ترجّل معالي الشيخ سعد الناصر السديري عن صهوة جواده، تاركاً إرثاً من القيم والمبادئ والإخلاص والأمانة لوطنه، مخلّفاً حباً وتقديراً في قلوب مواطنين عايشوه وعاشروه، فكانت رحلة عطائه الممتدة علامة مضيئة في العمل الخدمي التنفيذي والإداري، ملهماً لقاعدة الثقافة والمثقفين في محافظته الغاط والأماكن التي عمل بها – وما أكثرها – ناشراً ثقافة الخير والعمل الخيري التطوعي، باذلاً كل غال ونفيس في خدمة وطنه وأهله وعشيرته، داعماً الفقراء والمحتاجين بحب وتفان عظيمين. تلك الشخصيات المؤثرة وإن رحلت جسداً تظل باقية أعمالها في قلوب الناس، مثمنة عطاءه غير المحدود، ومآثره الطيبة، وليست كلماتنا لرثائه، بقدر ما هي اعتراف بقيمته الإنسانية والعملية والخدمية، ومكانته في قلوب المواطنين الذين اقترب منهم فاقتربوا منه، وبادلوه حباً بحب، وتقديراً بتقدير.. فقد كان بحق رجل دولة من طراز فريد.. كان الراحل "سعد الناصر السديري" طاقة هائلة في العمل والإخلاص حتى آخر نفس قبل صعود روحه الطاهرة إلى بارئها، لتنتهي مسيرة عطائه، وتبقى سيرته العطرة باقية في قلوب من أحاط به وعمل معه أو عملوا معه بقدر عطائه وتضحياته، وإصراره على النجاح والمواجهة والتحدي.. فقد كان – يرحمه الله - مدرسة فكرية كبرى متكاملة الأبعاد والزوايا، وموسوعة سياسية شاملة طبعت بصماتها المؤثرة في كل مكان، وتركت آثارها العميقة في كل بقعة خدم فيها وطنه وأهله. "سعد السديري" قامة تعرف قيمة الوطن وإرثه الثقافي، وتاريخه الإسلامي العريق، وحضارته الخالدة، والفضيلة التي أرسى دعائمها عمل دولة فتية مثل المملكة العربية السعودية، معتزاً بتلك الأعمال وداعماً لها في محافظته أو الأماكن التي خادم فيها أهل البلاد وأبنائها والمقيمين في ربوعها، فكان يحظى بتقدير ومحبة من الأمراء والمسؤولين والمواطنين على السواء. لا يمكن أن نختزل مسيرة السديري الذي ولد 1358ه في محافظة الغاط - ونشأ فيها ودخل كتاب «ابن منيع» لحفظ وقراءة القرآن فقط مبكراً، ودراسته بكلية الحقوق في جامعة القاهرة، شغله سابقاً عدة مناصب حكومية، منها أمير منطقة المدينةالمنورة بالنيابة، ثم وكيل لوزارة الداخلية وأمين عام مجلس الأمن الوطني ومستشاراً لوزير الداخلية، وأيضاً ترأس مجلس إدارة نادي أحد طوال 12 عاماً قبل انتقاله إلى العمل بوزارة الداخلية- في تلك الحقبة الزمنية، بل نتعداها إلى ما تركه من فضائل وإرث حقيقي من العطاء والمثابرة والنجاح.. رحمه الله رحمة واسعة، وألهم أهله وذويه جميل الصبر.