انطلاق مهرجان الحنيذ الأول بمحايل عسير الجمعة القادم    «الأونروا» : النهب يفاقم مأساة غزة مع اقتراب شبح المجاعة    «طرد مشبوه» يثير الفزع في أحد أكبر مطارات بريطانيا    م. الرميح رئيساً لبلدية الخرج    شقيقة صالح كامل.. زوجة الوزير يماني في ذمة الله    فيتنامي أسلم «عن بُعد» وأصبح ضيفاً على المليك لأداء العمرة    «الزكاة والضريبة والجمارك» تُحبط 5 محاولات لتهريب أكثر من 313 ألف حبة كبتاجون في منفذ الحديثة    باص الحرفي يحط في جازان ويشعل ليالي الشتاء    «الأرصاد»: أمطار غزيرة على منطقة مكة    الرعاية الصحية السعودية.. بُعد إنساني يتخطى الحدود    فريق صناع التميز التطوعي ٢٠٣٠ يشارك في جناح جمعية التوعية بأضرار المخدرات    المنتخب السعودي من دون لاعبو الهلال في بطولة الكونكاكاف    الذهب يتجه نحو أفضل أسبوع في عام مع تصاعد الصراع الروسي الأوكراني    الكشافة تعقد دراسة لمساعدي مفوضي تنمية المراحل    الملافظ سعد والسعادة كرم    استنهاض العزم والايجابية    المصارعة والسياسة: من الحلبة إلى المنابر    "فيصل الخيرية" تدعم الوعي المالي للأطفال    الرياض تختتم ورشتي عمل الترجمة الأدبية    رواء الجصاني يلتقط سيرة عراقيين من ذاكرة «براغ»    حلف الأطلسي: الصاروخ الروسي الجديد لن يغيّر مسار الحرب في أوكرانيا    «قبضة» الخليج إلى النهائي الآسيوي ل«اليد»    «السقوط المفاجئ»    حقن التنحيف ضارة أم نافعة.. الجواب لدى الأطباء؟    «استخدام النقل العام».. اقتصاد واستدامة    «الأنسنة» في تطوير الرياض رؤية حضارية    الثقافة البيئية والتنمية المستدامة    عدسة ريم الفيصل تنصت لنا    إطلالة على الزمن القديم    «بازار المنجّمين»؟!    مسجد الفتح.. استحضار دخول البيت العتيق    إجراءات الحدود توتر عمل «شينغن» التنقل الحر    أشهرالأشقاء في عام المستديرة    د. عبدالله الشهري: رسالة الأندية لا يجب اختزالها في الرياضة فقط واستضافة المونديال خير دليل    تصرفات تؤخر مشي الطفل يجب الحذر منها    صرخة طفلة    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    البيع على الخارطة.. بين فرص الاستثمار وضمانات الحماية    فعل لا رد فعل    لتكن لدينا وزارة للكفاءة الحكومية    المياه الوطنية: واحة بريدة صاحبة أول بصمة مائية في العالم    محافظ عنيزة المكلف يزور الوحدة السكنية الجاهزة    أخضرنا ضلّ الطريق    أشبال أخضر اليد يواجهون تونس في "عربية اليد"    5 مواجهات في دوري ممتاز الطائرة    ترمب المنتصر الكبير    إنعاش الحياة وإنعاش الموت..!    