تتبوأ الرؤى الصادقة في فكرنا الإسلامي مكانة كبيرة، فهي في النهاية "جزء من النبوة"، وهي بذلك من قنوات اتصال الله سبحانه وتعالى مع البشر، ولكن الإشكالية تكمن في غياب الخط الفاصل بين الرؤيا الصادقة والحلم، وحديث النفس من ناحية، وفي المؤهل منا كبشر لتلقي الرؤيا الصادقة من الله مباشرة؟ ومن هنا حرصت الجماعات المتطرفة والإرهابية على توظيف الرؤى والأحلام في خطابها الجماهيري مدعية بأن كل ما يطرح في هذا الباب رؤى صادقة، والهدف استقطاب الأتباع السذج الذين سيعتقدون صدق هذه الرؤى وقوة علاقة مدعيها مع الله. ويمكن أن نذكر هنا حلم حسن البنا عندما التحق بدار العلوم ولم يجد الوقت الكافي للمذاكرة، يقول: - كما يروي محمود عبدالعليم -: "ونمت ليلة الامتحان فإذا بي أرى فيما يرى النائم رجلا يواسيني ويقول لي التفت إليّ فالتفت فإذا بيده كتاب المادة التي سأمتحن فيها الصباح فيفتح الكتاب عند صفحة معينة ويشير إليَّ أن أقرأ حتى إذا قرأت الصفحة فتح الكتاب عند صفحة أخرى فأقرؤها وهكذا حتى أنهى الكتاب فأغلقه وتركني، فلما أصبحت وجدتني حافظا كل ما قرأت. ودخلت الامتحان فإذا الأسئلة كلها هي نفس ما قرأت في الرؤيا".. والحقيقة أن هذه الرؤيا لم تأته ليلة واحدة بل استمرت طيلة أيام الامتحان. ويدخل في هذا النطاق حلم زينب الغزالي المزعوم التي رأت فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - وهي في السجن يقول لها إنك يا زينب يا غزالي على الحق".. وروى جمال عبدالهادي أن أحدًا رأى في منامه أن محمد مرسي يصلي بالرسول الكريم، وقال أثناء محاضرة له بمسجد بمدينة الجيزة: "رؤيا نحسبها رؤيا حق إن شاء الله، وتتلخص في أنه كان هناك مجلس فيه النبي محمد والرئيس محمد مرسي والحضور، وحان وقت الصلاة فقدم الناس رسول الله من أجل الصلاة بهم إلا أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: بل يصلى بكم الرئيس محمد مرسي. ذكرت أم أيمن وهي عزة الجرف، قيادية في جماعة الإخوان أنها رأت مرسي على حصان أبيض، وماسكا سيفا كبيرا وعريضا وينادي: أنا راجع للقصر يا عزة وسأقطع رؤوس الخونة. تقول: "وقمت صحيت على صلاة الفجر، وصليت وركبت أول مترو بعد الحظر على قصر الاتحادية، وشفت الأخوات لابسين أخضر ويضربن الدفوف، فتذكرت الرؤيا وقول الزعيم مرسي: أنا راجع يا عزة". إن فهم هذا الجانب من خطاب الجماعات المتطرفة والإرهابية سيمكن الشباب من عدم التأثر بهذه الدعاية المزعومة.