ما حاجتنا للاهتمام بالبعد النفسي والروحي؟ فينبغي أن يكون الإنسان وفياً لمشاعره ومصداقيتها أكثر من وفائه إلى أي شيء آخر. ففي عصر الوسائط التعليمية والاتصالية تتجلى الحالة الشكلية للإنسان عندما يحب، فتتجلى الحالة التآلفية ما بين الروح والشكل، وكأن كل شيء يقع نحو الأعلى وليس الأسفل، هي مشاعر ملتوية حنونة متبوعة بنبضات لينة تؤلف نغمات متراصّة تؤدي إلى حالة ابتهالية تتجلى في حركة السلام الداخلي. والحب يشدّ الإنسان نحو النهاية يوقظ فيه أكداس الشوق، فالعلاقة بين القلب والعقل هي علاقة كسر عظم، والاشتغال على المعمار العقلي والقلبي المتمثل بالمشاعر تعطي قدرة هائلة على الوصول لمرحلة التوازن والوصول لمرحلة الحب والتقدير مع استحضار العقل، فالحب هو عصب الحياة الذي لا نستطيع أن نعيش بدونه، فتشوا حولكم ستجدون أنكم لا تهدأ نفوسكم ولا ترتاح أرواحكم إلا عندما تمارسون أو تتعاملون مع شيء تحبونه، فالحب يبدأ دائماً من آخر ضوء عند منعطف النفس المشبعة بالتفاؤل، والدرس الذي يجب أن نتعلمه أننا إذا أردنا الحب يجب أن نكون محبين لا متحدثين عن الحب فحسب. ألا أنك لا تستطيع إجبار الآخرين على حبك أو العودة لك، ولكن حتماً ستجبرهم على التفكير بك وبمشاعرك التي تفيض تجاههم وتحرك بداخلهم ألف سؤال وسؤال، وبعدها سوف يبدأ نهر المشاعر بالتدفق وحتماً سيقتلع تلك الصخرة العالقة بينكم، هذا الأفق من التصالح المشاعري مع الأخذ في الاعتبار تأثير المرجعيات النفسية والاجتماعية والثقافية يقتضي النظر إلى الأسس التي بنيت عليها أفكارنا ومعتقداتنا تجاه الحب والمشاعر، وإذا كانت المشاعر تجسد نواة الجسد فإن ذاكرة القلب وأقصد بها التراكم المشاعري الذي رُهِن على بقائه وامتداده من الطفولة بمعنى الصيغة الأولية للمشاعر والتي يحتفي بها العقل وتظهر مع كل موقف، ثم يأتي التوجه الإيديولوجي لهذه المشاعر التي تقود الإنسان دون وعي منه، لأن البعض منا علاقته مع نفسه عدائية، فهو يحس أنه محكوم بالضياع، فيكبله الخوف، وعندما يخاف بالتأكيد سوف يخسر كل شيء، فيدرك مدى هشاشة الحياة بداخله لأنه وضع افتراضات سلبية قد لا تحصل له أبداً، وهذه الشخصيات عادة تكون لا تؤمن بوجود المشاعر والحب ولا بأهميتها في الحياة فيقعون في شرك الشك وعدم الثقة بالآخرين، وهذا لا يفتح قلوب الناس بل يغلقها. إن كل مرحلة في حياة الإنسان تحتضن من داخلها بوادر القطيعة والتجديد التي تتطلب زمناً لترسيخها والاستمرارية في بناء التواصل بين الروح (المشاعر) والعقل لتجسير حالة التلقي الفاعل والمنتج للوصول لمرحلة التوازن النفسي. "أحبك.. حتى يتم إنطفائي بعينين، مثل اتساع السماء، إلى أن أغيب وريداً وريداً، بأعماق منجدلٍ كستنائي، إلى أن أحس بأنك بعضي، وبعض ظنوني.. وبعض دمائي، أحبك"، (نزار قباني).