رئيس مجلس أمناء جامعة الأمير سلطان يوجه باعتماد الجامعة إجازة شهر رمضان للطلبة للثلاثة الأعوام القادمة    إطلاق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش في السعودية    فرع وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية بحائل يفعّل مبادرة "الموظف الصغير" احتفالاً بيوم الطفل العالمي    "التعاون الإسلامي" ترحّب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة التعاون معها    استضافة 25 معتمراً ماليزياً في المدينة.. وصول الدفعة الأولى من ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة    «المسيار» والوجبات السريعة    أمير الرياض يرأس اجتماع المحافظين ومسؤولي الإمارة    أمير الحدود الشمالية يفتتح مركز الدعم والإسناد للدفاع المدني بمحافظة طريف    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية أوزبكستان لدى المملكة    سموه التقى حاكم ولاية إنديانا الأمريكية.. وزير الدفاع ووزير القوات المسلحة الفرنسية يبحثان آفاق التعاون والمستجدات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحصار

استيقظ بإحساس خانق، ورأى أمامه زجاجة النافذة الثلجية الرمادية، عين الفجر المستطيلة التي تتطلع الى الداخل بشحوب وعلى هيئة صليب متقاطع من خلال الأنفاس الضبابية المكثفة. فكر، ان زوجته نست ان تسدل الستائر أثناء ذهابها الى النوم فأزعجه ذلك: إذا لم يعد الى النوم الآن فإن كل يومه سيفسد. مع ذلك لم تطاوعه نفسه على النهوض والذهاب لتعتيم النافذة، مفضلاً سحب اللحاف فوق وجهه، متجهاً ناحية الزوجة النائمة، لائذاً بدفئها ورائحة شعرها المفلول. لبث قلقاً بضع دقائق اخرى يخشى من تمضية وقت الفجر مؤرقاً، ثم أعانه تخيل مخبئه العذب والحضور البهي لهذا الجسد الملتصق به والتسلل البطئ للصور الحسية، فعاد وانزلق في الفراش ثانية.
العين الرمادية لزجاجة النافذة سرعان ما تحول لونها الى الأزرق، محدقة بتأمل في هذين الرأسين المستقرين على الوسادة وكأنهما قطعتا أثاث منسيتين في بيت آخر أو عالم آخر. وعندما دق جرس منبه الساعة بعد ساعتين على ذلك عم الضياء أرجاء الغرفة.
طلب من الزوجة بأن تظل راقدة في الفراش وتتمتع بالصباح فترة أطول. انسل الى البرد، خارجاً الى الرطوبة المنتشرة على الجدران ومقابض الأبواب والمناشف اليدوية في الحمام. أثناء الحلاقة دخن سيجارته الأولى، أما الثانية فخلال إعداد القهوة. سعل مثلما يسعل كل صباح. ارتدى ملابسه متلمساً الأشياء من دون ان يضيء مصباح الغرفة. لم يود ايقاظ المرأة. أريج ماء كولونيا طازج انعش شبه ظلام الغرفة وبث فيها النشاط. تنهدت المرأة بنشوة عندما انحنى فوق السرير وقبلها من أجفانها المغلقة. همس: لن أعود الى البيت عند الغداء.
أوصد وراءه الباب وأسرع يهبط السلم الى الأسفل. كان يبدو البيت هادئاً اكثر من المألوف. ربما يكون هناك ضباب. خطر في ذهنه ان الضباب مثل الجرس، يكثف الصوت ويحوله ويحلله كما تحلل الصور. من المحتمل ان يكون هناك ضباب. عند الدرجة الأخيرة من السلم أصبح منظر الشارع امام عينيه فتسنى له ان يعلم صدق حدسه. ورأى ضوءاً ساطعاً رمادياً لكنه شديد وباهر جداً. على رصيف الشارع كان هناك فأر كبير ميت. عندما أشعل عند باب البيت سيجارته الثالثة، مرّ شاب متدثر ويضع على رأسه طاقية فبصق على الفأر كما تعلم ان يفعل وكما شاهد الآخرين يفعلون ذلك ايضاً.
