✒بعد عدة أيام نستقبل شهرُ العبادةِ والقيام وهو بابٌ من أبواب الجنة الثمانية وهو شهر الخير كله أيامه ولياليه وساعاته وأوقاته ولكن الشأن فينا كيف نستقبل هذا الشهر الكريم ،وكيف نقضي أوقاته . ذلك الشهر العظيم الذي ينتظره أهل السماء والأرض معاً شهرٌ ينتظره المؤمن وقد يتلهف لقدومه ويستعد لدخوله لعل أن تصيبه نفحةً من نفحاته وبركةً من بركاته لعظم فضله وخيره وأيامُ هذا الشهر الفضيل معدودة وهي كفيلة أن تُربي النفس على الطاعات والبعدِ عن المنكرات فلابد أن نسعى في مجاهدة النفس على هذه الطاعات والمسارعة بها لفعل الخيرات . ويعتبر شهرُ رمضان فرصةٌ للتغيير وتهذيب النفس على الإخلاص فالصيام عبادة خفية ليس فيها عملٌ يشاهد كما في سائر العبادات والطاعات ولكن هذا المعنى يساعد في تنمية النفس على الإخلاص وهو شهرٌ اجتمعت فيه كل العبادات من صلاة وصيام وزكاة ودعاء وقراءة القرآن لتعلم الناس على عِظمة هذه الشعيره المباركة وفضائلها التي لاتعد ولاتحصى. وإن هذا الشهر الكريم مما يميزُ عقيدتنا وشريعتنا عن غيرنا من أهل الأديان والملل قال الله تعالى (ياأيها الذين ءامنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ) فحين ما بدلوا أهل الكتابِ وغيروا وحرفوا ماقد أمرهم الله به وقت أن فُرض الصيام على النصارى في الصيف فشق عليهم ذلك فنقلوه الى الربيع وزادوا عليه عشرة أيام بزعمهم كفارة للتغيير . وقد عصم الله هذه الأمة من التغيير والتبديل في أحكام دينها وفرض عليها الصيام من دون أي تغيير فتبقى شريعتنا هي الأكمل والأمثل إلى قيام الساعة . وقد اختص الله تعالى شهر رمضان بفضائلَ وخصائص عديدة وميزه عن غيره من الشهور بمزايا فريدة وبه بشائر الخير التي اجتمعت في الثلاثين يوماً تتنزل به الرحمات من رب الأرضِ والسموات ، ومن أهم تلك الفضائل التي تميز شهر رمضان عن سائر الأشهر والأيام : 1- نزول القرآن : وهي أعظم ميزة لهذا الشهر فقد قرنه الله تعالى بإنزال القرآن الكريم فقال عزوجل (شهرُ رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان). فلابد من استغلال أيامه ولياليه بالإكثار من قراءة القرآن بتدبرٍ وتمعن فالحسنةُ بعشر أمثالها ولنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الدروس والعبر مع القرآن في هذا الشهر حينما كان جبريل يدارسه القرآن كل ليلة، وكان للسلف الصالح قصصٌ كثيرة في إقبالهم على قراءة القرآن في هذا الشهر والإهتمام به ومن ذلك ماكان يفعله الإمام مالك بن أنس حيث كان يفر من قراءة الحديث ومجالسة أهل العلم ويقبل على تلاوة القرآن . 2- قيام الليل: وهو من أفضل الطاعات وأجل القربات وبه مناجاة العبد لله عزوجل وفيه ليلة عظيمة من أفضل الليالي وهي (ليلة القدر ) نسأل الله أن يبلغنا أياها . 3- تتضاعف الحسنات : فيجزىء الله الصائم بأن الحسنة له بعشرةِ أمثالها إلى سبعمائة ضعف . 4- الدعاء والتضرع: فلابد من الإجتهاد في هذا الشهر والإكثار من الدعاء والتضرع إلى الله قال تعالى: (ادعوني استجب لكم ) وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أن للصائم دعوة لاترد ). 5- تفتح فيه ابواب الرحمة: ومن فضائل هذا الشهر الكريم أنه شهر تفتح فيه أبواب الرحمة وتغلق ابواب جهنم وتسلسل فيه الشياطين كما ثبت من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم: (إذا دخل شهر رمضان فتحت ابواب السماء وغلقت ابواب جهنم وسلسلت الشياطين ). فينبغي أن نسعى جميعاً في التنافس في هذا الشهر الكريم والانشغال بالطاعات والقربات التي تقربنا من الله تعالى رجاء أن يختم لنا هذا الشهر بالقبول والعتق من النيران وأن تشملنا رحمة الواحد الديان . 6-باب الريان: خص الله تعالى هذا الشهر الكريم باب من أبواب الجنة لعظم منزلته وهو باب (الريان) لا يدخل منه إلا الصائمين. 7- الجود والإنفاق: فشهر رمضان هو شهر الخير والعطاء والإنفاق والإحسان إلى الناس والسباق في ميادين الخير من أجل تفريج كربه وإغناء الفقير عن السؤال وإشباع الجائع وإعفاف الأسر فكان الرسول صلى الله عليه وسلم أجود الناس وأجود مايكون في رمضان وأبواب الخير كثيرة في هذا العصر لتقديم الصدقات ومد العون للمحتاجين: ياباغي الخير هذا شهرُ مكرُمَةٍ أقبل بِصدقٍ جزاك الله إحسانا وفي هذه الأيام يصادف دخول شهر رمضان المبارك وقت الإجازة الصيفية فهناك بعض الوقفات لابد من التذكير بها وهي : * لابد أن نستغل تلك الفرصة وأن نجتهد في العبادات والطاعات وترك الملهيات. * المحافظة على الأوقات بما ينفع وإعداد البرامج الهادفة للنفس والأهل والأولاد خاصة ؛ وعدم السهر بما لايفيد وتضييع تلك الأوقات العظيمة . * عدم الإسراف في الطعام والشراب واستغلال ذلك انه وقت للإجازة مع العلم إنه شهر عبادة وطاعة . * تربية الأبناء الصغار هذه الأيام وتعويدهم على الصيام . * على المرأة أن تحتسب الأجر بما تقدم وأن تقتطع لها أوقاتاً للعبادة . كل ذلك من أجل أن نستقبل هذا الشهر العظيم بكل اجتهاد وعبادة ونهيء النفس على ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال. وأساله تعالى أن يوفقنا لاستثمار أواقاتنا بالطاعة في هذه الأيام المباركة وبما يعود علينا بالنفع في ديننا ودنيانا وأن يعيننا على تربية النفس على الخير وتعويدها على مايعينها على الصلاح والعزيمة والفلاح في الدارين.