فجعت أُسرة آل شلهوب بوفاة أحد رجالاتها الكبار مكانة وقدراً، فكان في ذلك اليوم الرحيل المفاجئ لابن العم الشيخ عبدالله بن خالد بن محمد بن شلهوب (أبي معتز) فكان فقده موجعاً. وكان يوم تشييعه مهيباً لعظيم محبة الناس له، فقد كان من أحسن من عرفت أخلاقا وأشدهم تواضعا ومحبة للخير وأهله، اجتمعت فيه مكارم الأخلاق والعلم والعقل، وأحكمته تجارب الحياة فزادته حكمة وتواضعا، يسكته الحلم وينطقه العلم لا يقول إلا خيرا. وقد حظي -رحمه الله- طوال حياته بتقدير واحترام الجميع، وفي مقدمتهم ولاة أمر هذه الدولة المباركة المملكة العربية السعودية، وبعد شهور من رحيله لم تقف العبرات والحسرات على فقده من كل من عرفه وذلك لحسن خُلقه مع الكبير والصغير وتواصله الدائم مع الجميع. كان سباقاً في كل المواقف والمناسبات، حاضرا أو مهنئا أو داعيا أو معزيا، بجانب سخائه وكرمه وأعماله الخيرية الكثيرة، ووقوفه بجانب طالب الحاجة بقدر ما يستطيع فقد كان لا يبخل بجاهه، فإذا ما التجأ إليه أحد يريد حاجة وكان قادرا عليها شفع له عند ولاة الأمور والمسؤولين، وهذه من الأعمال الكريمة التي لا يمكن أن تنسى له. والتي سمعنا وما زلنا نسمع عنها الشيء الكثير. وقد أحسن الله خاتمته فيما نرجو وذلك بقبض روحه الطاهرة إن شاء الله أثناء أدائه لصلاة العصر بالمسجد يوم الجمعة ونطقه للشهادتين، فأرجو من الله سبحانه وتعالى أن يتقبل أعماله ويجعله في الأبرار الأخيار في الفردوس الأعلى من الجنة. ولد -رحمه الله- بالرياض عام 1373ه وقد سمّاه أبوه عبدالله تيمناً باسم رفيق دربه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله-. وقد شجعه والده وهو صغير على إكمال تعليمه فحاز درجة البكالوريس في تخصص العلوم السياسية والعلاقات الدولية من جامعة الرياض (الملك سعود حاليا) عام 1397ه، وحصل بعدها على درجة الماجستير في العلوم السياسية من جامعة ولاية كاليفورنيا عام 1400ه. وكان قد بدأ مسيرته المهنية بالعمل في الإدارة الاقتصادية بوزارة البترول والثروة المعدنية لفترة قصيرة ، وبعد حصوله على درجة الماجستير التحق بالعمل بالديوان الملكي بتاريخ 1-3-1401ه في إدارة الأخبار والتقارير، وحصل بعد ذلك على دبلوم في الترجمة الفورية من جامعة الملك سعود عام 1413ه ، كما حصل على دبلوم في معهد مونتري للدراسات الدولية بالولايات المتحدة الأميركية عام 1414ه ، وقد تدرج في المناصب في الديوان الملكي حتى أصبح بعد ذلك نائبًا للأمين العام لمجلس العائلة المالكة السعودية بالإضافة إلى كونه مستشارا بالديوان الملكي حتى وفاته رحمه الله. وكان مشهودا له باهتمامه وتفانيه غير المحدود في أداء جميع أعماله المنوطة به بكل جدارة واستحقاق، حريصاً على إنجاز كل صغيرة وكبير، فكان بحق رجل دولة خدمة لدينه ووطنه ومليكه. وقد كنت معجبا بشخصيته وبالأعمال التي كان يقوم بها، ولسنوات مضت كنّا نتبادل الزيارات في المناسبات العائلية وفي غيرها وكنّا نتسامر ونتحدّث ونتناول شتّى الموضوعات التاريخية والاجتماعيّة والاقتصادية والحياتيّة، وكان -رحمه الله- بشوشاً دائم الابتسامة، متعاوناً، يحترم الجميع، ويقدم لهم توجيهاته ونصائحه بدون استثناء، فكنت أسعى للاستفادة من معلوماته ومن تجاربه. وكنت أذهب إليه في زيارات خاصة أحيانا فقط لأستشيره في مشاريع خاصة بي أعمل عليها، فكان نعم الموجه ونعم الناصح. الحديث يطول عن أبي معتز فمآثره -رحمه الله- يطول تعدادها ومهما كتبت عنه -رحمه الله- فلن أوفيه حقه، فمواقفي معه كثيرة وعلاقتي به جعلت محبتي له عميقة ومنزلته في نفسي راسخة. رحم الله أبا معتز وأسكنه فسيح جناته إنه خير مسؤول. وتعازينا الحارة بهذا المصاب الجلل لإخوانه وأخواته الأفاضل وأنجاله الكرام، وكافة أسرة آل شلهوب، ومن كان يعرف الفقيد.إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ.