوار بين أتباع الأديان والثقافات عبر سياساتها المنفتحة مؤخراً تحدثت أ. سالمة الموشي: أشار الدكتور خليل الخليل وتوسع في الموضوع وسأضيف بعض الإضافات على ما ذكره ومن ذلك أن الدين الاسلامي مصدر للسلام والتعايش وليس مصدرا للتعصب والتطرف الديني ومن هذه المنطلقات بدأت المملكة تتخذ اجراءات في مجال سياسة التسامح الديني والتعايش السلمي قبل أن تسبق رؤية ولي العهد "حفظه الله" التي تشتمل على مرتكز أساسي وهو التعايش السلمي والتسامح الديني ومكافحة التمييز العنصري والكراهية فالتعايش بين الأديان من ضمن أجندة رؤية 2030م وكان قد سبق ذلك تأسيس مركز الملك عبدالله للحوار بين أتباع الأديان والثقافات عام 2012م حيث كان منطلقاً حقيقياً للتعرف على المرتكزات التي يجب أن تنطلق منها المملكة في إيصال صوتها إلى العالم وجذبه إلى حوار الأديان والتعريف بالصورة الذهنية للمملكة والتي شوهت في السنوات الأخيرة بشكل مبالغ فيه خاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر حيث وصمت بالإرهاب والتطرف الديني وأسقطت على الديانة الإسلامية اسقاطات مغالطة فكان تأسيس هذا المركز منطلقاً عظيماً للحوار والتعايش السلمي بالتوازي مع عدد من المراكز كمركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية ومجمع الملك سلمان للغة العربية فهذا يعتبر من المراكز التي أسست للغة الحوار والتقارب الديني كما تأسس المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف «اعتدال» عام 2017م وهذا المركز أراه شخصياً يقوم بجهد كبير في الدراسات والأبحاث وإقامة الملتقيات وبمستوى عال من الفكر لإيصال صوت المملكة في التقارب ين الأديان واحترام الثقافات.
وعاد د. إبراهيم النحاس ليتحدث عن دعوة المملكة للحوار بين الأديان هناك أصوات عربية من المجتمعات الغربية ترفع شعار الحوار والحريات والحقوق ولكن كل ذلك يختفي عند الأزمات ونجد أننا نسمع أصواتاً تناقض حوار الأديان والحضارات وقبول الآخر وتدعو للعنف والتطرف وإعلاء شأن الكراهية الدينية فيقول: الإيمان بالحوار يجب أن يكون لدى جميع المجتمعات والنظم السياسية لكي نصل إلى خدمة المشتركات التي تخدم السلام والأمن والاستقرار على المستويات الدولية إذا لم نصل إلى هذه المرحلة سنجد أن الصراع والكراهية والتعصب والحروب هي التي سوف تسود وانطلاقها سيكون بنبذ الآخر وتوصيفه بأنه إرهابي متطرف، وهذا ما نجده فعلاً في بعض المجتمعات الغربية خاصة عندما يحدث عمل إرهابي أو حتى عمل غير مقبول يؤدي إلى جرائم مباشرة أو غير مباشرة نجد أن هذه التوصيفات تتصاعد لتختفي لغة الحوار وقبول الآخر بمعنى آخر إذا حدث تطرف أو إرهاب من قبل شخص يدين بدين غير ديانة تلك الدولة إن كانت مسيحية أو كان ذلك الشخص ينتمي للدين الاسلامي على سبيل المثال فسوف نجد التهم مباشرة من قبل وسائل الإعلام والسياسيين وذلك المجتمع بأن ذلك العمل ارهابي أما عندما يصدر ذلك العمل ممن ينتمي إلى دين تلك الدولة فنجد أنه يوصف بغير ذلك حرصاً على أبعاد تهمة الارهاب والتطرف عن الدين الذي ينتمي له ذلك الشخص وهذه النقطة حرص عليها الحوار عندما أطلق من قبل المملكة وكذلك من قبل المجتمعات الغربية التي أيدت ذلك مثل إسبانيا في مرحلة معينة بأن تنتفي هذه العنصرية بين الأديان وأتباعها ولذلك القيادات ومنها المملكة على أن تتبنى لغة الحوار على أعلى مستوى سياسي ولذلك قاد الملك عبدالله -رحمه الله- عند زيارته التاريخية للفاتيكان وكذلك لإسبانيا لكي تتبنى الدول والمجتمعات لغة الحوار على أعلى مستوى وبعد ذلك تكلف بها المؤسسات الأخرى داخل كل دولة كالدينية والتعليمية وغيرها لتضع الأسس للحوار وقبول الآخر والثقافات لتنتفي تلك الصفة وأيضا على وسائل الاعلام في جميع المجتمعات دور عظيم بحكم أنها تصل لجميع فئات المجتمع وتستطيع التأثير المباشر وغير المباشر بأن تتبنى لغة الحوار وقبول الآخر وعدم إصباغ أي دين من الأديان بأنه متطرف أو أن اتباعه متطرفون وانما يوصف العمل مجرداً بأنه متطرف ويتنافى مع القيم والمبادئ الانسانية.
