حققت البنوك السعودية في العام 2022 أرباحا تاريخية تم تحليلها في تقريرنا السابق وتطرقنا فيه إلى أكثر البنوك استفادة من ارتفاع أسعار الفائدة والتوقعات المستقبلية للقطاع المصرفي السعودي، في هذا التقرير نتعمق أكثر في تحليل البيانات حسبما أظهرت القوائم المالية للبنوك والمنشورة على موقع تداول، وسوف نركز في هذا التقرير على العائد على الأصول والقطاعات التشغيلية الأكثر تحقيقا للنمو، وكما هو معلوم فإن العائد على الأصول هو من أكثر أدوات التحليل المالي التي تكشف قدرة البنك على إدارة أصوله باحترافية وتحقيق أعلى العوائد مع خفض المصاريف التي لا تؤثر على النمو مثل خفض عدد الفروع وماكينات الصرف الآلي التي تستنزف الكثير من المصاريف مع إمكانية تطوير التقنية البنكية بما يتواكب مع التقدم الهائل في هذا المجال والتخفيف من العمليات البنكية التقليدية. كذلك من النقاط التي يقاس بها احترافية إدارات البنوك، قدرتها على إدارة المخاطر بكفاءة عالية سواء المخاطر التشغيلية أو مخاطر الائتمان والمحافظة على جودة الأصول، وهنا نذكر خطأين تقع فيهما البنوك السعودية وتزيد من نسب التعثر في القروض التجارية، الخطأ الأول: أنها تضع على مسؤولي الحسابات في مصرفية الشركات أهدافا لتنمية محفظة القروض وتحاسبهم على الإخفاق وتكافئهم على تحقيق المستهدف، وهذا سبب رئيس في تعثر الكثير من الشركات عن السداد، بسبب أن الموظف ينظر إلى مصلحته الشخصية، ولذلك قد يتغاضى عن بعض الملاحظات التي اكتشفها خلال زياراته الميدانية لمقرات العملاء أو خلال إعداد الدراسة الائتمانية، الخطأ الثاني: هو تحويل ملف العميل المتعثر إلى إدارة متخصصة في معالجة الديون وهذه الإدارة لديها هدف واحد هو استعادة أكبر قدر من الدين المتعثر وبأسرع وقت للحصول على الحافز بغض النظر عن ظروف العميل واستمراريته مع البنك. البنوك السعودية حققت نموا في نسبة العائد على الأصول بحوالي 1.8 % عن العام 2022 مقارنة مع عائد 1.6 % في العام 2021، وتختلف نسب العائد على الأصول بين البنوك والشركات الأخرى لأن البنوك معظم أصولها ناتج عن ودائع العملاء وجزء من هذه الودائع يتم الاحتفاظ بها إلزاميا لدى البنك المركزي دون عائد من أجل تغطية السحوبات الطارئة، كذلك تكلفة الودائع لأجل والمخصصات وغيرها ولذلك نجد أن النسبة منخفضة مقارنة مع مثيلاتها في الشركات الأخرى، أما النسبة الجيدة للعائد على الأصول في المصارف تكون في حدود 2 % ومتوقع أن تصل البنوك السعودية إلى هذه النسبة خلال العام الحالي، مع أن مصرف الراجحي لم يتراجع عن هذه النسبة منذ سنوات بفضل قلة الودائع المكلفة لديه التي لم تتجاوز 10 % ولكنها بدأت تؤثر على نسبة العائد على أصول المصرف التي تراجعت من 2.4 % في العام 2021 إلى 2.2 % في العام 2022 يشاطره البنك الأهلي الذي حقق نسبة عائد وصلت إلى 2 % مقارنة مع 1.4 % في العام 2021، ولعل مخصص الاندماج مع بنك سامبا كان السبب في تراجع العائد على أصول البنك في العام 2021، أقل البنوك في نسبة العائد على الأصول هو بنك الجزيرة حيث لم تتجاوز النسبة 1 % لأن البنك رفع نسبة العائد على الودائع لاستقطاب عملاء جدد لكن هذا الاستقطاب الكبير للودائع لأجل أثر على هوامش الربحية ومتوقع زيادة تكاليفها مع استمرار الفيدرالي في رفع أسعار الفائدة. القطاعات التشغيلية في البنوك 4 قطاعات هي مصرفية الأفراد، ومصرفية الشركات، والخزينة، والوساطة، البنك الأهلي يختلف عن بقية البنوك لديه 5 قطاعات تشغيلية أفراد وشركات وخزينة ووساطة ومصرفية دولية قبل الاندماج مع بنك سامبا وبعد الاندماج ألغى قطاع الخزينة ودمجها مع مصرفية الشركات في القوائم المالية وبذلك أصبحت لديه 4 قطاعات تشغيلية ولكنها تختلف عن مثيلاتها في البنوك الأخرى وهذا ما جعل مقارنة الأرقام على مستوى القطاع المصرفي غير دقيقة بسبب هذا التباين، قطاع مصرفية الأفراد حقق نموا في الأصول بنسبة 16 % ومع ذلك لم يحقق نمو في الأرباح إلا بنسبة 18 % بينما قطاع الشركات لم تنمو أصوله إلا بنسبة 8 % ومع ذلك حقق نموا في الأرباح تجاوز 80 % وهذا النمو الكبير يعزى إلى زيادة أسعار الفائدة وأغلب القروض كانت بالفائدة المتغيرة وكثيرا من الشركات لم تتحوط لذلك وهذا ما رفع هوامش الربحية في قطاع الشركات، قطاع الخزينة هو القطاع الوحيد الذي تراجع بنسبة 6 % برغم نمو أصوله بحدود 4 % قطاع الوساطة والاستثمار نمت أرباحه بحدود 24 % ونمت أصوله بحدود 42 % لتصل إلى أكثر من 36 مليار ريال وهذا النمو حدث بعد إطلاق سوق الصكوك والسندات، حيث كانت أصول الوساطة في 2020 حوالي 20 مليار ريال فقط.