يستعد مجلس النواب اللبناني للانعقاد، في مسعى لانتخاب رئيس جديد للدولة، وهو المنصب الشاغر حاليا، ولكن مع عدم توصل الأطراف الرئيسة لاتفاق على الشخص، الذي يمكن أن يتولى هذا المنصب، فإنه ليس من المرجح أن تتمخض الجلسة البرلمانية عن اختيار رئيس جديد. ولا يزال منصب الرئاسة شاغرا منذ انتهاء فترة حكم ميشال عون في أكتوبر، مما يزيد من الشلل السياسي الذي أدى إلى تفاقم الأزمة المالية المستمرة منذ أربع سنوات. ويجب أن يتولى مسيحي ماروني منصب الرئاسة، في ظل نظام تقاسم السلطة المعمول به في البلاد. ولا يتمتع أي من الأسماء الرئيسة المطروحة حاليا بدعم واسع بما يكفي لانتخابه. وتشترط اللوائح أن يحضر الجلسة ثلثا نواب البرلمان البالغ عددهم 128 نائبا من أجل المضي قدما، مما يعني أن ثلث البرلمانيين يمكنهم أن يفسدوا التصويت بعدم حضورهم. وفيما يلي قائمة بالأسماء الرئيسية المرشحة للمنصب: * جهاد أزعور تقلد أزعور منصب وزير المالية من قبل، لكنه يشغل منصب مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، في صندوق النقد الدولي منذ 2017. وحظي أزعور بترشيح عدد من الأحزاب، أبرزها أكبر حزبين مسيحيين في لبنان، هما القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، اللذان على خلاف بشأن عدد من القضايا الأخرى. كما يحظى أزعور، بدعم الحزب التقدمي الاشتراكي، وهو أكبر حزب درزي بقيادة وليد جنبلاط. وفي أول تعليق له على ترشيحه، قال أزعور إن ترشيحه هو "دعوة إلى الوحدة". وشغل أزعور (57 عاما) منصب وزير المالية في الفترة من 2005 إلى 2008 وهي الفترة التي شهدت صراعا سياسيا حاداً بين حكومة مدعومة دولياً، وخصوم متحالفين مع حزب الله المدعوم من إيران. وفي الوقت ذاته، وصف حزب الله أزعور بأنه "مرشح مواجهة وتحد"، في إشارة إلى دوره الوزاري خلال الأزمة السياسية، التي بلغت ذروتها بنزاع مسلح في 2008 وسيطرة حزب الله المسلح على جزء كبير من بيروت. لكن زعيم حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، المعارض لحزب الله، وصف أزعور بأنه محايد، وأن المرشح اللبناني يحتاج إلى إجراء إصلاحات لمعالجة الأزمة المالية. وخلال فترة ولاية أزعور في صندوق النقد الدولي، توصل الصندوق إلى اتفاق تمويل مبدئي مع بيروت، بقيمة ثلاثة مليارات دولار، واشترط بعض الإصلاحات التي فشلت الحكومة في تنفيذ معظمها. * سليمان فرنجية هو سليل عائلة لبنانية لها باع طويل في السياسة، ويُنظر إليه منذ فترة طويلة على أنه رئيس محتمل، وكان قريبا على ما يبدو من الظفر بالمنصب في 2016 قبل أن يذهب المنصب إلى عون، ضمن اتفاق سياسي بين عدد من الأحزاب. وداعموه الرئيسون هذه المرة هما حزب الله وحركة أمل، التي يقودها رئيس مجلس النواب نبيه بري. ويرتبط فرنجية (57 عاما) بعلاقة صداقة قوية سورية. ووصف فرنجية، وهو أحد حلفاء حزب الله المقربين، ترسانة الجماعة بأنها ضرورية للدفاع عن لبنان من إسرائيل، وأبدى اعتراضه على قدرات الجيش اللبناني المدعوم من الولاياتالمتحدة. ويقول منتقدوه إن علاقاته الوثيقة مع حزب الله، سبب رئيس لمعارضة ترشيحه. ودخل فرنجية ميدان السياسة في وقت مبكر من حياته، بعد مقتل والديه وشقيقته في 1978 داخل منزلهم في شمال البلاد، ضمن صراع على صدارة المشهد خلال الحرب الأهلية، التي دارت رحاها بين عامي 1975 و 1990. كما كان فرنجية، أحد أعمدة النظام الذي حكم لبنان لمدة 15 عاما بعد الحرب، إلى أن اضطرت سورية للانسحاب في 2005 بعد اغتيال الشهيد رفيق الحريري. وحزبه "المردة" هو أحد أصغر الأحزاب المسيحية في لبنان. * جوزيف عون رغم أن التوقعات تشير إلى أن جلسة البرلمان ستضع فرنجية وأزعور في مواجهة بعضهما، ينظر البعض إلى قائد الجيش جوزيف عون بوصفه مرشحا ثالثا محتملا. وتقلد بعض القادة العسكريين في السابق منصب الرئاسة في عدة مناسبات، منها ما حدث عام 2008 عندما أصبح ميشال سليمان رئيسا للدولة، في إطار صفقة لإنهاء الأزمة السياسية. ويقود عون الجيش المدعوم من الولاياتالمتحدة منذ عام 2017، وهي الفترة التي شهدت فيها البلاد بوادر الأزمة المالية على الغالب. وفي عام 2021، حذر عون من أن الانهيار سيؤدي حتما إلى انهيار جميع مؤسسات الدولة، بما في ذلك الجيش اللبناني الذي يعد العمود الفقري للبلد. وبوصفه قائدا عسكريا محنكا، انتقد عون السياسيين الذين تقلدوا المناصب الحاكمة في البلاد بسبب الانهيار، قائلا إن الجنود كانوا يعانون من الجوع، شأنهم شأن بقية اللبنانيين وتوجه بسؤال للسياسيين قائلا "ماذا تنوون أن تفعلوا؟" وبعد وقت قصير من توليه قيادة الجيش في عام 2017، أدار عون المعركة التي أدت إلى هزيمة مقاتلي تنظيم داعش على الحدود بين سورية ولبنان. وقد نالت العملية العسكرية إشادة السفير الأميركي في ذلك الوقت، الذي قال إن الجيش قام بعمل ممتاز. وسبق أن عبر جعجع عن دعمه لعون كرئيس محتمل، ونسب إليه الفضل في إدارة الجيش بصورة جيدة والعمل كرجل دولة. لكن آخرين يعارضون ترشحه، ومنهم السياسي المسيحي البارز جبران باسيل، الذي اتهمه في وقت سابق من هذا العام بأنه "يأخذ بالقوة صلاحيات وزير الدفاع" والضلوع في قضايا فساد. وردا على ذلك قال عون، إنه مستعد لخرق القانون للحفاظ على قواته، في حالة جيدة وتعزيزها بكل ما تحتاجه من أجل إنجاز المهام الموكلة إليها.