ونحن في الدين الاسلامي نؤمن بأن هناك أديان انطلاقاً من قوله تعالى (لكم دينكم ولي دين) وبالتالي نعم هو حوار بين الأديان أو بين الثقافات والحضارات بالمجمل وجميعها لديها قيم إيجابية إلا انه تغلب للأسف المتطرفون على القرارات السياسية والتوجهات الدينية حتى تصاعدت لغة التطرف على حساب لغة الحوار.
د. عبدالله العساف: السينما اليوم صنعت الكراهية بين الشعوب وما يعرف اليوم ب"إسلاموفوبيا"!
وفي محور صياغة خطابات من شأنها أن تظهر الأهمية الدينية لثقافة التعايش واقصاء ثقافة التعصب والكراهية دور كبير وملموس للقيادات الدينية من الدول دور هذه القيادات وحجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم لإيصال هذه الرسالة الإنسانية قال حول ذلك د. عبدالله العساف: أعتقد أنه يندرج تحت ما يعرف بالتحديات فالبعض لا يتقبل حوار الأديان فتغلف بتغليف آخر وهو حوار الحضارات والثقافات للخروج من كثير من التعقيدات لا ترضي بعض الأطراف ولذا فإن قيام الكثير من القيادات المهمة جداً والرموز السياسية والدينية والإعلامية للانصهار في هذا المجال وأعتقد أن ذلك يحمل رسالة للجميع لأن كل واحد من القيادات لديه أتباع في بلده أو حول العالم حيث أن لديه تأثيراً معرفياً والذي يبقى إما التأثير الوجداني فسرعان ما يذهب وهناك التأثير السلوكي والذي ينعكس على الإعلام وصناعة السينما فالسينما اليوم تصنع الكراهية وتناقض خطاب التقارب بين الشعوب وتصنع الكثير من العداوات والصدامات حتى أنها جعلت العالم ينتقل إلى ما يعرف اليوم ب"إسلاموفوبيا" وحتى وان كانت في بداياتها لصالح المسلمين إلا أنها الآن حولت ضدهم أننا بحاجة إلى أن يخلو عدد من الرموز في مكان ما كما في مركز الملك عبدالله للحوار في فيينا ليجتمعوا معا ولعدة أيام لصياغة رسالة عالمية انسانية تنبذ التطرف وتعمق الشعوب بالقيم الانسانية المشتركة وتوجب الإيمان بالمختلفات والفروقات بين الشعوب.
د. خليل الخليل: يجب أن نوجد لنا في المملكة منصات تصنع الحوارات الحقيقية مع الشعوب المختلفة!
وفي اتجاه الحديث عن مستقبل حوارات الأديان والثقافات بين الأمم ذكر د. خليل الخليل: في الحقيقة لست متفائلاً بمستقبل الحوار بين الثقافات والأديان ونتائجه خاصة بعد العدوان على غزة والفلسطينيين وهدم المستشفيات والمساجد والكنائس والأسوأ من ذلك بكثير ما حدث من الغرب في هدم قيمه أعتقد أن العالم اليوم في مفترق طرق وأصبحت الحوارات عقيمة الفائدة إلى حد كبير وأن كانت ضرورية والمطلوب من العرب خاصة والمسلمين حالياً العودة إلى قوتهم الذاتية كل في بلده فبلادنا مستهدفة.
وما نراه اليوم من الدعم غير المحدود لإسرائيل في عدوانها والتردد الغربي في إيصال الغذاء والدواء لأطفال غزة في ظل القتل البشع حيث إن 70 % من الذين قتلوا في غزة من الأطفال والنساء.
أصبح الآن خاصة العرب والمسلمين والشرفاء يقولون نحاور من؟ ومن الذي سيقود الحوار في العالم؟ في ظل اشكالات موجودة فمثلا في الولايات المتحدة الأميركية تأتي من أجل الانتخابات إضافة إلى وجود عنصرية بشعة ضد العرب والمسلمين في ألمانيا مثلاً ومخاوف من انتشار الإسلام بينما نجد أن الإسلام ينتشر بشكل ذاتي فتعداد المسلمين ملياران تقريبا 50 % منهم يعيشون كأقليات في الدول الغربية والشرقية فما سيفعل الغرب بهم؟ هل سيهجرهم مثلاً.
