رحم الله حبيبنا فقيد الأحساء والوطن أبا عبدالعزبز الدكتور علي بن عبدالعزيز العبدالقادر، لم يكن بوعبدالعزيز حقا شخصية عادية، بل كان رجلا استثنائيا بعلمه وفكره وثقافته وعطائه وحبه وإخلاصه لمجتمعه ووطنه، كما كان رجلا استثنائيا في كفاحه وفي اكتسابه العلم والمعرفة ودرجاته العلمية. وكان كذلك متميزا في علاقاته مع كل فئات المجتمع ومستوياته، وكان كل من يلتقيه يجد من حسن خلقه وكرمه وطيبته الصادقة وتواضعه الجم، الاحترام والتقدير والاهتمام، كما أن ابتسامته التي لا تفارقه تشعرك بأنك قريب من قلبه. تشرفت منذ عقود بالتعرف عليه وكان أول لقاء به في الرياض حيث ضمنا لقاء به في مجلس مع عدد من الأصدقاء أثناء فترة تحضيره للابتعاث لدراسة الماجستير والدكتوراة، ولا أزال أذكر موضوع النقاش الذي تحدثنا فيه في المجلس وقد أثراه بعلمه وأسلوبه الممتع. ثم تطورت علاقتي به بعد عودته من أمريكا وقد حصل على درجة الدكتوراة والتحق بعمله في جامعة الملك فيصل. وكنت قد تخرجت وعملت بتلفزيون الدمام فاستضفته كرجل تربوي وأكاديمي ضمن مشاركين متخصصين آخرين في بعض حلقات تلفزيونية للتعليق على مشاهد درامية تتناول قضايا تربوية، فكان بحق مبرزا ومتميزا بمشاركته، وكذلك استضفته مرة أخرى كمشارك في ندوة صحفية عن التطوير الذاتي نشرت في إحدى مطبوعات أرامكو السعودية بعد أن التحقت بالعمل في الشركة، وكان لمشاركته دور كبير ومتميز في إثراء الموضوع. وللفقيد سجل تاريخي حافل بالعمل الدؤوب والعطاء المتميز منها ما يتعلق بخدمة العلم والثقافة فله عدد من المؤلفات والدراسات والبحوث والمقالات الصحفية، ومنها استمراره سنوات طويلة في كتابة مقالته الأسبوعية التي تنشرها صحيفة "اليوم"، وهي مقالات عميقة ومدروسة تتناول قضايا المجتمع وهموم الوطن يتابعها كثير من القراء. وللدكتور علي العبدالقادر شخصية جذابة ومؤثرة تأسرك حين تلتقيه، فقربني منه وتبادلنا الزيارات المنزلية وكان في كل مرة يتحفنا بمرحه وأدبياته الطريفة وعلمه وحكمه وطيب معشره حتى أن أبنائي طلبوا مني أني إذا اعتزمت زيارته في مجلسه يوم الجمعة ان أصطحبهم معي ليكتسبوا من علمه ومعرفته وحكمه ويأنسوا بمجلسه كما عبروا عن ذلك لي. لقد أشعرنا بأننا من أفراد أسرته، وكان يحدثني أحيانا عن بعض المواقف في حياته الخاصة فأستلهم منها بعض الحكم والعبر, وفي الجعبة الكثير، لكن المقام لا يتسع لذكرها، إن كل ذلك شاهد على حب بوعبدالعزيز للعلم والناس والوطن وحبه للخير وحب الناس له. وكنت قد احتجت غير مرة إلى مشورته في بعض الأمور فكان خير المعين والناصح الأمين. فقد كان فقيد الأحساء والوطن - رحمه الله - أحد قادة الفكر والرأي في مجتمعه ومواطنا صالحا محبا ومخلصا لدينه ومجتمعه ووطنه، كما كان والدا حانيا وأستاذا مربيا ومعلما وأخا عزيزا وصديقا وفيا وناصحا أمينا. رحمك الله أبا عبدالعزيز رحمة واسعة, أدعو الله - تعالى- ان يعفو عنك، وأن يغفر لك، وأن يسكنك في جنات الفردوس الأعلى.. «إنا لله وإنا إليه راجعون».