جرت مراسم دفن الشاب الذي أشعل الاحتجاجات في فرنسا نائل المرزوقي، اليوم (السبت)، في العاصمة باريس بمشاركة شعبية واسعة ومن دون أعمال شغب. واصطف عدة مئات لدخول مسجد نانتير الكبير، الذي كان يحرسه متطوعون يرتدون سترات صفراء، بينما تابع المشهد بضع عشرات من المارة من الجانب الآخر من الشارع. واصطف المشيعون في الشارع لأداء صلاة الجنازة. وقالت سلسبيل، وهي شابة من أصل عربي، لرويترز إنها جاءت للتعبير عن دعمها لأسرة نائل. وأضافت "أعتقد أنه من المهم أن نقف جميعا معا". وقالت ماري (60 عاما) إنها عاشت في ضاحية نانتير لمدة 50 عاما وإن المشكلات مع الشرطة هناك دائمة. وأضافت "يجب أن يتوقف ذلك تماما. الحكومة منفصلة تماما عن واقعنا". وأذكت وفاة الشاب، التي رصدتها إحدى الكاميرات، شكاوى قديمة من المناطق الحضرية التي يقطنها أصحاب الدخل المنخفض والأعراق المختلطة بأن الشرطة تمارس العنف والعنصرية. ونفى ماكرون وجود عنصرية منهجية في أجهزة إنفاذ القانون الفرنسية. وقال شاب طلب عدم نشر اسمه "إذا كان لون بشرتك غير مناسب، فإن الشرطة ستكون أكثر خطورة عليك"، مضيفا أنه كان من أصدقاء نائل. وألقت الشرطة الفرنسية القبض على أكثر من 1300 شخص خلال الليلة الرابعة من أعمال الشغب وألغى الرئيس إيمانويل ماكرون اليوم السبت زيارة كانت مقررة إلى ألمانيا بينما شُيعت جنازة الشاب نائل م.، الذي أشعل مقتله برصاص الشرطة اضطرابات في أنحاء البلاد. ونشرت الحكومة 45 ألف شرطي وعدة عربات مدرعة خلال الليل للتصدي لأسوأ أزمة تواجه الرئيس ماكرون منذ احتجاجات "السترات الصفراء" التي أصابت فرنسا بالشلل في أواخر عام 2018. وأرجأ ماكرون زيارة دولة إلى ألمانيا كان من المقرر أن تبدأ غدا الأحد. وقالت وزارة الداخلية الفرنسية على تويتر إن الشرطة ألقت القبض على 1311 شخصا الليلة الماضية بخلاف 875 في الليلة السابقة، في أحداث عنف وصفتها بأنها كانت "أقل حدة". وقال وزير المالية برونو لو مير إن أكثر من 700 متجر ومطعم وفرع بنكي تعرضت "للنهب والسرقة وأحيانا للحرق حتى دُمرت تماما منذ يوم الثلاثاء". وأعلنت السلطات المحلية في أنحاء البلاد فرض حظر على المظاهرات وأمرت وسائل النقل العام بالتوقف عن العمل في المساء. وقُتل نائل م. (17 عاما)، وهو من أصل جزائري-مغربي، يوم الثلاثاء برصاص الشرطة التي كانت تجري عمليات تفتيش عند إشارة مرورية بضاحية نانتير. نهب المتاجر أضرم لصوص النار في ألفي سيارة منذ اندلاع أعمال الشغب التي امتدت إلى مدن منها مرسيليا وليون وتولوز وستراسبورج وليل. وقال وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان إن أكثر من 200 فرد من الشرطة أصيبوا بجروح، مضيفا أن متوسط أعمار من ألقي القبض عليهم هو 17 عاما. وقال وزير العدل إريك دوبون موريتي إن 30 بالمئة من الذين ألقي القبض عليها لا تتجاوز أعمارهم 18 عاما. وشملت اعتقالات ليل الجمعة 80 شخصا في مدينة مرسيليا، التي يقطنها عدد كبير ممن تعود أصولهم لمنطقة شمال أفريقيا. وأظهرت صور على مواقع التواصل الاجتماعي انفجارا يهز منطقة الميناء القديم في مرسيليا لكن لم ترد تقارير عن وقوع أي ضحايا. وقالت الشرطة إن مثيري الشعب في وسط مرسيليا نهبوا متجرا للأسلحة النارية وسرقوا بعض بنادق الصيد لكن دون ذخيرة. وطلب رئيس بلدية مرسيليا بينوا بايان من الحكومة إرسال قوات إضافية للتعامل مع عمليات "النهب والعنف" في المدينة حيث أصيب ثلاثة من أفراد الشرطة بجروح طفيفة اليوم السبت. وفي ليون، ثالث كبرى المدن الفرنسية، نشرت قوات الأمن ناقلات جند مدرعة وطائرة هليكوبتر، كما طلب رئيس البلدية تعزيزات. وأخلت الشرطة ساحة الكونكورد الشهيرة في وسط العاصمة باريس من المحتجين. وأعادت الاضطرابات إلى الأذهان أعمال شغب اندلعت في أنحاء البلاد عام 2005، وأجبرت الرئيس آنذاك جاك شيراك على إعلان حالة الطوارئ بعد وفاة شابين صعقا في محطة للكهرباء في أثناء اختبائهما من الشرطة. وردا على سؤال عما إذا كان بإمكان الحكومة إعلان حالة الطوارئ، قال دارمانان أمس الجمعة "بكل بساطة، نحن لا نستبعد أي فرضية وسنرى بعد هذه الليلة ما سيختاره رئيس الجمهورية". وأصدر لاعبو المنتخب الوطني لكرة القدم بيانا نادرا دعوا فيه إلى الهدوء. ونشر النجم كيليان مبابي البيان على حسابه على إنستجرام وقالوا فيه "يجب أن يتوقف العنف من أجل الحداد والحوار وإعادة الإعمار". وألغيت فعاليات منها حفلان موسيقيان في استاد فرنسا بضواحي باريس. وقال منظمو سباق فرنسا للدراجات إنهم على استعداد للتكيف مع أي وضع عندما ينتقل الحدث إلى البلاد يوم الاثنين بعد انطلاقه من إسبانيا. * اجتماع أزمة غادر ماكرون قمة عقدها الاتحاد الأوروبي في بروكسل أمس الجمعة مبكرا لحضور ثاني اجتماع أزمة تعقده الحكومة في غضون يومين، وطلب من وسائل التواصل الاجتماعي إزالة لقطات الشغب "الأكثر حساسية" والكشف عن هويات المستخدمين الذين يؤججون العنف. وأظهرت مقاطع مصورة على وسائل التواصل الاجتماعي اشتعال النيران في مناطق حضرية. وأضرمت النار في ترام بمدينة ليون شرق البلاد كما احترقت 12 حافلة في محطة في أوبيرفيلييه بشمال باريس. واجتمع دارمانان مع ممثلين من شركات ميتا وتويتر وسناب شات وتيك توك. وقالت سناب شات إنها لا تتهاون مطلقا مع المحتوى الذي يروج للعنف. ورجل الشرطة، الذي يقول المدعون إنه أقر بإطلاق رصاصة قاتلة على الشاب، محتجز على ذمة التحقيق الرسمي بتهمة القتل العمد. وقال محاميه لوران فرانك لينارد إن موكله أراد التصويب على ساق سائق السيارة لكنه تعثر عندما انطلقت السيارة فجأة مما تسبب في إطلاق النار باتجاه صدره. وذكر لينارد في تصريح لتلفزيون (بي.إف.إم) "من الواضح أن (الشرطي) لم يرغب في قتل السائق".