لذا لا أجدني متفائلاً كثيراً وأن كنت أرى أن الحوار ضرورة ويجب أن نوجد لنا كعرب ومسلمين خاصة بلادنا منصات توصل رسالتنا وتصنع الحوارات الحقيقية ليس بالضرورة مع القيادات السياسية بل تكون منصات حوار مع الشعوب.
أ. سالمة الموشي: المملكة استخدمت القوة الناعمة لتعزيز صورتها الدولية وتأثيرها عبر الدبلوماسية والتفاوض!
وعن تأثير القوة الناعمة واستخدامها كمفهوم صاغه جوزيف ناي من جامعة هارفرد بوصفها القدرة على الجذب والضم دون الإكراه في الآونة الاخيرة تم استخدام هذا المصطلح للتأثير على الرأي الاجتماعي من خلال قنوات أقل شفافية للضغط على المنظمات السياسية وغير السياسيين هل يبقى هنا الصراع ديني بغلاف سياسي وإمكانية مساندته عملية تحقيق السلام العالمي قالت أ. سالمة الموشي: بالنسبة للقوة الناعمة كان اختيار كتاب جوزيف ناي القوة الناعمة اختياراً موفقاً ويعد من أهم الكتب وهو صاحب مقولة مهمة جداً هي التي جذبتني للكتاب عندما تتمكن من جعل الآخرين يعجبون بمثلك ويريدون ما تريد فانك لن تضطر لإنفاق كثير على العصا والجزرات والكتاب أساساً يتناول الثقافة الأمريكية ونظام القوى الناعمة في أمريكا ولكن لا يمنع أن نلقي الضوء عليه ونربط بين القوة الناعمة في مفهوم جوزيف ناي والقوة الناعمة في شكلها الإجمالي أن القوة الناعمة لها في اعتقادي أنها تعمل على مستويين المستوى الفردي وهو على مستوى الأشخاص والمستوى الدولي وهو على مستوى الدول والمؤسسات الدولية أما المستوى الفردي فإنه يعد مضمار وملعب القوة الناعمة التي تعمل على محرك الثقافات والأديان والتراث ومن هنا انطلقت المملكة إلى تعزيز فكرة توجه القوة الناعمة لما وجدت فيها من قوة بإمكانها أن تكون موازية للقوة الصلبة (العسكرية والاقتصادية).
المملكة استخدمت القوة الناعمة لتعزيز صورتها الدولية وتأثيرها في الساحة من خلال أداة فاعلة وهي الدبلوماسية والتفاوض.
وأيضاً تقدمت المملكة عالمياً خمسة مراكز على مؤشر "براند فاينانس" للقوة الناعمة العالمية لعام 2023 وهذا حدث قريب جداً خاصة أن العمل على القوة الناعمة حاضر منذ سنوات واحتلت المركز 19 عالمياً من بين 121 دولة في هذا المجال حيث تفوقت من جهة الجهود الجبارة التي تبذلها عبر مراكزها ومنها مركز الملك عبد الله للحوار بين أتباع الأديان والثقافات.
المملكة استخدمت القوة الناعمة عبر مرتكزات وهي الثقافة والتراث وهذا الأمر نجح بشكل كبير عبر السياسات والقيم حيث عملت على تعزيز قيم التسامح والديموقراطية وكذلك التعليم والبحث العلمي حيث أعادت النظر في الكثير من المناهج التعليمية التي تنتقد الآخر وأخيراً الدبلوماسية العامة والتي عملت عليه القوة الناعمة بشكل كبير.
د. إبراهيم النحاس: بديل الحوار هو الصراع وبديل الجلوس على طاولة المفاوضات هو الوقوف للمواجهة!
ننتقل إلى الحديث عن وحدة الاختلاف وهو مبدأ انطلقت منه أعمال قمة الأديان لمجموعة العشرين تحت شعار إبراز الدين مصدراً للحلول العالمية باعتبار تأثيره الروحي في المجتمعات ذكر د. إبراهيم النحاس: بالتأكيد ما تذهب إليه المجتمعات الدولية من أهمية الحوار سواء على مستوى الدول أو المنظمات الدولية في غاية الأهمية لأن بديل الحوار هو الصراع وبديل الجلوس على طاولة المفاوضات هو الوقوف في مواجهة بعضهم في ميادين المعركة وبالتالي ما تذهب إليه هذه المجتمعات هو غاية في الأهمية سواء في المجالات الدينية أو غيرها.
