1 بمشية لص.. ينسلّ شيءٌ ما، يخرج من أيامك بلا جلبة، تاركاً فقداناً مؤجلاً في الفراغ. شيءٌ ما.. لا تعرفه، سيرجع يوماً كأحزانٍ ليس لها سبب! وذات يوم ستجلس كلماتٌ قليلةٌ وبائسة بين نقاطها والمسافات، وعلى هيئة قصيدة.. تحملق فيك! 2 لننتهِ من هذه الخرافة! فبقاياكِ.. التي لم يهزمها رغاء الغضب والبعاد اعتادت الخروج ليلاً، كذئابٍ مدماة، تعوي.. ثم تعود للنوم بكامل جوعها! إن بي منكِ قبضة تراب ظنناها طينتنا الواحدة! ريشة من جناح عِقابِ مُصَوّب، استخدمناها بالتناوب للطيران! معي خمسة عشر فصّاً.. على هيئة عيون سباع وسميناها ذرّيتنا المقبلة! عندي رسائل مملوءةً بالعناوين وأرقام الحجز والندم! أحتفظ بقوارير مشروبةً لآخرها، على حافتها آثار فمك! لننتهِ من هذه الخرافة بالفعل.. فقد صدقت أني قبل أن أعرفك رأيتك في الشطب الغائر في خطوتي اليسار، كنتِ قطعة الزجاج.. التي مزقت حفاي قبل ثلاثين عاماً، ونزعتُها بعناد صبيّ من الجبال وعزّ عليه أن يرميها، فطويتها في خرقة ثم حشوتها في حِصن قريتنا! صدّقت أن ستأتين يوماً، في تلك الانعطافة القادمة من بعيد في قلبي، وقلتُ يا للأقدار! سنطير معاً.. كيما أريك ما لا تعرفينه من قصتنا! لكنك ذهبتِ في اللحظة الحاسمة، قلتِ إنك رأيت حلماً. وبالطريقة نفسها مزقتِ مشيتي.. والبقايا كلها نبتت في الزجاجة كشجرة دراق، ومياهٌ حارة ساحت من الحصن! 3 رياح هاربة.. تأتي بالعادة في مداخل الشتاء، من العتبات المطرّزة بأرواح الموشكين على اليأس. تلج لأقاصي الجنبين، ترسم عليها سلالم في عمارة أشباح، مدججةٍ بكتابات تكاد تنمّحي على جدرانها! تصير الصدفةُ بِرْكةَ ماء تتعرى روحي أعلاها وهي تتوقد، ثم تقفز كسبّاحٍ يؤلمه كتفه، ولم يفز من قبل بأي سباق! 4 الجفاء الذي أرسلناه للمقاعد بدلاً منا، حوّلها لكثيبين، اللوحات والفناجين صارت قطيع ضباع كريهة الرائحة، عَدَت على الموعد الأخير.. ونهشته حياً! أنشبت نابيها بآخر عناق، وراحت تسلخه، القبلة تلو الأخرى! وكما جثّةٍ هامدة، كما عظامٍ مُعرّاة.. استلقت النظرات الأولى إلى جوار قصتنا بعيونٍ مجهدة وانتهى كل شيء! 5 كما لو أنها قفزة من ألف عام.. لألف عامٍ ثالثة، ها هي العديد من ختوم المغادرة العديد من الامتعاض من شموس اليوم التالي وهي تسطع على الجثث المسجاة في حلقوم الموت بلا احترام، ثم تتركهم أخيراً دونما أسماء! العديد من حلوات الطالع، ممن أفلتن من مسكة الحياة، ومن قاطرات الأغاني قبل أن تصير رماداً! العديد من الصخب والتواري من التأهب لتسديد لكمة! من طرقات الليل المتأخر ومن الألفاظ النابية! العديد ممن جاء، العديد مما رحل العديد من مكعبات الجليد والتجديف من السطوح المطلة على حسرات الحدائقمن الزجاج المهشّم والغبن، الأحواش المرحة وقسوات الفراق، من الكلام الشعري تحت الضوء الخافت والظلال الطافحة على الأرصفة، من الشجر المنسي وأقفال الغرام! العديد من الاندفاع بحرقة من خبط الأمطار قبالة أبواب السهر من التفادي وزمزمة الانصراف. العديد العديد.. والعديد لأعبر هذه الخمسين! * من مجموعة الكاتب الأخيرة (جلبة لتحريك الوقت)