كانت السيارة متوقفة على بعد خمس منازل. كان محظوظاً جداً لاستطاعته ايقاف سيارته هناك، ويعتقد انه كلما وضعها أثناء الليل بعيدة عن بيته كلما زاد خطر سرقتها. لم يعلن عن رأيه هذا، لكنه كان واثقاً من عدم رؤيته سيارته ثانية اذا أوقفها مرة في أطراف المدينة. لذا فإن ايقاف سيارته هنا، بهذا القرب، يبعد عنه القلق بشأنها أو الخشية من سرقتها. وجد سيارته مرصعة بقطرات الندى وزجاجها مكسوّ بالبخار. لو لم يكن الجو بارداً لذهب المرء في ظنه ان السيارة ينز منها العرق مثل جسد الكائن الحيّ. فحص، كما يفعل دائماً، عجلاتها وتأكد ان هواءها لم يزل في حالة جيدة وفتح الباب. كان البرد شديداً في الداخل. على هذه الهيئة وبنوافذ يكسوها البخار بدت السيارة كأنها مغارة ذات جدران شفافة غارقة في الماء. ربما كان عليه ان يوقفها على منحدر، فكر، لكي تستطيع التدحرج على شكل دفعات في حال عدم اشتغال محركها. أدار مفتاح المحرك فأخذ يزعق بدفع عميق متواصل. ابتسم بدهشة وارتياح: يبدو ان اليوم بدأ بداية طيبة.
انطلقت السيارة في الشارع تطوي الاسفلت وكأنها حصان، تدوس وتسحق النفايات. قفز مؤشر السرعة الى التسعين، إنها سرعة انتحارية في هذه الشوارع المحاطة بالسيارات المتوقفة. ما هذا! رفع قدمه عن البنزين وأخذ يفكر. تبدو المشكلة كما لو أن محركها الأصلي قد أبدل بمحرك آخر أكثر قوة ودفعاً.
ضغط بحذر على البنزين وعاد يسيطر على سيارته من جديد. الآن كل شيء على ما يرام. في بعض الأحيان لا يملك المرء السيطرة تماماً على دفع قدمه. يكفي ان يتحرك كعب الحذاء قليلاً حتى تتغير الحركة والدفع. بهذه السهولة يمكن ان يحدث ذلك. ونتيجة انشغاله بهذه الحادثة لم يتوفر له النظر الى مؤشر البنزين. ماذا؟ هل يا ترى سُرق البنزين منه أثناء الليل؟ كلا، ان المؤشر يقف ثابتاً عند النصف. توقف عند احدى الإشارات الضوئية وشعر بالسيارة تهتز، شيء يدعو الى الدهشة، لم يتذكر ان حدث من قبل مثل هذا الارتعاش الحيواني الذي يسري على شكل موجات في جسد السيارة ويهز بطنه. عندما أضيء الأخضر، أخذت السيارة تتلوى وتتمطى مثل سائل رقيق تريد ان تتخطى كل شيء أمامها. أمر غريب، خصوصاً انه يعد نفسه سائقاً ماهراً يفوق مستواه المستوى المتوسط، لديه نصف خزان من البنزين، وسينتهز أول فرصة ليمر من أمام محطة بنزين مفتوحة لكي يملأ خزانه بأكمله لأن التأكد من صحة ردود الأفعال في هذه الأيام أصبحت مسألة تخمين وتقدير.
انه يفضل ان تكون لديه أكبر كمية من البنزين في السيارة وذلك لأهمية المسائل التي ينبغي عليه انجازها قبل الذهاب الى المكتب. يا لهذا الحظر اللعين. شيء مرعب هذا الانتظار لساعات طويلة في طابور مؤلف من أفواج من السيارات. هذا يعني ان الاقتصاد سيعاني من نتائج سيئة. ومع ان لديه نصف خزان بنزين بينما هناك سيارات تسير بأقل من هذه الكمية، فقد أراد ان يملأ كل الخزان. انطلقت السيارة متجهة الى أحد المنحنيات وارتقت بسرعة شارعاً مرتفعاً. كان هناك عدد قليل من محطات البنزين التي يعرفها بالقرب من المكان. ربما يحالفه الحظ. ومثل كلب صيد يتتبع الأثر اخترقت السيارة حركة المرور وانعطفت عند زاويتين ثم توقفت خلف سيارة كانت تنتظر متوقفة هناك. إنها فكرة جيدة.
