سيرة مُشرفةٌ خطتها أنامل التاريخ التي حركتها عقارب الزمن ومتغيرات الحياة بسياقاتها السياسية، الاقتصادية، والثقافية حتى وضعت المملكة العربية السعودية في إطار يقيده العقل، يصدحُ به المنطق، تعرضهُ المصداقية، ويعكسهُ الوضوح. حيثُ تمدُ المملكة ذراعيها لتحتضن شقيقاتها من الدول العربية دون استثناء في سعي متواصل للبحث عن المصالح العامة للشعوب العربية وداعية للتسامي على الخلافات البينة من أجل تحقيق أمن الدول، استقرار الشعوب، وحث الشباب العربي على التطلع لتحقيق التنمية والإسهام في بناء شرق أوسط مزدهر كما وصفه سمو سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ب "أوروبا الجديدة"، كل ذلك يحدث في خضم أمواج متلاطمة من التغيرات الجيوسياسية الحالية وتذبذب في السياقات العامة المختلفة التي تؤدي للتباعد والتنافر إلا أن المملكة بدأت بوضوح في إيجاد حلول عقلانية للملفات العالقة مع الدول الإقليمية المؤثرة مثل تركيا وإيران بهدف نشر الأمن في المنطقة، كما تحدث وزير خارجية سورية فيصل المقداد أثناء حضوره أعمال الإعداد للقمة من مدينة جدة متفائلاً بجهود المملكة لتوحيد صف الأمة العربية، ومؤكداً على أهمية النظر للمستقبل وعدم الالتفات للماضي. إن هذا الحراك سبقته عدة خطوات لتوحيد الصف من خلال عقد القمة العربية الصينية في التاسع من ديسمبر للعام 2022م، وكذلك استضافت المملكة قمة "الأمن والتنمية" القمة العربية الأميركية في الخامس عشر من يوليو 2022م وهدفت تلك القمم لإيجاد شراكات أميركية وصينية مع الدول العربية لتقريب الفجوة بين الدول العربية وبناء جسور للتواصل البناء بينها وخلق جو يسوده التفاؤل والوئام. إن الدور السعودي ليس غريباً أو حديثاً فهناك أمثلة تثبت أن الهم العربي يأتي في مقدمة شواغل المملكة وهمومها فمحاولة الإصلاح كانت حاضرة عبر عقود مضت كالإصلاح بين الجزائر والمغرب، بين الأحزاب الفلسطينية، بين الفرقاء في لبنان، وكذلك في اليمن حيث إنها وقفت على مسافة واحدة من الجميع، وسعت لتقريب وجهات النظر بين المختلفين، وحديثاً المختلفون من أبناء السودان الشقيق في محاولة لحقن الدم السوداني والحفاظ على نسيجه الاجتماعي. تلك التحركات تدعمها الرؤية السعودية الثابتة والمتمثلة في الوقوف على مسافة واحدة من الجميع وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى. تلك تحركات تدفعها آمال وتطلعات الشعوب العربية من آجل تحقيق التوافق العربي، حيث إن فئة الشباب بدأت تتغنى باسم سمو الأمير الشاب محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، متمنية أن يحضر في كل بلد عربي شخص يماثله في الإرادة ليحارب الفساد، وانتشار المخدرات ويبني الإنسان ويشيد البنيان حتى تتوافق القدرات العقلية مع التطورات المادية في مسعى لرفاهية الشعوب وازدهارها، تلك التطلعات يدفعها إيمان الشباب العربي بأن أمته أمة إيجابية ومعطاءة ثقافياً ولها إسهامات تاريخية مما يشجع على أن يكون لها دور مستقبلي. ختاماً إنها قامات عربية تجتمع في قمة الهمم، حيث نتطلع جميعاً لوحدة الصف ولم الشتات تحت رؤية تنموية شاملة وواسعة يتشارك فيها الجميع ولا يستثنى من فوائدها أحد لأننا جميعاً إخوة في الدم، متصلون في الجغرافيا، متحدون في التطلعات لأوطان عربية مستقلة، مستقرة، متطورة بسواعد أبناء الأمة العربية لأننا نستحق ونستطيع. *قسم الإعلام جامعة الملك سعود