وقد قلت بداية إنه قرار سياسي والسياسيون هم الذين يضعون الأسس ويسمون من يذهبون إلى الحوار ومن يقف أمام الآخر.
دعيني أضرب أمثلة عن أهمية الحوار فعندما نتحدث عن أن الحوار أشبه ما يكون بالدبلوماسية في الوقت الذي نجحت فيه الدبلوماسية في التقارب بين الدول وتعزيز المصالح المشتركة وإقامة علاقات متميزة بين جميع دول العالم دون استثناء خاصة تلك التي تقيم علاقات بين بعضها البعض وذهبت الشعوب للزوار فيما بينها بقصد السياحة أو غير ذلك لم ننجح في مستويات الحوار سواء من قبلنا في مجتمعاتنا تجاه الآخر أو من قبل الآخر تجاه مجتمعاتنا لأن السبب الرئيس هو عدم قدرتنا على اختيار الأشخاص المناسبين للتفاهم مع الآخر وكذلك الأمر عند الاخرين الذين لم يحسنوا اختيار ممثليهم في التفاوض وإنما اختير من يتمسك بفكرته ووجهة نظره على حسب القيم الأصيلة التي جاءت بها الأديان وبالتالي ما تدعو إليه المجتمعات الدولية على مستوى السياسات هو الإيجابي إيمانا من تلك الدول والمجتمعات بأن البديل هو ما نشاهده على أرض الواقع المتمثل بالصراعات ولذلك قد لا أتفق مع الزملاء الكرام في عدم التفاؤل إذا ألغي التفاؤل وذهبنا بعيداً في اتجاه اللاتفاؤل يعني ذلك الصراع والصراع المستمر وسنعود إلى مرحلة الصراع الديني والصراع الثقافي والحضاري الذي لن ينتهي قد تكون هناك اطروحات سلبية في بعض المجتمعات الغربية والمجتمعات الشرقية إلا أنها يجب إلا تتفوق على التفاؤلات خاصة أن معظم شعوب العالم تؤمن بقبول الآخر ومعظم سياسي العالم كذلك وبالتالي لا تترك الساحة لقلة من المتطرفين وداعي الكراهية ونابذي السلام لأننا حينها سنعود مجدداً إلى العصور الوسطى وعصور الظلام نتيجة هذه الصراعات وسأضرب أمثلة بهذه الأزمة الاخيرة عندما نجد بعض الأصوات السلبية حتى من المجتمعات الغربية بأنها حرب دينية ووجهت هذه الصراعات من قبل شعوبهم بأن يجب ألا تكون بهذه الصفة الدينية وكذلك ووجهت من قبلنا هنا بل هي صراعات سياسية واختلافات على المصالح.
د. عبدالله العساف: نثمن دور المملكة في زراعة البذرة الأولى لحوار الأديان والمضي قدماً رغم أنه حوار نخبوي!
وقال د. عبدالله العساف حول منتدى الأديان الدولي وباعتباره مشاركة استثنائية للمملكة تجلت فيها القيادة الإسلامية والحضور والتأثير العالمي لوثيقة مكة المكرمة في صناعة التحالفات يأتي مقياس الأثر لإقامة مثل هذه المنتديات في سبيل التغيير واستمرار النمو الإدراكي لمختلف الثقافات والتقاليد والأديان حيث قال: مع تثمين دو المملكة في زراعة البذرة الأولى لحوار الأديان والمضي قدماً ولا يكاد يخلو حديث سياسي سعودي مع العالم الغربي ونجد إبرازاً لقضية الحوار بين أتباع الأديان هذا يقودني إلى ما قاله الاستاذ خالد الربيش وأنه فعلاً حديث نخبوي وبين علماء ونخب فكرية وسياسية لهذا رأينا وثيقة مكة واجتماع مكة واجتماع الدوحة واجتماعاً في الجزائر وكلها تتمحور تقريبا حول هذه النقطة لكن ما الفائدة؟ هل العالم الغربي والطرف الآخر أقتنع وغير سلوكه ورؤيته وتجاوبه مع المسلمين؟ أنا في اعتقادي الجواب: لا فنحن كنا -للأسف -الحلقة الاضعف لقد غيرنا الكثير سواء في مناهجنا أو تفكيرنا أو إعلامنا حتى نظهر للآخرين بأننا أكثر حضارة وتفاعلاً مع القيم الغربية وليس القيم الانسانية في مقابل رفض الغرب لأي قيم تصدر من الشرق وكما قال هينجتون: إن الشرق شرق وأن الغرب غرب ولا يمكن أن يلتقيا.