نظر الى الساعة. كان أمامه عشرون سيارة تنتظر. شيء عادي، فكر ان من الأفضل له الذهاب الى المكتب أولاً وإرجاء التجهيزات الى ما بعد الظهر لكي يتسنى له القيام بها على مهل سيما انه سيملأ كل خزان البنزين. أدار زجاج نافذة السيارة الى الأسفل ونادى على بائع صحف مرّ في تلك اللحظة. كان البرد في الخارج شديداً، لكنه هو الآن هنا، في الداخل، في السيارة ينعم بدفء جميل كما لو تحت اللحاف، واضعاً الجريدة أمامه على مقود السيارة، يدخن سيجارته وينتظر. وكان يفكر بزوجته التي ترقد في الفراش، مطّ عضلات ظهره مثل قط شبق، مقوس الظهر ثم عدل في جلسته. الصحيفة لا تنبئ بأخبار حسنة. الحظر سيستمر. أحد العناوين الرئيسية يحذر من عيد ميلاد مظلم شديد البرودة. فخزان بنزينه لم يزل يشير الى النصف وقريباً ما سيمتلئ بأكمله. السيارة التي أمامه تزحزحت قليلاً الى الأمام - تفضل.
بعد مضي ساعة ونصف الساعة من الأنتظار ملأ خزانه ثم انطلق بعد ثلاث دقائق. الآن أصبح على الأقل مجهزاً بالبنزين، وكان عامل المحطة أخبره - بصوت أرهقه الملل لكثرة ما يعيد ويكرر - ان عملية بيع البنزين في المحطة ستتوقف لأربعة عشر يوماً. وعلى مقعد السيارة المجاور له تعلن الصحيفة عن تطبيق اجراءات مشددة وصارمة. الآن وقد ملأ خزانه بالبنزين ماذا عليه ان يفعل؟ أينبغي الذهاب حالاً الى المكتب أم المرور بأحد الزبائن لتحرير عقد؟ لكنه فضل الذهاب الى الزبون متأخراً والاعتذار بأنه من أجل نصف خزان بنزين آخر كان عليه الانتظار ساعة ونصف الساعة في الطابور. سارت السيارة بصورة حسنة. لم يشعر من قبل بهذا الإحساس المريح أمام مقود السيارة مثلما يشعر به الآن. أدار مفتاح الراديو واستمع الى الاخبار. كانت الاخبار تتطور باستمرار نحو الأسوأ، يا لهؤلاء العرب ويا لهذا الحظ اللعين.
فجأة انطلقت السيارة ثم انعطفت يميناً الى شارع جانبي وتوقفت عند نهاية طابور من السيارات أقصر من سابقه.
ماذا الآن، ماذا؟ كان خزان بنزينه مملوءاً. أجل، عملياً كان مملوءاً. انها حالة جنون لا يمكن استيعابها. أمسك بمغير السرعة، قاصداً وضع الحركة الى الخلف، لكنه لم يستطع. حاول عن طريق استخدام القوة لكن ترس مغير السرعة يبدو قد حشر. أي مأزق هذا. تقدمت السيارة التي أمامه بحذر شديد، وضع مغير السرعة الآن على وضع الانطلاق. تحركت السيارة وأصبح كل شيء على ما يرام. تهز بارتياح، ولكن، ما الذي سيفعله عندما يترتب عليه الرجوع بسيارته الى الخلف؟
بعد حوالى نصف ساعة صبّ في خزان وقوده نصف ليتر من البنزين، أحس بالإحراج من نظرة عامل المضخة الإزدرائية، فمنحه بقشيشاً سخياً وانطلق مسرعاً وإطارات عجلات سيارته تطلق صريراً حاداً. يا للشيطان، لقد أدركنا الوقت. والآن الى الزبون والا سيتبدد وقت هذا الصباح سدى. أخذت السيارة الآن تسير بشكل أفضل من قبل، كان يستجيب لحركاته بصورة مباشرة كما لو انه اضافة ميكانيكية لجسده. كانت تشغله مشكلة عدم استطاعته الرجوع بسيارته الى الخلف. ثم