كتاب "صراطي" للدكتور سالم البلوي الذي أهداه لي والصادر عن مجموعة تكوين المتحدة للنشر في جدة عام 2023م. ويبدو أن الكاتب لديه من الاعتزاز بقوته وعزيمته وإصراره، وأكاد أُجزم أنّ الكاتب - أيضًا - كافح وناضل، ولولا وجود كتاب "كفاحي" الشهير لأخذ نفس الاسم؛ لكنه استبدله في صراطي. وقد تحدث فيه صاحبه عن: سيرته بدءًا من الطفولة، وانحاز الكاتب لهاتف يدفعه لتدوين سيرته؛ بينما هاتف آخر يمنعه من نشرها لكافة القراء. يتضح أن المؤلف الدكتور سالم تأثَّر تأثرًا كبيرًا في والده - رحمه الله - كما أن الكتاب رسالة عرفان إلى والده يحاول إيفاءه بعض حقه. قسَّم الكتاب إلى عدة أقسام تحدَّث عن والده - رحمه الله - ذكر أنه لم يحظ بفرصة التعليم؛ لكنه كان حريصًا على تعليم كل أبنائه رغم شظف العيش. يقول المؤلف: (لقد زجَّ بي والدي لمواجهة معترك الحياة والغربة؛ لأتلقى تحصيلي العلمي؛ بل والاجتماعي باعتباري أكبر الأبناء)، قال عن نفسه حين سأله والده عن احتياجاته وقت زواجه: إنه تظاهر بعدم حاجته لأي شيء رغم فاقته وقلة ماله، يقول: (استأجرت شقة لم أملك قيمة إيجارها، كل ذلك كي أزيح عن كاهل والدي همي وألا يتحمل إضافة إلى حمله الكبير منذ صغري). أشياء كثيرة ذكرها المؤلف لا أستطيع حصرها في هذه القراءة المتواضعة؛ لكنه جدير بأن يُدرّس كمنهج حياة وكفاح ونجاح، جمع فيه القيم النبيلة والكرم والإيثار وبرّ الوالدين والمثابرة والصبر والإصرار ومن ثمَّ النجاح. وحين أسند له والده بعد إفاقته من غيبوبة استمرت عشرين يومًا بالمستشفى مهمة تزويج أخيه غير الموظف وقال لأبيه سمعا وطاعة؛ ولكن قبيل موعد الزواج، فاجأه والده أيضًا بطلب تركه لمنزله، والخروج منه لصالح أخيه. فسأل الدكتور سالم والده: لماذا يا أبي؟! قال: أنت لك جناحان وأخوك ليس له جناحان!! ثم خرج من المنزل طائعًا مختارًا؛ ولكن هذه الكلمة المزلزلة بالفعل جعلت له أجنحة يطير بها كالصقور الجارحة، فحلّق في الفضاء من حينها مستمدًا قوته من ذاته التي لا تخذله، وهو متسلحًا بسلاح الإصرار والعزم. ختم الكتاب في رسالة إلى والده الذي تأثر به تأثرًا كبيرًا، وأنه من علمه الصمود في مواجهة معترك الحياة كعادة الكثير من الآباء الذين يتركون أثرًا طيبًا حين يرحلون عنا. غلاف الكتاب