د. خليل الخليل: ما يحدث من قوة للأقليات المسلمة يعد قوة للمملكة!
وضح د. خليل الخليل عن كتلة بناء أسس التفاهم والتسامح في توحيد طريق مشترك يجمع كافة الثقافات المختلفة في إطار القبول الذي تتميز به المملكة في احترام التنوع والاختلاف حيث قال: في تقديري لابد من جهد فكري وبحوث تقوم على تأصيل أسس الحوار وأساس الحوار لا يعني إقناع الآخرين أبداً بل يعني التعريف بالقيم والمشتركات ويكون ذلك متضمناً الحضور في الساحة لأن هناك من يريد إلغاء هذا الحضور نهائياً.
ولذلك أحد الكتاب الأمريكيين قال في كلمة: "إن ما قامت به الأقليات المسلمة في الغرب أكثر مما كانت تحاول أن تقوم به القوات العثمانية آنذاك لأنها عبرت البحار حيث كانت هناك خطة لمنع عبور المسلمين للمحيطات والذهاب لأوروبا وأميركا ولو أخذنا المعادلة الثقافية نجد أن تعداد المسلمين أصبح واضحاً في المستشفيات والجامعات والشركات والمراكز وهذه بالنسبة للمملكة قوة ناعمة وحقيقية ومن حكم رعايتها للحرمين الشريفين والمسلمين يتوجهون إلى مكة خمس مرات في اليوم ويحجون ويعتمرون فبالتالي ما يحدث من قوة للأقليات المسلمة يعد قوة للمملكة وأن كان للأسف لا يوجد تواصل بين الجاليات المسلمة والدول الإسلامية بل وأحياناً هناك شكوك وعداوات فيما بينهم لكن من المفترض اليوم إعادة النظر بالأسس والقوى الناعمة التي تسهم في الحفاظ على وجودنا، لكن هناك (الإسلاموفوبيا) ودعوات العنصرية، ورغم ذلك فإن الحق باق لذلك الحوار سيبقى. وهذا في اعتقادي ظاهرة جديدة ويجب أن تعزز من قيمة الحوار عن طريق إبرازه عن طريق الجامعات والمساجد والكنائس والمعابد وعن طريق العلماء والأطباء وغيرهم، فهناك سبل أخرى يمكن أن تعوض عن بعض الحوارات التي أخفقت كما ذكرها الزملاء.
سالمة الموشي: الإنسان بدأ في تعزيز فكرة الإنسانية وشمولية الإنسان وأنه الأحق بالحياة من الصراع!
أ‌. سالمة الموشي وصفت الحاجة الملحة لأهمية تعريف الآخر بالمشتركات التي تجمع الأديان العالمية والقضاء على الجهل والتمييز والتطرف للحد من الصراعات الإنسانية أ. سالمة الموشي قائلة: إني متفائلة بشأن الحوار ولست متشائمة بأن الصراع سيستمر ولن يتوقف وأعتقد أن الإنسان إذا قرأ صيرورة التاريخ سيتأكد ويتقن أن الصراع بين الحق والباطل من المنافية والدين الأول والدين الثاني وبين الجيل الأول والجيل الثاني، فهي الثنائيات من الصراعات لا تتوقف ولكن يظل الرهان على أن يقفز الإنسان من فكرة الثنائية إلى الإنسان الواعي بقيمة الإنسان وأن يتجاوز فكرة الأديان والثقافات والعرقية من وهذا في هذه المراحل المتقدمة في الحضارة البشرية بدأ الإنسان في تعزيز فكرة الإنسانية وشمولية الإنسان وأنه الأحق بالحياة من الصراع ومن أجل وعيه ومن أجل الثنائية العرق ومن أجل الديانة، وأجد تقدماً كبيراً في هذا المجال في المملكة وذلك من خلال مركز الملك عبدالله للحوار بين أتباع الأديان والثقافات
"كايسيد" وملتقى الحضارات وحوار الأديان، فكل هذه المنظومة بدأت تعمل على البنية التفكيكية للقيم المتشددة والمتطرفة التي خلقت إنساناً لا يفكر خارج الصندوق، ويفكر بأنه الفئة الناجية فقط، فهذه الفئة الناحية والتميز إلى دين أو قبلية هو ما يحدث الصراعات ويقفز على المشتركات التي من الممكن أن تقارب بين الشعوب والحضارات والأديان.
د. إبراهيم النحاس: شعارنا دائماً الحوار!