هذا المأزق الجديد الآخر: كانت هناك شاحنة كبيرة جاثمة في وسط الشارع وتعيق حركة كل المرور. لم تتوفر امكانية اجراء تحويلة لأنه كان يقف قريباً جداً من نهايتها. حاول بحذر مرة اخرى الرجوع الى الخلف لكن الترس العاكس للحركة انحشر، مطلقاً صوتاً ارتدادياً رقيقاً ولم يخطر في باله ان الترس قد حشر قبل ذلك كما حشر الآن. ادار مقود السيارة نحو اليسار وبدفعة بنزين واحدة قفزت السيارة الى الرصيف مارة بسرعة من جانب الشاحنة مثل حيوان تحرر من أسره وهبطت منطلقة بعدها. هذه العلبة الشيطانية استطاعت حقاً الصمود قليلاً. ربما أصيبت هذه الشاحنات بالاضطراب الذي حصل نتيجة الحظر وهي تزود محطات البنزين بالوقود الشديد الاشتعال. على أية حال فإنه استفاد ايضاً من هذه الحالة.
نظر الى الساعة. اينفع بعد الذهاب الى الزبون؟ لعل الحظ يحالفه ويجد الدكان مفتوحاً. هذا إذا كانت حركة المرور تسمح بذلك، أجل، ولكن يبدو انها لا تسمح. كان ذلك قبل عيد الميلاد بقليل، ورغم قلة البنزين كان الجميع يتجول في الشوارع. بعد قليل، عندما رأى شارعاً جانبياً صالحاً للسير ألغى زيارة الزبون مفضلاً الذهاب الى المكتب والاعتذار عن التأخير، فأجل الزيارة الى ما بعد الظهر. وبسبب تردده هذا ابتعد كثيراً عن مركز المدينة واستهلك وقوده بلا فائدة. لكن لديه في الواقع خزان بنزين ممتلئ، كان الشارع يؤدي الى ساحة حيث شاهد طابوراً آخر من السيارات المتوقفة. ابتسم فرحاً وزاد من سرعة سيارته ماراً بشكل خاطف من أمام جمهرة من السائقين المتجمدين من البرد. قبل عشرين متراً من الطابور انعطفت السيارة من تلقاء ذاتها نحو الشمال وتوقفت في نهايته، بهدوء وهي تزفر. ما هذا؟ انه لا يحتاج الى البنزين اطلاقاً. ما الذي حصل؟ ان خزان وقوده لم يزل مملوءاً. تفحص جميع مؤشرات السيارة، تلمس مقودها وبذل جهداً كبيراً للتعرف عليها ثانية، واثناء تفحصه عدل من وضع المرآة العاكسة وأخذ ينظر فيها فوجد وجهاً مذهولاً وشاهد سيارة تتقدم باتجاه نهاية الطابور. هنا أصر على ملء خزان بنزينه. أدار محرك السيارة بعجلة ليضع مغير السرعة على حالة الرجوع، لكن السيارة احجمت عن الحركة، جذب مقبض مغير السرعة بقوة من يده وحشرت سيارته بين السيارة الأمامية والخلفية. يا للمصيبة. ما الذي حدث لهذه السيارة؟ يبدو ان عليه نقلها الى ورشة التصليح. الآن أصبحت مسألة الرجوع بالسيارة الى الخلف خطرة في كلتا الحالتين سواء تمت أم لم تتم.
بعد حوالى عشرين دقيقة تقدم نحو مضخة البنزين. رأى عامل المحطة يتجه نحوه، وكاد صوته ان يخذله عندما طلب منه بنزيناً لسيارته، ولكي يتلافى هذا الإشكال وضع مغير السرعة على وضع الانطلاق وضغط على البنزين ولكن السيارة لم تتزحزح عن موقعها. تفحصه الرجل بارتياب ثم فتح سداد خزان البنزين. بعد لحظات عاد العامل وطلب منه ثمن ليتر من البنزين. أخيراً استطاع وضع ناقل السرعة على الحركة الأولى من دون مشاكل وسارت السيارة الى الأمام بمرونة وتنفس بارتياح.
