وافق مجلس الوزراء السعودي بجلسته المنعقدة يوم الثلاثاء ما قبل الماضي على إنشاء هيئة تُعنى بشؤون التأمين تحت مسمى "هيئة التأمين". القرار جاء مواتياً في ظروف يشهد فيها قطاع التأمين نمواً ملحوظاً وتحسنناً في الأداء المالي بحسب التقرير السادس عشر، الصادر عن البنك المركزي السعودي "ساما" الذي أُبرز تطورات ونتائج القطاع خلال عام 2022، إضافة إلى نتائجه المالية، ومساهمته في الناتج المحلي للمملكة. بحسب ما ورد بالتقرير، شهد القطاع نموًا بلغت نسبته 26.9 % في عام 2022 لتبلغ قيمة إجمالي الأقساط المكتتبة 53 مليار ريال. وأوضح التقرير بلوغ أرباح القطاع 689 مليون ريال خلال ذات العام مقارنة بصافي خسارة بلغت 47 مليون ريال في عام 2021 نتيجة للتحسّن الذي طرأ على دخل عمليات التأمين. وأشار التقرير إلى ارتفاع نسبة التوطين في شركات التأمين التي بلغت 79 % مقارنة ب 77 % في عام 2021. رغم التطور الذي أبرزه التقرير في الأداء العام للقطاع خلال العام الماضي، إلا أن الحاجة أصبحت ملحة لإنشاء هيئة متخصصة لتنظيم القطاع وتطوير أدائه المالي بشكل أفضل مما هو عليه واقع الحال، سيما في ظل تضخم القطاع مالياً وإدارياً وتنظيماً وهيكلياً، حيث يبلغ عدد شركات التأمين حالياً 27 شركة، في حين وصل عدد الشركات الأخرى التي تُقدم خدمات تأمينية مساندة قرابة 200 شركة، كشركات وساطة التأمين، ووكلاء التأمين، وشركات إعادة التأمين ووساطة إعادة التامين، وشركات الخدمات الاكتوارية وغيرها من الشركات. يُعول على إنشاء هيئة تُعنى بشؤون التأمين بالمملكة، أن تسهم بشكل فاعل في تطوير أداء القطاع التامين في المملكة من حيث المؤشرات المالية، التي لا تزال متواضعة مقارنة بحجم الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، الذي تَخطت قيمته بالعام الماضي حاجز التريليون دولار، حيث على سبيل المثال، أظهر التقرير الصادر عن البنك المركزي السعودي أن عُمق القطاع الذي يقيس قيمة الأقساط المكتتبة إلى إجمالي الناتج المحلي 1.28 % في عام 2022 في حين أن المعدل العالمي يصل إلى 7 %، كما وأظهر التقرير قيمة أو معدل كثافة التأمين الذي يقيس إنفاق الفرد عل التأمين بمبلغ 1564 ريالا (417 دولارا أميركيا)، في حين أنه يصل إلى 874 دولارا أميركيا عالمياً. القطاع يُعاني من تركز الخدمات في منتجين هما: فرع التأمين الصحي وفرع التأمين على المركبات، حيث بلغت نسبة التركز بهذين القطاعين نسبة 79.1 % والنسبة المتبقية توزعت على باقي القطاعات بنسب ضعيفة للغاية، حيث على سبيل المثال، بلغت حصة التأمين على الحماية والادخار وعلى التأمين البحري وعلى الطيران، 3.5 % و1.3 % و0.4 % على التوالي. كما أن أكبر ثماني شركات التأمين بالقطاع استحوذت على 77.5 % من إجمالي أقساط التأمين المكتتبة في سوق التأمين في حين استحوذت بقية الشركات والتي يبلغ عددها 19 شركة على النسبة الباقية. يتوقع من الهيئة أن تعزز من قيمة حقوق المساهمين التي تتراوح حالياً ما بين 50 و100 وأكثر من 500 مليون ريال لتتمكن من تحمل المخاطر المحتملة. أخيراً وليس آخراً، يُعول على الهيئة، توحيد المرجعية التشريعية والتنظيمية لقطاع التأمين التي تتقاسمها حالياً جهتان هما: البنك المركزي السعودي ومجلس الضمان الصحي، وكذلك المحافظة على مصالح المؤمن عليهم وحملة الوثائق، وتجويد الخدمات، والتحسين من كفاءة التشغيل، والتنويع من قاعدة المنتجات، وخلق كيانات تأمينية واعدة قادرة على المنافسة والنمو ودعم استقرار القطاع، بحيث يصبح ركيزة أساسية للاقتصاد الوطني، يعزز من منظومة إدارة المخاطر ويكون قادراً على مواكبة تطورات صناعة التأمين عالمياً.