إن العلاقة الزوجية إحدى أكثر العلاقات التي لا يوجد لها نمط أو نظام واحد، فهي علاقة متغيرة وفقًا لمعايير ومتطلبات كل طرف فيها، وهي علاقة غير ثابتة، فمن المستحيل أن يكون الأطراف فيها على الأفكار والقناعات نفسها التي ابتدأت بها تلك العلاقة، فالتجارب والمعرفة هي بوصلة التغير لهوية كل طرف فيها. المتغيرات التي تطرأ على أحد أطراف العلاقة قد تكون إيجابية أو سلبية، وحتى تستمر هذه العلاقة بشكل صحي يجب أن يبوح الطرفان لبعضهما بكل شفافية عن رغبتهما في التغيير، وعليه يجب عليهما قبول هذا التغير والتعايش معه، ولكن يقع المعظم في المحظور بإخفاء حقيقة هذا التغيير الذي طرأ عليهم، وعندها تنشأ فجوة يصعب سدها وشق يصعب معالجته. يواجه الكثير في هذه العلاقة مع مرور الزمن (أزمة سقوط الأقنعة!!)، بحيث يسقط قناع أحد طرفي هذه العلاقة نتيجة منعطفات الحياة الواقعية، وعندما يسقط القناع وتنكشف الحقيقة تنشأ الفجوة والشق التي يصعب معالجتهما.. وللأسف جرت العادة على محاولة إصلاح هذه العلاقة بالرّقاع!! تمامًا كمن لديه منزل متهالك وقديم ويحاول ترميمه بعد كل فترة زمنية ليقنع نفسه بأنه مناسب له، ويضيف عليه العبارات العاطفية لإقناع نفسه، مثل: (موقعه المناسب، ريحة الوالد، منزل أمي، الجيران وأهالي الحي..)، وفي الحقيقة ما هو إلا هدر مالي وضياع للوقت على أمر منتهٍ في الواقع! فإذا ما سألته بعد عمل جميع عمليات الترميم عن رغبته في الانتقال من المنزل فسوف تكون إجابته: نعم! كذلك العلاقة الزوجية مهما حاول الطرفان إقناع أنفسهم بأن استمرارية العلاقة هو الصواب مع إضافة العبارات العاطفية لإقناع أنفسهم: (لقد تقدم بي العمر، الأولاد هم نقطة ضعفي، جميع الأزواج مثلنا، سوف يضيع الأبناء..) وإذا ما سألت أحد الطرفين عن رغبته في إنهاء العلاقة فسوف تكون نعم، وغالبًا ما تضاف عليها بأن يكون الطرف الآخر هو المبادر! إذًا تكمن المشكلة في شجاعة أحد الطرفين على اتخاذ القرار الصحيح وإنهاء العلاقة السامة التي تغذي أرواحهم المنهكة والمستنزفة من كثرة الصبر على الاستمرار مع طرف غير مرغوب فيه ولا يُلبي احتياجات الطرف الآخر ولا يُرضي الطموح، فالانفصال وإنهاء العلاقة الزوجية هو القرار الصحي للقضاء على حياة البؤس التي لم ينتج عنها إلا أرواحًا منهكة ونفوسًا مضطربة. على الجميع أن يعلم بأن ترميم المنزل المتهالك سنويًا لا يجعل منه إلا منزلًا ذا صلاحية مؤقتة ومن ثم يعاد ترميمه، وأن البقاء في علاقة زوجية لا يجتمع فيها الحب والطموح والشغف والرغبة لا يجعل من هذه العلاقة إلا قنبلة موقوتة سوف تنفجر يومًا وتحدث ضررًا لا يمكن إصلاحه، والخوف أن يطال هذا الضرر فلذات الأكباد إن وجدوا.