ثمة شيء في هذه السيارة معطوب... اما الترس أو المحرك، شيء ما عليه اللعنة. أم تراه لم يعد قادراً على قيادة السيارة؟ أم انه مريض، لكنه نام جيداً ولم تكن هناك أي مشاكل. الآن عليه ان لا يعبأ بشيء، عليه ان يمضي بقية اليوم في المكتب ويرعى شؤون الزبائن. كان قلقاً. وكان هيكل السيارة يترجرج من حوله، ليس سطحها وانما المعدن، وكان المحرك يدور بصوت مدوٍ لا يحتمل وكأنه رئة: شهيق - زفير، شهيق - زفير - أخيراً فكر ان هذه اللعبة ما كانت لتحصل لو انه اختار طريقاً يبعده عن مواقع محطات البنزين، وفيما هو واجد نفسه في خضم هذه الافكار، أصيب بالذعر: تراه حقاً لم يعد يملك كامل وعيه؟ سار في انحاء المنطقة، اختار طرقاً ملتوية ومختصرة حتى وصل أخيراً الى مؤسسته. استطاع ايقاف سيارته بلا مشاكل وتنفس الصعداء. أوقف المحرك. أخرج المفتاح منه وفتح الباب، لكنه عندما أراد الترجل من السيارة لم يستطع.
اعتقد ان معطفه، ربما، حشر في مكان ما، أو ببساطة ان ساقه حشرت تحت عجلة القيادة، عالج الأمر ثانية، أيمكن ان يكون قد وضع حزام السيارة سهواً. كلا ان الحزام معلق على الجانب مثل مصران اسود ناعم. انه لجنون، فكر، لا بد أنني مريض. اذا لم يكن بمقدوري الخروج من هنا فذلك يعني انني مريض. كانت أطرافه تتحرك بحرية ويستطيع بسهولة حني جذعه على لوحة المفاتيح وان ينظر الى الأسفل ويميل بجسمه قليلاً نحو اليمين أو يمد يده نحو الصندوق الداخلي الصغير، ما عدا ظهره فقد كان يلتصق بظهر المقعد. لم يكن التصاقه جامداً أو صلداً وانما مثل حلقة مرتبطة بجسم. أشعل سيجارة وفجأة قفزت أمامه المشكلة: ما الذي سيقوله لرئيسه لو انه أطل الآن من الشباك ورآه ملتصقاً بالسيارة وهو يدخن ولا ينوي النزول منها. منبه سيارة عال جعله يغلق الباب المفتوح نحو الشارع. عندما مرّت السيارة ضغط على الباب برقة ورمى السيجارة الى الخارج ثم أحاط عجلة القيادة بكلتا يديه محاولاً معالجة الموضوع بدفعة قوية. لا فائدة. لم يشعر حتى بالألم. كان ظهر المقعد يمسك به بثبات ولين، مكبلاً إياه كالسجين. فما الذي يجري هنا؟ حرك المرآة العاكسة وتأمل نفسه فيها، لا شيء سوى هموم مكبوتة مؤلمة. عندما نظر الى اليمين، الى رصيد المارة، شاهد فتاة صغيرة تحدق فيه بدهشة ومتعة، جاءت امرأة تضع على يدها سترة من الصوف فجذبت الفتاة التي لم تحول أثناء ذلك من نظرتها المحدقة وابتعدت الاثنتان، فيما كانت المرأة ترتب ياقة الفتاة وشعرها.