د. إبراهيم النحاس أكد أن الحوار بين الأديان كونه يتطلب تسمية يفترض أن تتجاوز النظرة الضيقة للانتماءات الدينية الحضارية أو الرسالة أو العرقية، بمعنى إذا صدر عمل إرهابي من شخص يفترض أن يسمى ذلك بالعمل الإرهابي بغض النظر عن هوية أو دين أو لغة أو انتماء ذلك الشخص، إلا أنه في الواقع لا يسمى بإرهابي عندما ينتمي إلى دين معين مقابل دين آخر وقال في هذا الاتجاه: نعم، هذه تتصاعد ودائماً في وقت الأزمات وأدت إلى الاستهدافات المباشرة ولاحظناها في الأزمة الحالية وحتى في أزمات سابقة، ولو استشهدنا بالحادثة التي جرت في نيوزيلندا عندما توجه ذلك المتطرف المنتمي لغير الدين الإسلامي إلى أحد المساجد واعتدى على كثير من المسلمين فيه، حينها لم تسمَ تلك الحادثة بأنها إرهابية، وحتى لو حدث عملية من هذا النوع فإنها توصف بالإرهابية لمجرد الشبهة بالفاعل أنه مسلم أو من منطقة الشرق الأوسط حتى إذا تبين لهم أن الفاعل غير ذلك تراجعوا عن وصف العملية بالإرهابية، وتوصف بأوصاف أخرى. ولذلك نحن في المملكة المسؤولية التي أخذناها على عاتقنا ببداية الحوار والوصول للآخر وشاركنا في ذلك بعض أبناء تلك المجتمعات الغربية مسألة في غاية الأهمية وعلينا الدفع بها قدماً، ويجب ألا نصاب بالإحباط، والتكامل ويجب أن يكون شعارنا دائماً الحوار. والحوار متعدد الأوجه ومتعدد الأدوات.
قد تكون أوجهه سياسية أو اقتصادية أو رياضية أو ثقافية أو إعلامية، وتكون أدواته في الوسائل المتخذة من الحكومات للوصول إلى الآخر إما بالمساعدات الإنسانية والمعونات وإقامة الفعاليات، وبالتالي فإن الحوار ليس بجانبه الديني فقط يمكننا من تغيير وجهة نظر الآخر، وكذلك الآخرون يتبنون التوجهات الإيجابية ما أريد قوله إن توصيف الآخر بالنسبة لنا يجب أن لا يجعلنا نتوقف عن مواصلة السير مهما كانت سلبية من الآخرين تجاهنا لأن البديل هو أن نحمل السلاح -كلانا وعندها لن نصل إلى نتيجة. وفي ذلك تطبيق لما عمل عليه رجالات الإسلام خلال التاريخ بداية بالرسول -صلى الله عليه وسلم- والمنهج الذي أمرنا الله من خلاله بالتعامل مع الديانات الأخرى إلا عندما استخدموا السلاح وعدا ذلك يجب علينا استخدم السلام، فهذا المنهج لما هو عليه القرآن الكريم والسنة النبوية وهو المنهج الذي ينفذ في المملكة منذ عهد الملك المؤسس وجب أن نسير على ذلك في حوارنا مع الآخر حتى نحقق ما يخدم الإنسانية وينشئ المجتمعات التنشئة الإيجابية، لأن البديل هو التطرف في الداخل كما يأتي من الخارج.
بعد ذلك بدأت مداخلات الزملاء وذلك على النحو الآتي:
رئيس التحرير أ. هاني وفا (مداخلة)
لدي تساؤل للضيوف الكرام دائماً ما نرى الدعوات للحوار تنطلق من العالمين العربي والإسلامي دون أن نجد دعوات مماثلة من العالم الغربي هل نحن أحرص على الحوار من الغرب؟ هل العالم الغربي لا يهمه الحوار لأنه مركز القوة حيث يمتلكون إمكانيات تخولهم على عدم الحوار وتنفيذ قراراتهم دون العودة للحوار؟
د. النحاس: الأديان الأخرى لا تملك القيم الأخرى التي نتشارك معها من منطلق ديني!
د. إبراهيم النحاس لعلي أجيب عن ذلك بنقطتين رئيسين: النقطة الأولى: الدين الإسلامي ومبادئه الأصيلة وقيمه حثنا على قبول جميع الأديان الأخرى فنحن نقبل اليهودية والمسيحية ونؤمن بأنبياء بني إسرائيل.
ومن هذا المنطلق نؤمن بأن للآخر دينه ولديه ثقافته وأنبياؤه فقبوله مبدأ أصيل لدينا لا يمكن أن نتجاوزه مهما اختلفت وجهات نظرنا مع الآخر فقد نختلف على التصرفات بينما لا نختلف على القيم.
