بينما يركن كتفك إلى جانب النافذة متأملًا الطريق، تفاوت السيارات شكلًا وحجما وفخامةً، تعدد المسارات، واختلاف الوجهات، ذاك الماضي بكل شوق لمشوار يزهر روحه وقلبه، وآخر إلى مشوار ثقيل على نفسه، تنظر لإبداع هندسة الطرق، تعابير وجوه المارة، ثم تحلق بعينيك للسماء تتمعن بها وكأنها تشبهك أو تنتمي إليها، توسع رؤيتك لتأمل البنايات الشاهقة والخاطفة على طول الطريق.. لا تفكر في شيء وفي ذات الوقت لا تعلم أين يبحر عقلك بأفكاره! تطيل النظر في تفاصيل الشجر، سطوع الشمس وتلبد الغيوم، ثم تقفز بنظرك إلى صراعات الطريق، تكدس السيارات خلف بعضها، منتظرةً ذلك الضوء الأخضر، وبينما أنت متأملًا تعارك السيارات لتصم أذنيك احتكاك عجلات السيارة المسرعة والقادمة من على بعد 100 متر، وفي اللحظة نفسها إذ بعينيك تلمح ضوءًا أبيض يبرق في عز النهار! حينها تخيلت حال قائد السيارة الذي أخذت له الكاميرا لقطة خاطفة لتخبره بتهوره وخفة عجلات سيارته بمخالفة مؤلمة، وتسمعه احتكاك المحركات لحنً جميلً على قلبه، ظانًا نفسه في سباق! ماذا عن حاله! ترقب.. وتوقع لصوت رنين رسالة هاتفه النقال! * هل ستكون المخالفة لي أم لسيارة أخرى، مخالفة أم اثنتين! خائف وقلق؟ * لكن.. ماذا عن قلوب من أفزعتهم بصوت عجلاتك المسرعة؟! وبينما يصل إلى مقر عمله، وفي أقل من ثانية! تغرورق عيناه بالدموع! لا تبدو الصورة كما توقعها أن السرعة ستوصله لوجهته دون عواقب أو فقدان لجزء من مرتبه! بل شيء ما أكثر ضررًا عليك وإضرارًا على غيرك. أليس الأمر كان مروعًا على قلوب راكبي السيارات على الطريق؟ أليست المخالفة كانت أمراً مذهلاً على قلبك؟ لا وجود للسرعة في قانون النجاح في جميع أمور حياتنا، الأفكار التي يصنعها الجانب الأيمن من مخك الإبداعي، ليست كافية لأن تنفذها وبسرعة البرق تنجح فيها! عقلك يستقبل الفكرة ثم تحتاج لدراسة وتمحيص للتنفيذ والإعداد، ثم بعدها يكون لنجاحك قصة، وإلا إذا أخللت بقانون النجاح فتحمل عاقبة ذلك. توجعك المخالفة؟ إذًا لماذا المسارعة للوصول إلى أهدافك؟ يؤلمك السقوط؟ لا تدفع ثمنه بعجلتك!