أكد وزير المالية محمد الجدعان أن السياسات والإجراءات الواقعية والمسؤولة التي اتخذتها الحكومة في التعامل مع جائحة فيروس كورونا حدّت من التداعيات الإنسانية والمالية والاقتصادية من خلال تقديم دعم قوي للقطاعين الصحي والخاص مع الحفاظ على الاستدامة المالية للمديين المتوسط والطويل. وبين الوزير في كلمة له عقب إقرار الميزانية العامة للدولة للعام 2022، أن تلك السياسات انعكست إيجاباً على التعافي التدريجي للاقتصاد المحلي، الذي شهد نمواً متسارعاً في عدد من الأنشطة الاقتصادية. وأشار إلى أن الميزانية تؤكد حرص حكومة خادم الحرمين على المُضي قدماً نحو تعزيز النمو الاقتصادي في مرحلة ما بعد الجائحة، وتسخير الموارد المالية للإنفاق على الصحة والتعليم وتطوير الخدمات الأساسية، بالإضافة إلى استمرار الدعم والإعانات الاجتماعية. أرقام الميزانية أوضح أن تقديرات الميزانية لعام 2022م تظهر أن إجمالي الإيرادات سيبلغ 1,045 مليار ريال، بارتفاع نسبته 12.4% عن المُتوقع تحقيقه في عام 2021م، فيما يقدر إجمالي النفقات بحوالي 955 مليار ريال، في حين يتوقع تحقيق فوائض بنحو 90 مليار ريال (أي ما نسبته 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي). وفق "أخبار 24". وأضاف أن هذه الفوائض سيتم توجيهها لتعزيز الاحتياطيات الحكومية، ودعم الصناديق التنموية وصندوق الاستثمارات العامة، والنظر في إمكانية التعجيل في تنفيذ بعض البرامج والمشاريع الاستراتيجية ذات البعد الاقتصادي والاجتماعي، أو سداد جزء من الدين العام حسب ظروف السوق. الدين العام أوضح الجدعان أنه من المتوقع تحسن مؤشراته في عام 2022م لتنخفض إلى حوالي 25.9 % من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 29.2% في عام 2021م نتيجة التوقعات بتحقيق فوائض في الميزانية وكذلك نمو الناتج المحلي، على أن يتم الاقتراض لسداد أصل الدين الذي يحل أجل سداده مستقبلاً أو لاستغلال الفرص المواتية في السوق لدعم الاحتياطيات أو تمويل مشاريع رأسمالية يمكن تسريع إنجازها من خلال الإصدارات السنوية. ولفت إلى أن نسبة الدين من الناتج المحلي الإجمالي من المتوقع أن تظل عند مستويات مناسبة في العام 2024م لتصل إلى 25.4%، وأن الحكومة تعمل على تطوير إطار إدارة المخاطر الذي يهدف إلى متابعة ورصد أبرز التطورات في الاقتصاد المحلي والعالمي، لتحديد المخاطر الناتجة عنها، ومن ثم تقييم الآثار المترتبة عليها. استمرار دعم التعافي في النشاط الاقتصادي أكد أن الحكومة تسعى في العام 2022م وعلى المدى المتوسط لدعم استمرار التعافي في النشاط الاقتصادي، مع الحفاظ على المبادرات التي تم البدء في تنفيذها خلال الأعوام الماضية، والالتزام بتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030م من خلال تقليل الاعتماد على الإيرادات النفطية، وتنويع الاقتصاد وتنمية الإيرادات غير النفطية وضمان استدامتها. وأشار إلى التقدم المحرز خلال الفترة الماضية في تنفيذ برامج تحقيق الرؤية والمشاريع الكبرى وكذلك المشاريع الاستثمارية في مختلف القطاعات، بما فيها مشاريع البنية التحتية. الممكنات الاقتصادية الداعمة للقطاع الخاص أوضح الوزير أن اقتصاد المملكة يشهد تنامياً مستمراً في دور الممكنات الاقتصادية الداعمة للقطاع الخاص، ويأتي على رأس تلك الممكنات المساهمة التنموية الفعالة من المشاريع والبرامج التي يقوم بها كل من صندوق الاستثمارات العامة، وصندوق التنمية الوطني، إضافة إلى التقدم في تنفيذ برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية (ندلب)، والاستراتيجية الوطنية للاستثمار، وبرنامج شريك، وبرنامج تطوير القطاع المالي، والتخصيص. ولفت إلى أن نجاح تلك الممكنات ينعكس إيجابيًا على أداء المالية العامة من خلال تحفيز وتنويع النمو الاقتصادي، وبالتالي تحسن الإيرادات غير النفطية، كما يحد نجاح تلك الممكنات من الضغط على الإنفاق الحكومي، لا سيما مع قيام القطاع الخاص بقيادة الاستثمار والتوظيف. مؤشرات أداء الأنشطة وتوقعات لعام 2022 مؤشرات أداء الأنشطة حتى نهاية الربع الثالث من عام 2021م أشار الوزير إلى النمو الملحوظ في مؤشرات أداء الأنشطة حتى نهاية الربع الثالث من عام 2021م، والذي يعكس استمرار حالة التعافي التدريجي التي صاحبتها سرعة ارتفاع نسب التحصين من فيروس (كوفيد-19)، مما ساهم في تخفيف المزيد من الإجراءات الاحترازية المتبعة في المملكة، موضحاً أن التقديرات الأولية لعام 2021م تظهر نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 2.9% مدفوعًا بارتفاع الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي الذي من المُتوقع أن يسجل نموًا بنحو 4.8%. كما تُشير التوقعات لعام 2022م إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 7.4% مدفوعًا بارتفاع الناتج المحلي الإجمالي النفطي المرتبط باتفاقية أوبك+، بالإضافة إلى التحسن المُتوقع في الناتج المحلي غير النفطي مع استمرار تعافي الاقتصاد وتنفيذ المشاريع والبرامج الداعمة للنمو والتنويع الاقتصادي. برنامج الاستدامة المالية وحول برنامج الاستدامة المالية، أوضح أن المكاسب والتحول الجوهري خلال الفترة السابقة في أسلوب إدارة المالية العامة تطلبا الانتقال من مرحلة التوازن المالي إلى مرحلة تسعى للحفاظ على الاستدامة المالية من خلال أدوات تخطيط فاعلة تستحضر متطلبات الإنفاق على مدى زمني أطول. ويساعد في حماية هذا التخطيط والقدرة على الإنفاق المخطط له على المدى المتوسط تقليل الربط بالعوامل الخارجية بما في ذلك تقلبات أسواق النفط، حتى لا تتسبب في إرباك هذا التخطيط، لافتا إلى أن البرنامج يتوقع أن يحقق فوائد عديدة من الناحية الاقتصادية، حيث سيسهم في مواصلة تحقيق معدلات نمو مستقرة للاقتصاد غير النفطي، وتخفيف أثر تذبذبات أسعار الطاقة على الاقتصاد الوطني، إضافة إلى تعزيز قدرة القطاع الخاص على التخطيط للاستثمارات بوضوح. وعلى جانب المالية العامة، سيسهم في تعزيز فاعلية التخطيط المالي، ورفع كفاءة الإنفاق الحكومي، واستغلال فوائض الميزانية في تعزيز الاحتياطيات المالية أو توجيهها لإنفاق استثماري يضمن تنويع الاقتصاد، ويحقق مستهدفات النمو الاقتصادي المستدام على المديين المتوسط والطويل.