امتداد أدوار الثقافة واتساع حضورها في وطننا الطموح ومجتمعنا الحيوي لا شك في أنها تسير بخطى واثقة مستصحبة معها آمالاً كبيرة بمستقبل أنصع وأكثر بهجة، وحضور محلي وعالمي، وتأثير وتأثر بنا، وتبادل حضاري مع الآخر البعيد والقريب، سيما وأننا نجحنا في كسر نمطية المفهوم السائد حول الثقافة ومحدودية حضورها، منطلقين من قناعة راسخة بأن الثقافة بمفهومها العميق الشامل ضرورة مجتمعية وليست من نوافل الممارسات المخالفة باختلاف قيمتها وأهميتها. فالثقافة ببعدها العميق ذي الطابع الشمولي أضحت رافعة مهمة للوعي والتواصل الحضاري مع الآخر أياً كان، فمنذ انطلاق رؤية 2030 ونحن نجد أن الثقافة -كغيرها من المناشط والحقول المختلفة– أصبحت ضمن نسيج هذه الرؤية وأهدافها كإحدى علائم الحضور الحضاري المبهج، فضلاً عن كونها نمط حياة من شأنه أن يساهم في جودتها. من هنا فإن معرض «بين ثقافتين» الذي تستعد وزارة الثقافة لتنظيمه في الرياض خلال شهر سبتمبر المقبل، ويأتي مترجماً لاعتزازنا بالهوية السعودية، ويكمل الأدوار المهمة التي تضطلع بها وزارة الثقافة عبر الجهود الحثيثة التي من شأنها التعريف بثقافة المملكة وامتدادها داخلياً وخارجياً، وسيكون هذا المعرض فرصة مهمة للاحتفاء بتراثنا وثقافتنا وموروثنا الغني المتنوع، إذ سيتم نشر أعمال وإنجازات نُخبة من المصممين والفنانين التشكيليين والمهندسين المعماريين السعوديين، وسط مشاركة مواهب شابة ومؤسسات سعودية ناشئة، وسيتم استضافة فنانين من مختلف أنحاء العالم في كل عام. والمعرض يكتسب قسمة مضاعفة، إذ إنه بحكم تعدد تخصصاته سيبحث في الثقافات من حول العالم ويُعرّف بها، ويُلقي الضوء على أوجه التشابه والاختلاف بين الثقافة السعودية وهذه الثقافات، وسيركّز المعرض في نسخته الأولى على ثقافة الجمهورية اليمنية للتعريف بها، وبيان ارتباطها بالثقافة السعودية، وعرض أوجه التشابه بينهما، متناولاً عدة جوانب مختلفة كالأزياء والفنون البصرية والعمارة والتصميم وفنون الطهي؛ لتعزيز التبادل والتعاون الثقافي بين المملكة واليمن. إنها خطوة مهمة ومرتقبة من مثقفي وفناني البلدين ستثري المشهد الثقافي لهما، وستعزز التواصل المعرفي والثقافي والإنساني عبر هذا الطيف المتنوع المبهر من ثقافة وفنون البلدين لتؤكد أن الثقافة جسر حضاري يعزز الحوار والتواصل وتلاقح الأفكار والرؤى والاهتمامات؛ وقبلها التأكيد على أن الثقافة نشاط إنساني فاعل ومحرّض على اجتراح آفاق الجمال والإبداع والابتكار وخلق البهجة بين الشعوب.