هكذا أعلنها وزير المالية محمد الجدعان خلال مؤتمر القطاع المالي في 14 مارس 2023 «أنَّ اعتمادنا على عائدات النفط سيصبح أقل بكثير، وبمرور الوقت سينخفض أكثر فأكثر»، وهذا ما تهدف إليه رؤية 2030 بأن تكون الإيرادات النفطية إضافة إلى الميزانية العامة والاحتياطات والصناديق العامة، بينما يكون الاعتماد على الإيرادات غير النفطية هو الأساس الذي يحقق استدامة الإيرادات ويجنبها مخاطر تقلبات أسعار النفط بين فترة وأخرى، فلم يعد التعويل على اقتصاد النفط، بل على تنويع الاقتصاد غير النفطي وزيادة مساهمته في إجمالي الناتج المحلي، مما سيضمن استمرار الإنفاق الحكومي واستقرار الاقتصاد عند معدلات نمو تراكمية عالية، لهذا سيتسمر الإنفاق الحكومي بوتيرة سلسلة وبكفاءة عالية على البنية التحتية والخدمات العامة والاستثمار في المشاريع التي يحتاجها الاقتصاد والمجتمع وتحفز مشاركة القطاع الخاص في تنمية الاقتصاد غير النفطي. فقد بلغت الإيرادات غير النفطية من إجمالي الإيرادات 127 مليار ريال أو 12 % في عام 2014، وبدأت تتصاعد بمعدل متسارع خلال تنفيذ برامج رؤية 2030، لتصل إلى 410.89 مليارات أو 32.4 % من إجمالي الإيرادات في عام 2022، رغم ارتفاع الإيرادات النفطية بنسبة كبيرة. وإذا ما قارنا الإيرادات غير النفطية في 2014 بالإيرادات غير النفطية في 2022، نجد أن الزيادة بلغت 200.2 % أو الضعفين، كما أنها نمت في عام 2022 مقارنة بعام 2021 بمعدل 2 % أو 7.59 مليارات ريال، ولو افترضنا أن متوسط نمو الإيرادات النفطية في الأعوام القادمة حتى نهاية 2030 ما بين 5-10 % فإن الإيرادات غير النفطية ستصل إلى ما بين 609-881 مليار ريال أو 196 - 470 مليار ريال، وهو قريب جدا من ما تستهدفه رؤية 2030، وذلك تماشيا مع سيشهده الاقتصاد من نمو متراكم خلال نفس الفترة الزمنية. وحقق الاقتصاد نمواً في 2022، وهو الأعلى منذ 2011 وبمعدل 8.7 %، مدعوماً بنمو الأنشطة النفطية وغير النفطية والحكومية بمعدلات بلغ متوسطها بالأسعار الثابتة: 15.4 %، 5.4 %، 2.2 % على التوالي، ليصل إجمالي الناتج المحلي الإسمي إلى 3.957 تريليون ريال أو 1.055 تريليون دولار، وذلك لأول مرة في تاريخ المملكة. هكذا يعزز تنويع مصادر الدخل مستوى الاستقرار الاقتصادي ونموه بمعدلات جيدة، فكلما ارتفع مستوى التنويع الاقتصادي في إطار نموذج المدخلات والمخرجات ارتفع مستوى مرونة واستقرار الاقتصاد والدخل العام. لذا يؤدي التركيز بشكل رئيس على الإنفاق الاستهلاكي، الصادرات، الأعمال التجارية الصغيرة والمتوسطة، الاستثمارات الأجنبية إلى نمو الاقتصاد والإيرادات غير النفطية تزامنيا. إن استغلال الموارد النفطية والاستثمار في غير النفطية سيخلق بيئة استثمارية جاذبة للاستثمار الأجنبي المباشر وقيام المشاريع ذات القيمة الاقتصادية المضافة التي تعزز مشاركة القطاع الخاص، مما سيحقق أهداف رؤية المملكة 2030 بوصول إجمالي الناتج المحلي إلى 6.375 تريليون ريال أو 1.7 تريليون دولارا ونمو الإيرادات غير النفطية إلى (1) تريليون ريال بحلول عام 2030، وهذا سيحقق ما قاله وزير المالية السعودي محمد الجدعان «هدفنا خلال هذه الفترة حتى 2030، أن نصل إلى مرحلة لا ننظر فيها حتى إلى أسعار النفط».