نمو الأصول من الأهداف المهمة لدى المصارف وشغله الشاغل، وتعتبر الربحية من أهم مؤشرات النجاح ومن أبرز عوامل الثقة في القطاع المصرفي من ناحية قدرتها على المنافسة والاستمرارية وتدعيم مراكزها المالية والتي تنعكس إيجاباً على الاقتصاد الكلي للدول، المصارف السعودية تحظى بمميزات عديدة قد لا تتوفر للمصارف حول العالم لعل أبرزها هي السيولة العالية التي يتمتع بها الاقتصاد السعودي بدعم من التدفقات النقدية التي تضخها الدولة في شرايين الاقتصاد، وبالتالي يستفيد منها القطاع المصرفي من خلال الودائع والتي تعتبر هي الأخرى من أهم مصادر الدخل حيث تشكل الودائع غير المكلفة أكثر من 60 % من الودائع المصرفية وبالتالي يتم إعادة تمويلها بهامش ربح يحقق عوائد سنوية جيدة، وهذا ساهم في نمو المصارف السعودية وتنمية أصولها ورساميلها، وحققت بذلك معدلات جيدة في الملائة المالية ومعدلات كفاية رأس المال حسب معايير بازل 3، ولكن في نظر المحللين تعتبر نسبة العائد على الأصول (ROA) من أهم المؤشرات التي تقيس أداء المصارف وهو مؤشر يقيس مدى ربحية المصرف نسبة إلى إجمالي أصوله، ويعطي العائد على الأصول فكرة عن مدى كفاءة الإدارة في استخدام أصولها لتحقيق الأرباح وتجنيب المصرف المخاطر المحتملة من الاستثمار، ويتم حساب العائد على الأصول بقسمة أرباح المصرف السنوية على إجمالي أصولها بالنسبة المئوية، ويشار إليها أحياناً باسم "العائد على الاستثمار" ولشرح أهميه هذا المؤشر في كفاءة إدارة المصرف نضرب مثالين على ذلك، (المثال الأول) مصرف نمت أصوله بحدود 10 % وحقق نمواً في صافي الأرباح بحوالي 5 % هذه النسب في النمو تعطي انطباعاً بأن أداء المصرف جيد ولكن عندما نحلل العائد على الأصول نجد أن معدل العائد مثلاً تراجع من 1.8 % إلى 1.6 % هذا التراجع يعطينا مؤشراً سلبياً على أن إدارة المصرف لم تدير أصولها بفاعلية، وللإيضاح أكثر نفترض أن المصرف استطاع أن ينمي ودائع العملاء ولكنه لم يستغل هذا النمو في الودائع بإيجاد فرص استثمارية تحقق له عائداً جيداً، فإما أن يربطها كوديعة بعائد منخفض أو تتم إعادة إقراضها بشروط أقل تحفظاً وهذا قد يعرض المصرف إلى مخاطر ائتمانية تتسبب له في زيادة مخصصات الديون المتعثرة، وهذا يؤثر على نسبة العائد على الأصول. (المثال الثاني) هنالك مصرف لم ترتفع أصوله ولكنه استفاد من أصوله بشكل أكثر احترافية فقد تمكن من اختيار استثمارات أكثر جدوى وأيضاً استطاع اختيار مقترضين بشروط أكثر تحفظاً وأعلى عائداً وبذلك حقق نمواً جيداً في معدل العوائد على أصوله، والأكثر احترافية هو ذلك المصرف الذي استطاع تنمية أصوله وكذلك تنمية العوائد على الأصول. النتائج المجمعة للمصارف السعودية خلال التسعة أشهر من العام الحالي أظهرت نمواً في صافي الأرباح في حدود 6 % مقارنة مع الفترة المماثلة من العام المنصرم ولكن في ذات الوقت تراجعت معدلات العوائد على الأصول إلى 1.5 % مقارنة مع معدلات عوائد في حدود 1.6 % العام المنصرم وسبب هذا التراجع في معدلات النمو يرجع إلى مصرفية الشركات التي تراجعت من 1.5 % العام الماضي إلى 1.2 % هذا العام بالرغم من نمو أصولها بحوالي 8 % وسبب التراجع يعود إلى ارتفاع مخصصات بعض المصارف، أما مصرفية الأفراد فقد ارتفع لديها معدل العائد على الأصول من 2 % العام المنصرم إلى 2.2 % هذا العام، وحافظ قطاع الخزينة على معدلات النمو دون تغير بالرغم من نمو الأصول في حدود 8 %، وهذا القطاع عادة لا يتأثر إلا بأسعار الفائدة التي تراجعت في الربع الثالث، وكذلك معدلات العوائد من فروقات صرف العملات الأجنبية، قطاع الوساطة والاستثمار عادة يعتمد على الرسوم التي تتحصل من النشاط وليس هنالك مصاريف عالية أو مخصصات تؤثر على هامش الربحية، ولذلك عادة تكون أرباحه عالية جداً مقارنة مع القطاعات الأخرى ولكن أصولها أقل، وبالرغم من انخفاض أصول قطاع الوساطة والاستثمار هذا العام بسبب البنك العربي الذي استبعد أصول بعض الصناديق من القوائم المالية الموحدة للبنك اعتباراً من شهر أكتوبر 2018 إلا أن العائد على الأصول ارتفع إلى 11.3 % بارتفاع 1 % عن العام الماضي. أما على مستوى الأداء لكل مصرف فقد حقق مصرف الراجحي أعلى معدلات النمو في العائد على أصوله وحقق عائداً في حدود 2.2 % وهو يتوافق تماماً مع معدل العائد على أصول مصرفية الأفراد حيث إن استراتيجيته منذ تأسيسه تعتمد بشكل أساسي على الأفراد، ويرى فيها مجالاً جيداً لتحقيق الربحية والاستدامة في النمو ولا تستطيع البنوك الأخرى في الحقيقة منافسته نظراً للتوسع الجغرافي ووصوله إلى شريحة أعلى من عملاء الأفراد والاستفادة أيضاً من التقنية الجيدة والمتجددة وبامتلاكه هاتين الميزتين استطاع كسب ولاء عملائه، ومن وجهة نظري يعتبر مصرف الراجحي بما يحققه من عوائد جيدة على الأصول من أكثر المصارف قدرة على الاستمرارية على تحقيق الأرباح وعدم تأثره بخفض الفائدة والأحداث الأخرى، بنك الرياض حقق معدلاً في حدود 1.8 % عائداً على الأصول وهي نتيجة طبيعية لما حققه من نمو في أصول مصرفية الأفراد 19 % ومصرفية الشركات 13 %، البنك الأهلي على الرغم من أن أصول مصرفية الأفراد تأتي بعد مصرف الراجحي إلا أن نسبة العائد على الأصول 1.6 % ربما تأثر بتراجع العائد على أصول المصرفية الدولية التي لم تحقق إلا 0.3 % عائداً على الأصول، مصرف الإنماء ارتفع لديه العائد على الأصول إلى 1.6 % مقارنة مع 1.5 % العام الماضي بدعم من رفع أصوله في مصرفية الأفراد بحوالي 14 %، أما بنك الاستثمار حقق أقل عائد على الأصول بنسبة لا تزيد على 0.3 % بسبب المخصصات، وبنك ساب الذي حقق عائداً 0.7 % لذات السبب.