أعجبتني هذه المقولة في بداية السنة الجديدة؛ لا تنتظر تغير السنة بل غيّر من نفسك للأفضل، والحقيقة أن الأيام والسنوات ما هي إلا أفعالنا وتصرفاتنا فيها وأفكارنا ومعتقداتنا التي تحركنا. نقع في مصيدة الأماني والتوقعات وننتظر شيئاً يغيرنا، ولكن للأسف لا شيء يتغير غير أننا مازلنا في نفس المكان. ما يغيرنا هو طريقة تعاملنا مع الحياة وطريقة تفكيرنا ونوعية أفكارنا الجيدة التي تحسن جودة حياتنا وطريقة عيشنا، هنا سنحصل على نتائج مختلفة ومتغيرة، أما إذا ظللنا نعيد نفس الأفكار أو نفس القناعات السابقة فسوف تعطينا نفس النتائج، لذا السؤال: كيف هي طريقتنا في التفكير ونظرتنا للحياة؟ في البدايات تكون الحماسة ظاهرة والدافعية موجودة، لكن إن لم تكن حقيقية من داخلنا ستفتر وتزول ثم نشعر بالاستسلام وخيبة الأمل. نحتاج دائماً إلى التغذية الفكرية الجيدة والمشبعة بالنور بالمحبة بالسلام، الفكر هو بوابة كل شيء؛ إن صح فكر الإنسان عن نفسه وعن غيره وعن الحياة صحته معيشته وأيامه واستطاع تقبل تحديات الحياة وتقلباتها بوعي واتزان دون خوف أو كدر أو إحباط، وإن شعر بذلك سيكون شعوراً متوازناً وطبيعياً في حال تقلبات الحياة، لكنه لن يصاب بالشلل التام لأنه يمتلك فكراً واعياً، الفكر هو الأداة المحركة للإنسان إن صحّ صح كل شيء. نحتاج إلى التغذية الثقافية التي من خلالها نتعلم المعلومة الصحيحة والجيدة في طريقة تعاملنا وطريقة الأسلوب والحوار مع كل شيء ابتداء من حوارنا مع أنفسنا إلى حوارنا مع الآخر، وكأننا نتعلم كل يوم مهارات جديدة في الحياة، احترام ثقافة الآخر، واحترام ومراعاة خصوصية الآخر في الرأي وطريقة حياته، هذا يجعلنا نتخلى عن الوصاية على أحد، هناك فرق أن أنثر معلومة وبين أن أجبر إنساناً على شيء لا يريده ويجعلنا ندخل في خصوصية الآخرين دون وعي منّا. الفكر والثقافة يصنعان تغيراً جذرياً في حياتنا ليس فقط في تعاملنا مع الآخر؛ بل هي تبدأ في تعاملنا الأول مع أنفسنا، تعال معي عزيزي القارئ وتأمل حال إنسان يفكر بطريقة جيدة ويحترم خصوصيته ويدرك ماذا يريد، ماذا تتوقع من شخص أجاد الوصول لاحترام الذات ومحبة الذات حتماً سيتعامل مع الآخرين والحياة أيضاً برقي ووعي، والعكس صحيح إن كان حاله مبعثراً من الداخل ويعاني الفوضى أو الفكر الفوقي أو الفكر المتطرف كيف سيكون حاله مع الآخرين ومع متقلبات الحياة حتماً سيكون سيئاً. من لم يتعلم من أخطائه، من لم يكتشف داخله ولم يعرف قيمة ذاته، ومن يحاول فقط التغير في الخارج وانتظار سنة بعد سنة أو العيش في دائرة الأماني دون التغير الحقيقي داخله لن يتغير، سيطول انتظاره حتى لو تغيرت السنوات أمامه. الشيء الوحيد الذي نستطيع تغييره -بعد إذن الله عز وجل- ليس السنوات؛ بل أنفسنا وطريقة تفكيرنا للأفضل والأحسن، والنتيجة سنعيش حياتنا ونحن مرتاحون ومتوازنون، وإن تعرضنا لتقلبات الحياة مازلنا نستطيع تجاوز ما لا نريد.