الحياة مدرسة.. ما أصدق هذه العبارة التي تتردد على مسامعنا يومياً. وعلى الرغم من تنوع الدروس في هذه الحياة، إلا أن الدروس التي نتلقاها من كبار السن هي الأصدق. فهؤلاء الناس قد سبقونا في رحلة الحياة، ووصلوا إلى محطات لم نصل إليها. وبذلك حري بنا الاستماع لما يقولون لنختصر على أنفسنا عناء السير في بعض الطرق المؤذية أو على الأقل تقدير غير المثمرة. لم تكن الممرضة الأسترالية بروني وير تعلم وهي تعمل في مجال الرعاية التلطيفية (Palliative Care)، القائم على تقديم المساعدة للمرضى الكبار والعناية بهم في آخر محطات حياتهم أنها ستلاحظ ما يستحق أن تقدمه في كتاب تحت عنوان: "أكثر 5 أسباب للندم قبل الموت" (The Top Five Regrets of the Dying). لقد لاحظت وير خمسة أشياء يتكرر ذكرها من قبل هذه الفئة الخاصة من المرضى عندما يسألون عن أهم الأشياء التي ندموا عليها في حياتهم.. تقول وير: "عندما سئلوا عن أي ندم لديهم أو أي شيء سيفعلونه على نحو مختلف لو عاد بهم الزمن، ظهرت موضوعات مشتركة مراراً وتكراراً".. يتفق أعضاء هذه العينة على الندم على عدم عيشهم حياتهم بالطريقة التي اختاروها لأنفسهم. حيث ترددت عبارة: "أتمنى لو امتلكت الشجاعة لأعيش حياة حقيقية مع نفسي، وليس الحياة التي توقعها مني الآخرون".. كما يتفق جميع الرجال على الندم على الاستغراق في العمل على حساب جوانب حياتهم الأخرى: "أتمنى لو لم أعمل بجد طوال الوقت".. لقد فاتهم الجلوس مع أطفالهم والاستمتاع بأوقاتهم. تقول وير: "الرجال الذين قمت برعايتهم يأسفون بشدة لأنهم قضوا كثيراً من حياتهم في حلقة مفرغة من العمل".. وكان من بين الأشياء التي ندم عليها أفراد هذه العينة كبت مشاعرهم، والتضحية بها في سبيل السلام مع الآخرين مما فوت عليهم فرصة الاستمتاع الحقيقي بالحياة، بل وأصابهم بالأمراض أحياناً.. لقد ندم الكثير من أفراد العينة على عدم "اختيار السعادة"، والتصالح مع الذات، فكانوا يربطون السعادة بالحصول على أشياء أخرى.. وأخيراً، كان الندم على فقدان العديد من الصداقات الحقيقية التي لا يستطيعون تعويضها في نهاية حياتهم.. إن تلافي هذه الأشياء الخمسة في حياتك كفيل بعدم ندمك في آخر محطات حياتك وأنت تنتظر القطار ينقلك إلى العالم الأبدي.