للمكتبات مع أصحابها قصصٌ ومواقف، وأيضاً طرائف وأشجان تستحق أن تروى، "الرياض" تزور مكتبات مجموعة من المثقفين، تستحث ذاكرة البدايات، وتتبع شغف جمع أثمن الممتلكات، ومراحل تكوين المكتبات.. في هذا الحوار الكُتبي نستضيف الأستاذ أحمد فهد الحمدان المشرف العام على قيصرية الكتاب، ومدير مكتبة الرشد العملاقة التي تحتوي على (200.000) عنوان، وقد انطلق منها ضيفنا لشراء ونشر الكتب والاحتكاك بالمؤلفين والكتّاب والتواصل معهم. في أيِّ مرحلة من العمر تعرَّفتَ على الكتاب؟ * حقيقة بدأ مشواري مع الكتاب وأنا عمري عشر سنوات في الصف الثالث الابتدائي محباً للكتاب، وكنت أقتني الكتب، وكان المجال أكبر في ذلك الوقت، وكان الكتاب موجوداً في مكتبات البطحاء، وكذلك في حراج ابن قاسم الذي هو الآن قيصرية الكتاب، وكنت أقتني هذه الكتب، وعندما انتقلت إلى مرحلة المتوسطة استلمت إدارة المكتبة المدرسية لثلاث سنوات، وكذلك في المرحلة الثانوية ثلاث سنوات، افتحها في فترة الفسح وأرتب الكتب، وأخدم زملائي الطلاب.. من هنا انطلق العشق مع الكتاب وحبّه، وكنت أقرأ الكتاب بنهم. أسست مكتبة وأنا ابن عشر سنوات هل تستطيع تحديد بعض بدايات تأسيس مكتبتك المنزليَّة؟ * بدايتي في تأسيس المكتبة المنزلية بدأت عام 1390ه، كنت آخذ من أبي النقود، وكان يعطيني مصروفي الشخصي والمدرسي، وكنت أشتري بها كتباً، وكنت أبيع بعض ما أمتلكه من أشياء شخصية لي لاقتناء الكتب، إلى أن كونت مكتبة وأنا ابن عشر سنوات، ثم ثلاث مكتبات أعتز بها وافتخر بها، فهي التي كونت مسيرة حياتي الثقافية في هذا المشوار الطويل. ماذا عن معارض الكُتب ودورها في إثراء مكتبتك؟ * معارض الكتب كانت بالنسبة لي فرصة ذهبية لاقتناء كتب خاصة في المكتبة المنزلية، التي تحولت مكتبة منزلية متنوعة من جميع الكتب سواء من داخل المملكة أو من جميع الأقطار العربية، وكانت الرحلة جداً ممتعة في اقتناء الكتب، وكما يعلم الجميع أن أكبر معرض عربي هو معرض الرياض الدولي للكتاب، ويأتي الناشرون من جميع أقطار العالم العربي ليشاركوا في هذا المعرض ويعرضوا إنتاجهم الأدبي، وكذلك الحال بالنسبة لي حيث أنني مشارك فيه بمكتبة الرشد، كما أعتبره فرصة لاقتناء بعض الكتب من دور النشر، والتي بعضها لا تنشر إلا في معرض الكتاب، فالمعرض بالنسبة لي فرصة ذهبية. حدثنا عن أوائل الكُتب التي دخلت مكتبتك؟ * أوائل الكتب التي دخلت المكتبة كثيرة جداً ولكن أذكر منها لا للحصر وإنما للتذكير: «تاريخ الأمم والملوك» للإمام الطبري، «البداية والنهاية» لابن كثير، وكذلك كتباً لبعض المؤلفين العرب، وأذكر كتاباً مهماً جداً بالنسبة لي هو «شمس العرب تسطع على الغرب» الذي كان بالنسبة لي كتاباً جميلاً جداً، وكذلك كتب لقدامى المؤلفين والأدباء والشعراء كالمعلقات السبع وغيرها من الكتب الأدب العربي القديم التي حرصت على اقتنائها، وأن تكون متوفرة لدي في المكتبة. ماذا تُفضل.. المكتبة الورقية أو الرقمية؟ وما السبب؟ * مازلت أفضل الكتب الورقية، لأن الكتاب الورقي تستطيع أن تعلّق فيه على بعض النقاط، وتشرح بعض نقاطه، وتكتب إعجابك لبعض المواقف، أما الكتاب الرقمي فقد تصطدم بضعف النت، أو انتهاء البطارية وأنت تقرأ، أما الكتاب الورقي فتستمتع به وأنت مستلقٍ على السرير أو جالس أمام البحر مع مشاعر فياضة ماتعة.. الكتاب الورقي لا يعلى عليه. بحكم إشرافكم على قيصرية الكتاب حدثنا عن دور القيصرية في نشر الثقافة في ربوع بلادنا الغالية؟ * قيصرية الكتاب نافذة تشع من خلالها ثقافة سعودية متميزة معرفة بالكتاب السعودي، والمؤلف السعودي، كما تنقل المثقف السعودي إلى عالم أوسع وأرحب من خلال نشر ثقافات الحوار، ونشر ثقافات التعريف بالمنتج الذي يقوم به المؤلف، وهذا العمل قد يكون موجوداً في قديم الزمان في مصر وكذلك شارع المتنبي في بغداد ولكنه اندثر، ويشرفني أن أنوه بالعناية الكريمة التي أولاها خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين بالتشجيع على هذه الفعاليات والمناشط لما للكتاب من أهمية، ويكفينا فخراً أن ملك الكتاب الملك سلمان بن عبدالعزيز يملك أكبر مكتبة منزلية في العالم العربي. كذلك دور صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز الذي تابع رغبة خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز في أن يكون وسط الرياض شعلة ثقافية ومنبراً ثقافياً للتعريف بالثقافة السعودية، فله منا كل الشكر والتقدير، وكذلك للهيئة الملكية التي دعمتنا في تهيئة الأماكن، وفي هذا العمل الجبّار. ماذا عن نصيب الكُتب القديمة والنَّادرة؟ * توجد لديّ كتب نادرة كثيرة لكتّاب كبار، أخص منها: مجلة «الرسالة»، وكذلك «الموعد»، ومجلة «المصور» القديمة وهي من أهم النوادر عندي، كذلك مجلة «المورد» العراقية، ومجلة «الرسالة» التي كان يكتب فيها أحمد حسن الزيات -رحمه الله- وأحمد شوقي، وإبراهيم حافظ، ونجيب محفوظ، رموز أدباء العرب في ذلك الوقت. ما رسالتُك التي توجِّهها لكلِّ من يملك مكتبة منزلية؟ * رسالتي لكل من يمتلك مكتبة منزلية أن لا يفرّط بها، وأن يربي أبناءه على حبّ المحافظة على هذه المكتبة، وتوريثها لأبناء الأبناء، ليُقال إن هذه مكتبة والدنا أو مكتبة جدنا أو مكتبة جد والدنا، فهذا خير زاد يفتخر فيه الإنسان، والذي يلاحظ أن بعض الناس عندما يتوفى والدهم تجد أن أول عمل يقومون به هو التخلص من مكتبته، وهذا عمل خطأ. كلمه أخيرة: * كلمتي لجميع القراء أن لا يشغلهم عصر الاتصالات عن قراءة الكتاب.. فكثير من الناس يعطي لمواقع الاتصال أوقاتاً كثيرة تصل إلى أربع أو خمس ساعات، أما القراءة فلا يعطيها إلا دقائق معدودة فقط، فالكتاب هو الذي سيبقى، وهذا ما سوف يعرفه الجميع في المستقبل، وفي نهاية هذا اللقاء أشكرك أ. بكر هذال على هذا الحوار الهادف البناء، وأشكر أ. عبدالله الحسني مدير تحرير القسم الثقافي بجريدة «الرياض».