أما الآخر فلا يؤمن بالدين الاسلامي انطلاقاً من أن اليهودية لا تؤمن بالمسيحية والإسلام والمسيحية لا تؤمن بالإسلام وبالتالي فهم يرون الآخر أن ليس لديه القيم التي تتشارك معهم وهذا هو المنطلق الديني.
أما المنطلق الآخر فهو ما أشرتم إليه أي القوة التي تملكها المجتمعات الغربية سياسية كانت أو اقتصادية أو عسكرية جعلتهم ينظرون إلى أنفسهم بأن الآخر بحاجتهم وهم ليسوا بحاجة الآخرين وبالتالي يفرضون ما يشاؤون والاتجاهات التي يريدون انطلاقاً من حاجة الآخر إليهم وبالتالي يستطيعون فرض ما يشاؤون سواء سياسياً أو اقتصادياً وحتى المسائل المتعلقة بالقدرات الأمنية والعسكرية وكما نشاهد في هذه المجتمعات وشاهدنا كذلك في مرحلة ما التفوق الحضاري بمستوياته التقنية والتكنولوجية حيث يستطيعون تسويق ما يشاؤون من وجهة نظر للآخر بينما الآخر لا يستطيع تسويق تلك الوجهة لأن القدرات التي يمتلكها ليست بالمستوى ذاته لدى الغرب.
أ. خالد الربيش (مداخلة)
لدي تساؤل يميل إلى الجانب الإعلامي أكثر فمنذ أن بدأنا نسمع عن حوار الأديان تكوّن لدي انطباع أنه حوار نخبوي لا ينعكس بأي شكل من الأشكال على أرض الواقع والدليل كل النتائج التي نراها اليوم من تعزيز اليمين المتطرف وانتشاره في أوروبا وإضافةً إلى مفرزات عديدة منطلقها بالدرجة الأولى الجانب الديني فهل تتفقون معي بأن هذا الحوار حوار نخبوي بين فئات معينة لدى أتباع الأديان؟
د. العساف: نحن نتحاور مع الآخر ونقدم كل ما لدينا مع مثقفيهم وقساوستهم ورهبانهم والحوار ينتهي داخل قبة المجالس!
د. عبدالله العساف أنا أشاطرك الرأي وأشاطر د. خليل بعدم التفاؤل وأربط سؤالك بسؤال الأستاذ هاني نعم لأنهم أقوياء وأصحاب القدح المعلى في القوة والإعلام وصناعة السياسات توجيه والنظام العالمي.
نحن نتحاور معهم ونقدم كل ما لدينا مع مثقفيهم وقساوستهم ورهبانهم وجميع شرائحهم وتنتهي داخل قبة المجالس والاجتماعات لكن في التنفيذ الواقعي للنتائج فإن الأمر مختلف تماماً فهناك اليمين واليمين المتطرف والسياسات وأجندات معينة وحكومات خفية وحكومات عميقة وكل دولة لها سياسة وأجندة تريد فرضها على الآخر وبالتالي تسقط جميع تلك الأطروحات النخبوية التي ذكرتها.
أ. عبدالله الحسني (مداخلة):
الندوة عنوانها عريض وتحتاج إلى وقت طويل لما فيها من التداخلات والتشعبات ما تستحق وقفة متأنية وطويلة، أبدأ من حيث بدأ رئيس التحرير في تقديمه حيث أشار إلى نقطة مهمة وهي عدم جدوى هذه الجهود في إشاعة قيم التسامح والحوار والتواد والمشتركات الإنسانية خصوصا جهود المملكة من جهة إنشاء مراكز الحوار العالمي فجميعها لم تثمر شيئا على أرض الواقع بدليل الواقع الشرس المتغول الذي نعيشه وآخرها أحداث غزة ورأينا أن الغرب لا يؤمن بقيم الحوار وإنما يعتمد على لغة قوة وهي الصوت الصادح وأعتقد أن الحوار نوع من العبث في ظروف كهذه من قتل وإجلاء وتهجير.. إلخ.
وهذه الإشكالية قد تنبه لها كُتاب الغرب أيضاً فهناك كاتب نمساوي ستيفان سافايش من كثرة ما رأى في الحرب العالمية الثانية من فظاعات القتل والتدمير انتحر هو وزوجته حرقاً بالغاز وكتب كتاباً مهما يقول فيه إن هذا العصر الذي نعيشه هو عصر هزيمة العقل ففعلاً الآن العقل غير موجود وكنا نحلم أن يكون الحوار بين الأديان والحضارات واقعاً لكن كل ذلك سقط ولعلها نبوءة تنبأ بها كاتبهم الأمريكي صموئيل هنتجتون في كتابه صراع الحضارات وهو الرأي نفسه للدكتور عبدالله والإخوة حيث قال إن الصراع ليس صراع أديان بل هو صراع ثقافي.