نظر في المرآة مرة أخرى، عندئذ بات من الواضح ما يجب عليه القيام به. لكن ليس هنا، هنا ربما يشاهده معارفه من الناس. أدار عجلة القيادة تجاه الشارع، أغلق بابه وانطلق بكل ما يستطيع من سرعة. كان لديه هدف واضح جداً يبعث الهدوء والطمأنينة في نفسه، قريباً سينتهي من همومه... ثم راح يبتسم.
لم يلحظ محطة البنزين إلا عندما صار قريباً منها فوجد لوحة كتب عليها "نفد البنزين" استمرت السيارة في سيرها من دون ان تحيد عن طريقها أو تبطء في سرعتها، وفي الحقيقة ليس هناك من شيء يدعوه الى القلق في شأنها. اتسعت ابتسامته واصبحت أكثر إشراقاً. سار خارجاً عن المدينة وأصبح في الضواحي قريباً من هدفه جداً. انعطف في شارع لم يكتمل انشاؤه بعد، ثم اتجه نحو اليمين والشمال وأخيراً وصل الى منخفض منعزل. عندما أوقف سيارته بدأت السماء تمطر.
كانت فكرته بسيطة جداً وهي ان يقوم بتخليص ذراعيه وجسمه من معطفه، أي ان يتملص منه بشكل لا يختلف كثيراً عن تملص الأفاعي من جلدها القديم. لم يكن بميسوره ان يفعل ذلك من قبل وهو محاط بالناس من كل جانب، لكنه الآن، وحده، وسط هذه الصحراء النائية، وبعيداً عن المدينة التي خلفها وراءه تقبع تحت المطر ما سهل عليه القيام بذلك. غير انه كان واهماً وعلى خطأ. فالمعطف تشبث قوياً بظهر المقعد، ملتصقاً به كما التصاقه بالبدلة وصدريته الصوف والقميص والفانيلة والجلد والعضلات والعظام. هكذا تخيل. بعد عشر دقائق أخذ يدور بجسمه في السيارة، يصرخ ويبكي خارجاً عن طوره نتيجة الاضطراب والقلق. كان مكبلاً. كم مرة حاول ان يندفع الى العراء بفتح باب السيارة التي تندفع خلالها هبات هواء المطر البارد والفجائية، وكم مرة حاول رفع قدميه الى الأعلى ولكن دون جدوى. لا يقوى على التحرك من مقعده. تشبث بكلتا يديه بنافذة سقف السيارة المفتوحة محاولاً الوقوف والاستقامة. كان يبدو عليه كما لو انه يريد انقاذ العالم بتمزيق شباك صيد. أخيراً ارتمى على مقود السيارة وأخذ يئن من الرعب. كانت تتحرك أمام عينيه ممسحة الزجاج الامامية التي تركها تعمل سهواً، تحك الزجاج وتبعث صوتاً يتردد كالبندول. من البعد كان يُسمع عويل صفارة أحد المصانع. ظهر من خلال انعطافه الطريق راكب دراجة هوائية رمى بكيس بلاستيكي أسود كبير يسيل منه الماء ويبدو مثل جلد عجل. تطلع سائق الدراجة بفضلول الى هناك، حيث السيارة، وخاب ظنه، أو دهش لرؤيته رجلاً وحيداً، لا عاشقان كما توهم من بعيد.
إن ما حصل شيء لا يمكن ان يُصدقه العقل! لم يحدث من قبل على الإطلاق ان جلس شخص مكبلاً في سيارة بهذه الحالة، وبالذات مكبلاً من قبل سيارته. لا بد ان تكون هناك وسيلة ما للتحرر من رهن هذا الاعتقال. ان استخدام القوة لم يأت بفائدة. عليه، ربما، الذهاب الى ورشة التصليح؟ لكنه كيف سيوضح المسألة؟ أو ربما، الاتصال بالشرطة، وماذا سيحدث؟ سيتجمهر الفضوليون ويفتح الجميع عيونهم دهشة بينما الموظف سيجره من ذراعه وسيستعين بالناس لتقديم المساعدة، ولكن من دون فائدة لأن المقعد يمسك به، ثم ستأتي الصحافة وجميع المصورين، وفي اليوم التالي ستظهر صورته في جميع الصحف مثل حيوان حليق الرأس، جالساً خلال المطر في سيارة مشرعة الأبواب.
