هزت أعمال الشغب مدنا فرنسية لليلة الخامسة، ونشرت الحكومة 45 ألف شرطي وعدة عربات مدرعة لمواجهة الاضطرابات، التي أثارها إطلاق فرد شرطة النار على مراهق. وقالت وزارة الداخلية الفرنسية، إنه جرى إشعال النيران في أكثر من 1350 سيارة في البلاد في الليلة الخامسة من أعمال الشغب في البلاد، إلى جانب اندلاع ما إجماليه 2560 حريقا في الطرقات العامة. ووقعت الاضطرابات جراء قيام شرطي بإطلاق النار على مراهق كان يبلغ 17 عاما في سيارته، خلال فحص مروري فلقي حتفه في ضاحية نانتير بالعاصمة باريس. ونشرت الشرطة نحو 45 ألف من رجالها عبر فرنسا بعد منتصف الليل، بما في ذلك الوحدات الخاصة. ووفقا للسلطات تمت مهاجمة 31 مركز شرطة. كما أكد وزير الداخلية جيرالد دارمانان للصحفيين، إنه جرى القبض على قرابة الألف شخص، رغم التواجد الأمني الهائل وغلق خطوط النقل. وأضاف أنه رغم حوادث النهب والتخريب والاشتباكات مع الشرطة، فأن العنف كان "أقل شدة " من الليلة السابقة. ووفقا للسلطات، أصيب نحو 150 شرطيا خلال أعمال الشغب ليلة أمس. وقالت وزارة الداخلية الفرنسية، إن الشرطة اعتقلت 994 شخصا الليلة الماضية مقارنة مع 875 في الليلة السابقة، ضمن أعمال عنف وضعت الرئيس إيمانويل ماكرون في أكبر أزمة خلال فترة رئاسته، منذ احتجاجات السترات الصفراء التي اندلعت في 2018. وكتبت الوزارة على حسابها على تويتر "العنف الذي وقع خلال الليل كان أقل حدة مقارنة بالليلة السابقة". وأُضرمت النيران في مبان ومركبات ونُهبت المتاجر في الاضطرابات، التي انتشرت في جميع أنحاء البلاد، والتي شملت مدنا مثل مرسيليا وليون وتولوز وستراسبورج وليل. واستمرت الاحتجاجات في باريس حيث قُتل نائل م. (17 عاما)، وهو من أصل جزائري-مغربي، برصاص الشرطة يوم الثلاثاء في ضاحية نانتير. وقالت مصادر، إن من المقرر تشييع جنازته في وقت لاحق اليوم. وأذكت وفاته، التي رصدتها إحدى الكاميرات، شكاوى قديمة من أصحاب الدخل المنخفض والأعراق المختلطة والمجتمعات الحضرية، بأن الشرطة تمارس العنف والعنصرية. وشملت اعتقالات ليل أمس 80 شخصا في مدينة مرسيليا الجنوبية، ثاني كبرى المدن الفرنسية. وأظهرت صور على مواقع التواصل الاجتماعي، انفجارا يهز منطقة الميناء القديم في مرسيليا. وقالت سلطات المدينة إنها تحقق لمعرفة السبب لكنها لا تعتقد أن هناك أي إصابات أو خسائر في الأرواح. وقالت الشرطة، إن مثيري الشعب في وسط مرسيليا نهبوا متجرا للأسلحة النارية، وسرقوا بعض بنادق الصيد لكن دون ذخيرة. وأضافت الشرطة أنها اعتقلت شخصا بحوزته بندقية، ربما نُهبت من المتجر الذي يخضع الآن لحراسة الشرطة. المزيد من القوات دعا بينوا بايان، رئيس بلدية مرسيليا الحكومة إلى إرسال قوات إضافية على الفور. وقال في تغريدة في ساعة متأخرة أمس، إن "مشاهد النهب والعنف غير مقبولة". وأصيب ثلاثة من أفراد الشرطة بجروح طفيفة، في ساعة مبكرة من صباح اليوم. وحلقت طائرة هليكوتبر تابعة للشرطة في سماء المنطقة. وفي ليون، ثالث كبرى المدن الفرنسية، نشرت قوات الأمن ناقلات جند مدرعة وطائرة هليكوبتر لقمع الاضطرابات. وطلب وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان، من السلطات المحلية وقف حركة جميع الحافلات والترام، ووجه رسالة لرجال الإطفاء وعناصر الشرطة قال فيها إنه يستطيع الاعتماد عليهم. وردا على سؤال في برنامج تلفزيوني، عما إذا كان بإمكان الحكومة إعلان حالة الطوارئ، قال دارمانان "بكل بساطة، نحن لا نستبعد أي فرضية وسنرى بعد هذه الليلة ما سيختاره رئيس الجمهورية". وفي باريس، أخلت الشرطة ساحة الكونكورد الشهيرة في وسط العاصمة باريس، من المحتجين، بعد أن بدأت فيها مظاهرة دون تخطيط مسبق. وقال دارمانان إن أكثر من 200 فرد من الشرطة أصيبوا بجروح منذ اندلاع الاضطرابات، وجرى اعتقال المئات من مثيري الشغب مضيفا أن متوسط أعمارهم 17 عاما. وأصدر لاعبو المنتخب الوطني لكرة القدم بيانا نادرا دعوا فيه إلى الهدوء. ونشر النجم كيليان مبابي البيان على حسابه على إنستجرام وقالوا فيه "يجب أن يتوقف العنف من أجل الحداد والحوار وإعادة الإعمار". ونهب لصوص عشرات المتاجر وأضرموا النار في نحو ألفي سيارة منذ اندلاع أعمال الشغب. وألغيت أحداث منها حفلان موسيقيان في استاد فرنسا بضواحي باريس، وقال منظمو سباق فرنسا للدراجات إنهم على استعداد للتكيف مع أي وضع عندما ينتقل الحدث إلى البلاد يوم الاثنين بعد انطلاقه من إسبانيا. اجتماع أزمة غادر ماكرون قمة الاتحاد الأوروبي في بروكسل مبكرا، لحضور ثاني اجتماع أزمة تعقده الحكومة في غضون يومين، وطلب من وسائل التواصل الاجتماعي إزالة لقطات الشغب "الأكثر حساسية" والكشف عن هويات المستخدمين الذين يؤججون العنف. وأظهرت مقاطع مصورة على وسائل التواصل الاجتماعي، اشتعال النيران في مواقع حضرية. وأضرمت النار في ترام بمدينة ليون شرق البلاد كما احترقت 12 حافلة في محطة في أوبيرفيلييه شمال باريس. واجتمع دارمانان مع ممثلين من شركات ميتا وتويتر وسناب شات وتيك توك. وقالت سناب شات إنها لا تتهاون مطلقا مع المحتوى الذي يروج للعنف. وقال محمد يعقوبي وهو صديق لأسرة الضحية، إن الغضب يغذيه شعور بالظلم بعد حوادث عنف الشرطة ضد الأقليات العرقية، وكثير منها من المستعمرات الفرنسية السابقة.وأضاف "سئمنا.. نحن فرنسيون أيضا. نحن ضد العنف ولسنا حثالة". وبينما انتاب القلق بعض السياح، أيد آخرون الاحتجاجات التي دفعت بعض الحكومات الغربية إلى إصدار نصائح لمواطنيها بتوخي الحذر. وينفي ماكرون، وجود عنصرية ممنهجة في أجهزة إنفاذ القانون. وفي جنيف، شدد مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة على أهمية التجمع السلمي وحث السلطات الفرنسية على ضمان عدم استخدام الشرطة للقوة على أساس التمييز. ورجل الشرطة، الذي يقول المدعون إنه أقر بإطلاق رصاصة قاتلة على الشاب، محتجز على ذمة التحقيق الرسمي بتهمة القتل العمد. وأعادت الاضطرابات إلى الأذهان أعمال شغب استمرت ثلاثة أسابيع، اندلعت في أنحاء البلاد عام 2005، وأجبرت الرئيس آنذاك جاك شيراك على إعلان حالة الطوارئ، بعد وفاة شابين صعقا بالكهرباء في محطة للكهرباء في أثناء اختبائهما من الشرطة. عناصر من الشرطة الفرنسية خلال فض الاشتباكات (رويترز)