العرضة السعودية رقصة شعبية تؤدَّى في المناسبات الوطنية والمهرجانات والأعياد في بلادنا، وتمثل جزءاً مهماً من تاريخ مملكتنا الغالية، حيث بدأت كإحدى أهازيج الحروب في الماضي، وهي العرضة الرسمية للبلاد، حيث يشارك فيها الملك أيضًا في حفل استقبال كبار الشخصيات، وقد رافقت العرضة مراحل تأسيس المملكة وتوحيدها في عهد الملك عبدالعزيز –طيب الله ثراه- حين كانت رقصة حربية وإحدى الأهازيج التي تؤدى في وقت الحروب، كان يؤديها بعد الانتصار في المعركة قبل توحيد البلاد، إذ كانت تعتبر مظهراً من مظاهر الحماس الحربي، وشحذاً لعزائم المحاربين، وتعبيراً عن القوة المعنوية في أوقات السلم، ومناسبات الفرحة، وهي ذات مدلولين: مدلول حربي متوثب، ومدلول سلمي ترفيهي مبطن، بروح الحماس، والقوة المعنوية، وهي رقصة حماسية تعبر عن روح البطولة، والحماسة، والرجولة، وارتبطت العرضة ارتباطاً وثيقاً بفتوحات الملك عبدالعزيز وتوحيده للمملكة، ومن سمات العرضة الدالة على أنها رقصة الحرب استخدام طبول الحرب وإيقاعات الحرب والمبارزة بالسيوف كتمرين فردي للقتال ومشاركة الخيل وأهل المعقودة الحاملين البنادق ويؤدون حركات منتظمة وبديعة في إطلاق النار، ولقيت العرضة إعجاب الأديب المصري عباس محمود العقاد وذكرها في كتابه (مع عاهل الجزيرة العربية) فقال: "هي رقصة الحرب التي يرقصها النجديون وهم مقبلون على الميدان، وهي رقصة مهيبة متزنة تثير العزائم وتحيي في النفوس حرارة الإيمان". وحظيت العرضة باهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله– وذلك ضمن اهتمامه الشامل بالتاريخ والتراث والموروث الشعبي في المملكة، وتجلى ذلك الاهتمام في إدراج العرضة السعودية في شهر ديسمبر عام 2015م على قائمة منظمة "اليونسكو" للتراث الثقافي غير المادي -الشفوي-، وتأسيس المركز الوطني للعرضة السعودية عام 2017م في دارة الملك عبدالعزيز ليعمل على تعزيز الثقافة والهوية الوطنية، وليكون بيتًا للفنون الشعبية الخاصة بلون العرضة في المملكة. اهتمام ومشاركة ومازالت العرضة السعودية حاضرة في احتفالات الوطن ومناسباته كافة وحتى المناسبات الخاصة، وتحظى بالاهتمام والمشاركة من أفراد المجتمع كافة، ويهتم مقيمو العرضة السعودية بطريقة أدائها وتنظيمها، حيث تعدل صفوفها، ويراقب الشعر الذي يقال فيها، من ناحية انسجامه مع العرضة، ويخصص رجال لهذه المهمة، يتولى إعلان بداية العرضة شخص ذو صوتٍ جهوري، يقف في المنتصف ويحيط به قارعو الطبول فقط، ويسمى نداؤه في السابق ب"المحوربة" وكان لإعلان الحرب، فيستجيب جميع المشاركين في العرضة لهذا النداء بالتوجه إلى الميدان حاملين سيوفهم وبخطى متسارعة، مرددين "أبشر، أبشر"، ثم يصطفون بتداخل أياديهم وتلاحمها، ومن عناصر العرضة: "الملقن"، وهو يلقي القصيدة المغناة على المشاركين، ويتولى نقلهم من بيت القصيدة للبيت الذي يليه، وكذلك العارضون بالسيوف: وهم من يلعبون بسيوفهم في صفوف عن طريق حركات منتظمة يتوسطهم "حامل البيرق"، وهو من يحمل البيرق "علم أخضر"، يبلغ متوسط طوله ثلاثة أمتار، بيده اليسرى ويضع طرفه الأخير على عنقه، ويشارك في صفوف العارضين بالسيوف، وقارعي الطبول. قارعو الطبول ويكون موقع قارعي الطبول الكبيرة -طبول التخمير- ثابتاً في الصف الخلفي، ويرددون البيت الأول من القصيدة لتشريع بداية العرض، أما قارعو الطبول الصغيرة -طبول التثليث-، فيكون موقعهم ثابتاً في الأمام، ويشرعون بالقرع على طبولهم بعد قرعات الطبول الكبيرة الأولى، ويمكنهم المشاركة في اللعب وسط ميدان العرضة، وتتميّز رقصة السيف بصفّين من المشاركين -غالبًا ولكن ليس دائمًا من الرجال- الذين يقفون متراصين ومتقابلين، يرتدي الرجال زيًا تقليديًا من منطقة نجد عبارة عن معطف طويل مطرّز يعرف باسم "الدقلة" ويتميز بياقات مستقيمة وستة أزرار، وتحته ثوب فضفاض أبيض ذو أكمام طويلة مثلّثة يعرف باسم "المرودن"، كما يرتدون أحزمة جلدية للذخيرة بشكل مائل فوق صدورهم ويحملون سيوفهم باليد اليمنى، وغالباً ما تبدأ العرضة مع بيت واحد من الشعر يتم تكراره بينما تتقدم مجموعة ثانية من الرجال حاملي الطبول ليقفوا بين الرجال حاملي السيوف، ويتراقصون على وقع دق الطبول، ويتمايل حاملو السيوف إلى الأمام والخلف ومن جانب إلى جانب وهم يغنون، وينحنون على ركابهم ويميلون إلى الأمام ثم يرفعون سيوفهم ويخفضونها بإيقاع متناغم. نحمد الله وتتميز أجواء العرضة السعودية بأنها احتفالية ونابضة بالحياة، وقد يمتد أداء رقصة السيف لبضع ساعات تتخللها فترات استراحة قصيرة، وقد يتم غناء ما يصل إلى 50 بيتًا من الشعر، وإذا شعر أحد المشاركين بالتعب، يمكنه إرخاء سيفه على كتفه بين الحين والآخر ومتابعة خطوات الرقصة مع بقية المجموعة، أما زي العرضة السعودية فهو من الأزياء الرجالية التقليدية في بادية نجد وهي "المرودن"، وهو ثوب فضفاض أبيض تصل أكمامه إلى ما دون الركبة، و"الصاية" أو "الدقلة"، وهي رداء طويل ملون ومطرز يغطي كامل الجسد، و"المحزم" وهو حزام أسود يوضع على الصدر، ويوضع فيه الرصاص الخاص بالبنادق، و"الجنبية" وهو حزام يلف على الوسط ويوضع فيه الخنجر، ومن أشهر القصائد التي قِيلت في العرضة: مني عليكم يا أهل العوجا سلام واختص أبو تركي عمى عين الحريب يا شيخ باح الصبر من طول المقام يا حامي الوندات يا ريف الغريب أضرب على الكايد ولا تسمع كلام العز بالقلطات والراي الصليب وهي للشاعر محمد العوني، والنشيد الشهير "نجد شامت لأبو تركي وأخذها شيخنا.. واخمرت عشاقها عقب لطم خشومها"، للشاعر فهد بن دحيم، وكذلك قصيدة الشاعر عبدالرحمن الصفيان والتي يقول فيها: نحمد الله جت على ما تمنى من ولي العرش جزل الوهايب خبر اللي طامع في وطنا دونها نثني الى جت طلايب واجد اللي قبلكم قد تمنى حربنا لي راح عايف وتايب ياهبيل الراي وين انت وانا تحسب