أتفق مع الدكتور خليل في استنتاج مهم حين قال إننا الآن في مفترق طرق صحيح ذلك لأن لغة الحوار معدومة ولا يوجد ندية في توازنات الأمور واتفق أيضاً مع دعوته أنه آن الآوان بوجود التفاف عربي وليس محلي فقط حول السعودية باعتبارها المركز والمحور الذي يقود قاطرة العرب نحو السلام رغم أننا لا نجد بعضهم متناغمين مع المملكة حتى يدفعوا هذه الجهود في تعزيز الحوار.
د. الخليل: المملكة قادرة أن تهيئ الأجواء لإقامة حضارة عربية وإسلامية تنطلق من قوتها الذاتية
د. خليل الخليل قال: لابد أن نعيد النظر في كل القيم التي كانت تطرح في القرن الماضي كالليبرالية وغيرها فالعالم حقاً في مفترق طرقاً سياسياً واقتصادياً وايديولوجياً والدولة الوطنية أصبحت الى حد كبير غير قادرة أحيانا في تلبية بعض الاحتياجات لكن كان هناك زعامة سياسية وكان هناك قطبان ثم أصبح قطب والآن يوجد أقطاب وهذه الأقطاب في اعتقادي أنها فشلت في الوقت الحاضر في إدارة العالم وهناك تشكل لعالم جديد والسؤال ما هو موقعنا نحن خاصة في الجزيرة العربية وباقي الدول العربية في هذا النظام العالمي الجديد من ناحية القيم الإسلامية التي لدينا والثقافة ونحتاج في واقعنا الجديد من أجل أن نثبت وجودنا ونحافظ على مكتسباتنا إلى قوة اقتصادية ودعم الإبداع والبناء والصناعات والاكتفاء ما أمكن خاصة إن العالم العربي والإسلامي لديه موقع حيوي مهم في العالم إضافة إلى الثروات من نفط وغاز وغيرها وهذا الأمر يحتاج إلى قيادة وأعتقد أن المملكة قادرة أن تهيء الأجواء لإقامة حضارة عربية وإسلامية تنطلق من قوتها الذاتية أولاً ثم إنهاء النزاعات التي نراها فيما بيننا، وبالتالي فان القيادة السعودية عليها مهمة كبيرة والمستقبل لأمتنا مرتبط بالمملكة.
د. عبدالله العساف (تعقيب)
أعتقد أن لدينا مشكلة، واليوم في أحد معاقل الإعلام، وهي الغرب تحديداً ألا وهي قضية خلط الرأي بالخبر، كقول: وقع الساعة العاشرة صباحاً في بروكسل حادث تفجير فإلى هنا هذا خبر وإذا أكملوا قائلين.. "ويعتقد أضاف شهود عيان أن منفذ العملية ملتحي وذو ملامح عربية" « فهذا خلط متعمد، بالإضافة إلى مسألة الإسلاموفوبيا والتي نشأت كطمأنة من فرنسا لجنودها في المستعمرات الإفريقية التي احتلتها بأن المسلمين بشر مثلكم ويجب أن يتعاملوا معهم بكل ثقة واحترام، إلى أن انقلب هذا المصطلح إلى ضد المسلمين بعد سقوط الاتحاد السوفيتي وأصبحت ذريعة للاعتداء على المسلمين وكمثال على ذلك ما ذكره الزميل ابراهيم عن (حادثة نيوزيلندا) التي بررت بأن منفذها مريض ولديه فوبيا من الإسلام والمسلمين وتصوروا لو حدث العكس في استراليا.
خاتمة الندوة
حوار الأديان والسياسات المنفتحة والتعصب الديني من خلال حوار الأديان. مشتركات التعريف بالآخر في المجتمعات الإنسانية. استخدام الدين ليس مبرراً للعنف. القادة الدينيون. القوة الناعمة وأثرها في السلام العالمي؛ كانت هذه أبرز المحاور التي تطرقنا لها في هذه الندوة.
ضيوف الندوة
د. إبراهيم النحاس
د. عبدالله العساف
سالمة الموشي
د. خليل عبدالله خليل
حضور الندوة
هاني وفا
خالد الربيش
صالح الحماد
نوال الجبر
عبدالله الحسني
سليمان العساف


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.