تحتفل المملكة بذكرى يوم التأسيس للعام الثاني الذي يعود بنا إلى إنجازات أئمة سبقوا عصرهم من خلال إيثارهم للمصالح الوطنية لبلادهم ولشعبهم، وأدركوا أهمية الأمن والاستقرار لبناء الأمم والشعوب فكان هاجسهم الأول، فأعلنوا الجهاد على الفوضى والاحتراب، والتفتوا لتوحيد البلاد، لكن لم يأت هذا بلا ثمن فهناك آلاف الشهداء الذين دفعوا دماءهم لبناء هذه الدولة الفتية التي نادت بطرد المستعمر الأجنبي وتوحيد كلمة العرب، ما دفع سلطان آل عثمان لتجريد جحافل جيوشه من كل حدب وصوب من العراق والشام ومصر، تلك الجيوش التي كانت تتلقى الدعم من جميع الولايات العثمانية في آسيا وأوروبا. الجزيرة العربية أنجبت رجالاً صنعوا التاريخ ولكن لم يدرك السلطان العثماني وولاته أن الجزيرة العربية أنجبت خلال تاريخها من الأبطال والرجال من هم قادرون على الدفاع عنها، فهب السعوديون يتقدمهم فرسان البيت السعودي بقيادة الإمام عبدالله بن سعود ومن رافقهم من القبائل وشيوخهم ورجال المدن والقرى وجالدوا العثمانيين منذ وصلت الحملة العثمانية شواطئ ينبع عام 1226ه / 1811م حتى علّموهم كيف يدافع السعوديون عن أرضهم، ولكن استمرار الإمدادات للقوات العثمانية بلا انقطاع، زد على هذا مقتل قادة الإمام عبدالله المخلصين من شيوخ القبائل الذين ناصروه وثبتوا في الأزمات واحدًا تلوا الآخر وتعيين شيوخ من قبل الدولة العثمانية يدينون بالولاء لها؛ مما أدى إلى ضعف جبهة السعوديين. ودون الدخول في تفاصيل المعارك الدامية والحروب الشرسة نستذكر اليوم هؤلاء الأبطال ونقف وقفة احترام وإجلال لذكرى أجدادنا جميعاً الذين سقطوا دفاعاً عن هذا الوطن الذي نعيش على ترابه. يوم للشهداء والأسرى وفي مثل هذا اليوم تظهر دعوات بتخصيص يوم للشهداء الذين سقطوا منذ تأسيس الدولة السعودية الأولى، والذين ما زال أحفادهم يذودون عن حياض الوطن في الحد الجنوبي دفاعاً عن نفس التراب، وأن يشمل كذلك تخصيص يوم للأسرى الذين تم إجلاؤهم من ديارهم وغُربوا وسيقوا مكبلين بالأغلال إلى قدرهم المجهول، وفي مثل هذه المناسبة نلقي الضوء على أسماء غابت وبقيت بطولاتها وتضحياتها. الفوضى التي عمت الدرعية ونتيجة للفوضى التي عمت الدرعية بل الجزيرة العربية بأكملها، كان من الصعب حصر الشهداء السعوديين فأعدادهم تجاوزت عشرات الآلاف الذين اجتزّت رؤوسهم وقطعت ألسنتهم وآذانهم لترسل إلى مصر وإسطنبول لتعلق في الساحات والميادين، واليوم سنلقي الضوء على بعض من استشهد من أئمة وفرسان البيت السعودي وشيوخ القبائل والقادة الذين سجلت المصادر أسماءهم.