ان الحرب نهب القرايب دام فيصل يزهم الكل منا فازعينٍ كل صبيٍ وشايب انهض الجنحان قم لا تونّى بننكلهم دروس وعجايب لي مشى البيرق فزيزومه انا حن هل العادات واهل الحرايب ديرة الإسلام حامينه انا قاهرين دونها كل شارب وقد حظيت العرضة بالتوثيق والبحث، حيث تم تأليف عدد من الكتب في مجالها، ومن أشهرها (العرضة السعودية) تأليف كل من فهد الكليب وسلمان الجمل، ونشرته مكتبة الملك عبدالعزيز العامة بالرياض، وكتاب (العرضة السعودية) للمؤلفة فاطمة يعقوب خوجة. ضوابط عامة واشتملت الضوابط العامة للمشاركة في العرضة السعودية الصادرة من المركز الوطني للعرضة السعودية بدارة الملك عبدالعزيز أن تكون الفرقة حاصلة على موافقة إقامة العرضة في المناسبة المطلوبة، وأن يكون جميع المشاركين سعوديين، ولا يقل عددهم عن (25) مؤدياً، مع الالتزام بالزي الرسمي للعرضة الثوب والغترة والعقال، "الصاية" أو الدقلة، و"الفرملية" لأهل الطبول، مع الاعتناء بالمظهر العام، وعدم كتابة اسم الفرقة على الملابس وأدوات العرضة، وعدم الخروج عن تقاليد العرضة بعناصرها وأركانها، واحترام تقاليد العرضة، ويُمنع أداؤها بشكل خارج عن أصول العرضة وبطريقة غير مناسبة، كما يمنع الخروج عن أداء العرضة في تقاليدها بأي شكل من الأشكال، سواء في مشاركات الضيوف أو في الأداء وعناصره، كذلك يمنع أداء العرضة في أماكن غير ملائمة، كما لا تؤدى "التهويسة" إلاّ في المناسبات الرسمية الخاصة بالملك وسمو ولي العهد، أمّا بالنسبة إلى العلم فيجب أن يكون بحجم مناسب -لا يقل عن 120x 80سم-، ووفق نظام العلم ولائحته المقرة في هذا الشأن، وأن يكون بمظهر مناسب، ألاّ يكون قديماً أو متجعداً، وأن لا يُلامس الأرض ولا يُنكس، وأن يكون حامله ملتزماً بزي العرضة وبنيته قوية ويجيد العرضة وسريع البديهة، وأن تُحمل سارية العلم في الجهة اليسرى ويُوضع العلم على الكتف اليمنى، ويعلو السارية الرُّمانة -الطاسة- والحربة، وبالنسبة إلى "المحورب" والقصائد فيجب أن يكون "المحورب" صاحب صوت جهوري، وأن تكون القصيدة من قصائد العرضة المعروفة والموثقة، وأن لا تتجاوز القصيدة عشرة أبيات، وفي حال أداء قصيدة جديدة فيجب إجازتها من المركز الوطني للعرضة السعودية قبل أدائها، أمّا بالنسبة إلى الطبول فيجب أن تكون الطبول ذات الوجهين ولا تقبل الطارات أو أي معازف وغيرها، وأن تزين الطبول بالزينة التقليدية -الشقث-، والأقمشة المناسبة، أمّا الأسلحة (السيف، البندق، الخنجر، المجند، بيت الفرد)، فبالنسبة للبنادق والمسدس والمجند تكون فارغة من الرصاص، ويستحسن أن يكون السيف والخنجر غير حادين، وأن تكون مطابقة للأسلحة التاريخية للعرضة. خادم الحرمين الملك سلمان يؤدي العرضة في إحدى المناسبات العرضة السعودية حاضرة دائماً في مناسبات الوطن تعليم النشء على أداء العرضة السعودية بطريقة صحيحة تنظيم إقامة العرضة السعودية بالتسجيل المسبق