أدى القتال العنيف الدائر في السودان منذ منتصف ابريل الماضي، إلى نزوح 700 ألف شخص داخل السودان، بحسب ما اعلنت الأممالمتحدة أمس. وقال المتحدث باسم منظمة الهجرة الدولية التابعة للأمم المتحدة بول ديلون "هناك الآن أكثر من 700 ألف شخص، نزحوا داخليا من القتال الذي بدأ في 15 ابريل" مؤكدا وصل العدد إلى 340 ألف" نازح. وبحسب ديلون، فإنه حتى قبل بدء القتال، كان هناك قرابة 3,7 مليون شخص مسجلين كنازحين داخليا في السودان. وأضاف "العديد من النازحين يحتمون عند أقاربهم، بينما يتجمع آخرون في المدارس والمساجد والمباني العامة". وأشار إلى ما وصفه ب "الكرم الهائل للشعب السوداني الذين قاموا بفتح أبوابهم للنازحين الذين قدموا إلى مناطقهم". ولكنه تطرق إلى "الضغوط الهائلة التي يفرضها ذلك على العائلات أو المجتمعات المضيفة، الذين يعانون هم أنفسهم في كثير من الحالات من آثار أكثر، من ثلاثة أسابيع من القتال". ومنذ اندلاع المواجهات تشهد العاصمة السودانية حالة من الفوضى، ناجمة عن المعارك بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف ب"حميدتي". ويتواصل القتال في العاصمة الخرطوم ومناطق اخرى في البلاد، بينما لا يزال الجميع بانتظار نتائج مفاوضات وقف إطلاق النار بين الطرفين المتحاربين، والمنعقدة في جدة . وأسفرت المعارك الدائرة منذ أكثر من ثلاثة أسابيع عن سقوط 750 قتيلا، وخمسة آلاف جريح . حافة الانهيار يقول عاملون في مجال الإغاثة إن القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية في السودان، يدفع بالبرامج الإنسانية التي تعاني من ضعف التمويل في المنطقة، إلى حافة الانهيار. وحتى قبل اندلاع أعمال العنف، كان ملايين الأشخاص في السودان والدول المجاورة، يعتمدون على المساعدات بسبب الفقر والصراع. وقُتل المئات في القتال الدائر في السودان ومن بينهم خمسة على الأقل من العاملين في المجال الإنساني، ونُهب مخزون المواد الغذائية، وغادر العديد من العاملين في مجال الإغاثة الدولي البلاد. وتسعى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، للحصول على 445 مليون دولار إضافية، للتعامل مع الهجرة الجماعية المتوقعة لنحو860 ألف شخص من السودان، إلى ستة من أصل سبعة دول مجاورة، وهي تشاد ومصر وإثيوبيا وإريتريا وجنوب السودان وجمهورية أفريقيا الوسطى، بحلول أكتوبر، وفيما يلي احتياجات كل دولة: السودان: تقول المنظمة الدولية للهجرة إن أكثر من 330 ألف شخص نزحوا داخل السودان منذ 15 أبريل. وكان هناك 3.7 مليون نازح داخليا بالفعل، قبل اندلاع القتال، معظمهم في منطقة دارفور حيث تصاعد العنف، منذ بدء صراع كبير في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. وتستضيف البلاد أكثر من مليون لاجئ، معظمهم من جنوب السودان وإريتريا وإقليم تيجراي الإثيوبي. وقبل 15 أبريل، كان ما يقرب من 16 مليون شخص، يعتمدون على المساعدات الإنسانية. وتشير تقديرات للأمم المتحدة، إلى أن الرقم مرشح للزيادة بمقدار خمسة ملايين نسمة، من بينهم 2.5 مليون طفل. وقد تلقى برنامج مساعدات الأممالمتحدة للسودان حتى الآن 15 بالمئة فقط من التمويل، المحدد له في عام 2023 وقدره 1.75 مليار دولار. جنوب السودان: تقول المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إن من المتوقع أن يفر حوالي 240 ألف شخص من السودان إلى جنوب السودان. ووصل إلى هناك بالفعل 35 ألف شخص، معظمهم على متن قوارب عبر نهر النيل إلى بلدة الرنك الحدودية. في حين تلقى برنامج مساعدات الأممالمتحدة للبلاد حتى الآن 26 بالمئة فقط، من التمويل المحدد له في عام 2023 وقدره 1.75 مليار دولار. تشاد: من المتوقع أن يعبر حوالي 105 آلاف شخص فروا من السودان الحدود الصحراوية الطويلة إلى تشاد. ووصل بالفعل ما يقدر بنحو 30 ألفا. يقول برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، إن تشاد تسجل أحد أعلى مستويات الجوع في العالم، وأكثر من ثلث أطفالها دون سن الخامسة يعانون من التقزم. وكانت تستضيف بالفعل أكثر من 500 ألف لاجئ، انخفضت المساعدات المقررة لهم أو انقطعت منذ العام الماضي، بسبب نقص التمويل. تقول المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إنها بحاجة إلى تمويل إضافي لنقل الوافدين الجدد، الذين ينامون حاليا في ملاجئ بدائية هشة، إلى مخيمات اللاجئين القائمة وبناء خمسة مخيمات جديدة. تلقى برنامج مساعدات الأممالمتحدة للبلاد 4.5 بالمئة فقط من التمويل المحدد له في عام 2023 وقدره 674 مليون دولار. مصر: تقول المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إن من المتوقع أن تستقبل مصر العدد الأكبر من اللاجئين السودانيين. ومن المتوقع وصول 350 ألفا. ودخل مصر حتى الآن حوالي 50 ألفا من بينهم العديد من المعاقين. أثيوبيا: من المتوقع أن يفر نحو 85 ألف شخص إلى إثيوبيا. ووصل البلاد بالفعل حوالي 1500 شخص، من بينهم العديد من اللاجئين الإريتريين، الذين كانوا يبحثون عن مأوى في السودان. وأفاد تقرير للأمم المتحدة أن الوافدين، الذين فروا في وقت مبكر، كانت تظهر عليهم علامات الاضطراب النفسي. في حين قدمت الأممالمتحدة لإثيوبيا بالفعل برنامج مساعدات، حجمه أربعة مليارات دولار، في ظل سعيها للتعافي من حرب استمرت عامين، وأسفرت عن مقتل عشرات الآلاف، ووضعت مئات الآلاف في ظروف تشبه المجاعة. ولم يتلق البرنامج سوى 20 بالمئة من حجم التمويل المقرر له. أفريقيا الوسطى: تقول المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إن من المتوقع أن تستقبل البلاد 25 ألف شخص من السودان. ووصل بالفعل أكثر من ستة آلاف شخص. يقول برنامج الأغذية العالمي، إن أكثر من ثلاثة أرباع سكان البلاد فقراء، ونصفهم تقريبا يعانون من انعدام الأمن الغذائي. تقول الأممالمتحدة إن جمهورية أفريقيا الوسطى، تحتاج إلى مساعدات في عام 2023 بقيمة تقترب من نصف مليار دولار. وتلقى البرنامج حتى الآن 23 بالمئة فقط من التمويل المقرر. إريتريا: ربما تستقبل البلاد نحو 55 ألف شخص من السودان، رغم عدم تسجيل أي منهم حتى الآن. وإريتريا من أكثر الدول الأفريقية فقرا وقمعا. ويفر الآلاف منها كل عام، في محاولة لخوض رحلة محفوفة بالمخاطر إلى أوروبا.