قال إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور عبدالله بن عواد الجهني - في خطبة الجمعة -: إن من أعظم المطالب لراحة القلب وسروره وزوال همومه وغمومه وبه تحصل الحياة الطيبة ويتم السرور والابتهاج هو الايمان بالله والعمل الصالح والإحسان إلى الخلق قولاً وفعلاً وبكل ما هو معروف. وأضاف، أن في اختيار الخالق تبارك وتعالى دين الإسلام شرعة ومنهجاً للمؤمنين لهو دليل على عنايته تعالى بهم ومحبته لهم ورضاه عنهم، قال تعالى: «اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي وَرَضِيت لَكم الإِسلَام ديناً»، مبيناً أن الإسلام هو دين الله الذي لا يقبل دينا سواه، فقد أودعه الله - عز وجل - كمال وسعادة كل عبد يدين به لله رب العالمين، فيعبد الله وحده بما حواه من عقيدة التوحيد الراسخة ومن عبادات وأحكام وآداب وأخلاق. وتابع: اعلموا أنه لم يبق إلاّ أيام قلائل، ونستقبل موسماً من مواسم الخير وميداناً يتسابق فيه المتسابقون، إنه ضيف عزيز ووافد كريم تتشوف القلوب إلى مجيئه، وتتطلع النفوس إلى قدومه، هو شهر رمضان شهر الصيام والقرآن والعتق من النيران، وشهر البر والجود والإحسان وكل أنواع الطاعات والقربات، يتباشر المؤمنون بقدومه، ويهنئ بعضهم بعضاً ببلوغه، قال صلى الله عليه وسلم: «إذا كان أوَّلُ لَيلةٍ من رَمَضانَ صُفِّدَتِ الشَّياطينُ، ومَرَدةُ الجِنِّ، وغُلِّقَت أبوابُ النَّارِ، فلم يُفتَحْ منها بابٌ، وفُتِحَت أبوابُ الجِنانِ فلم يُغلَقْ منها بابٌ، ونادى مُنادٍ: يا باغِيَ الخَيرِ أَقْبِلْ، ويا باغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وللهِ عُتَقاءُ منَ النَّارِ». وذكر أن السلف الصالح كانوا يسألون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، فإذا بلغهم إياه سألوه ستة أشهر أخرى أن يتقبل منهم، وسئل عبدالله بن مسعود الصحابي الجليل - رضي الله عنه - كيف كنتم تستقبلون رمضان؟، فأجاب قائلاً: ما كان أحدنا يجرؤ على استقبال الهلال وفي قلبه مثقال ذرة حقد على أخيه المسلم، فاسألوا الله تعالى أن يبلغكم شهر صومكم، واستقبلوه بالنية الصالحة والعزيمة الصادقة على صيامه وقيامه، واغتنموا نعمة الصحة والقدرة على العمل، فكم من مسلم يتمنى أن يصوم رمضان ويقوم ليله فلا يستطيع لمرض يمنعه، وكم من إنسان استحوذ عليه الشيطان فهو في الأرض حيران، وكم من مسلم تفيض عينه من الدمع حزنًا لا يستطيع الوصول إلى بيت الله، وكم من امرئ استحوذت عليه شهواته وجعلته في غفلة ونسيان يقول إنه مسلم ولا يؤدى شعائر الإسلام، فاشكروا نعمة الله عليكم واجتهدوا في طاعته وطاعة رسوله، واشكروا نعمة الأمن والاستقرار تؤدون شعائر دينكم في بيوت الله بعز وافتخار، واشكروا نعمة الله عليكم واجتهدوا في طاعته وطاعة رسوله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليمًا -، وخذوا من صحتكم لمرضكم، ومن غناكم لفقركم، ومن شبابكم لهرمكم، ومن حياتكم لموتكم ومن فراغكم لشغلكم. وأوصى بالتمسك بآداب هذا الشهر واحترامه وأداء حقه والتعرض لرحمة الله وإحسانه، فإن هذا الشهر فرصة لا تعوض، فقد لا يدرك المرء شهراً مثله، نسأل الله أن يوفقنا لبلوغ هذا الشهر، وأن يوفقنا لصيامه وقيامه إيماناً واحتساباً وأن يجعلنا من عتقائه من النار، والفائزين برحمة الله ورضوانه وأن يتقبل منا ومن جميع المسلمين.