كلاً، يجب ان يكون هناك حل آخر. اطفأ المحرك وحاول قذف نفسه الى الخارج بدفعة فجائية لكنه لم يوفق. أصيب بجرح في رأسه وذراعه اليسرى سببت له الألم ودواراً مستمراً بينما داهمته الحاجة الملحة للتبول. ترك السائل الدافئ يجري في حال سبيله، يتدفق فواراً في سيل لا نهاية له بين ساقيه وقاع السيارة. عندما تحسس ذلك بدأ يبكي وينشج نشيجاً يدعو الى الرثاء والعطف. مكث جالساً على هذا الحال حتى ظهر له كلب من خلال المطر، ينبح امام باب السيارة المشرع، بصوت خافت وضعيف.
أدار المحرك بهدوء وصعوبة كما لو انه في كابوس وسار قليلاً في المنخفض محاولاً ان لا يفكر بشيء قدر ما يستطيع لكي لا يعي حالته وعياً تاماً. شعر بنفسه هائماً، متشرداً بحاجة الى مساعدة. لكن بمن عساه يستجير! لم يكن يود اضافة زوجته في وقت لم يبق له خيار آخر سواها، علها تجد الحل أو على الأقل ان لا يشعر باليأس وفقدان الأمل وحده.
تحرك عائداً الى المدينة، منتبهاً الى اشارات المرور. لم يسند ظهره الى المقعد كما لو انه بذلك يستعطف القوى التي تمسك به. كان الوقت ما بعد الثانية ظهراً واليوم معتم. رأى ثلاث محطات بنزين لكن السيارة لم تبد أيما استجابة. كل المحطات تعلن عن "نفاد" البنزين. في طريقه شاهد سيارات متوقفة وسط الشارع وعلامة التحذير المثلثة الحمراء موضوعة أمام دعامتها الخلفية وهي العلامة التي تعني حدوث عطل ما في السيارة، لكنها الآن باتت تعني "نفد البنزين". شاهد حالات عدة يسحب فيها الرجال سياراتهم تحت المطر العاصف لركنها الى رصيف المارة.
عندما انعطف داخلاً شارعه، فكر بكيفية الاتصال بزوجته، توقف أمام مدخل البيت، قلقاً من نشوب أزمة أخرى، تمنى حدوث نداء استغاثة أخرس بفعل اعجوبة وانزال زوجته الى الأسفل، انتظر بضع دقائق حتى تقدم بفضول احد صبيان محلته. أغراه بقطعة نقود وطلب منه الاسراع الى الطابق الثالث وابلاغ السنيورا التي تسكن هناك ان زوجها ينتظرها تحت، في السيارة، وعليها ان تأتي بسرعة لأن المسألة في غاية العجلة. اختفى الصبي ثم عاد وأخبره ان السينورا ستأتي حالاً ثم انطلق.
ظهرت الزوجة بلباس البيت ولم تحمل معها حتى مظلة مطر. وقفت عند عتبة المنزل، لم تقرر بعد ما الذي ستفعله، وبلا إرادة منها اتجهت نظراتها نحو الفأر الميت المرمي على حافة رصيد الشارع بجلده الذابل الخشن. ترددت قليلاً تخشى السير تحت المطر واستاءت قليلاً ان ترى زوجها يطلبها من دون سبب للنزول الى الأسفل بدل ان يتحلى بالكياسة ويأتي بنفسه الى الأعلى ويوضح الموقف.
لوّح الرجل الذي في السيارة لها بيده ان تأتي اليه. ارتعبت واسرعت اليه، لمست مقبض الباب، لكنها عندما جذبته، محاولة الهروب من المطر، رأت أمامها يد زوجها الممتدة الرافضة ترتد من دون ان تلمسها. تجمدت واقفة، أرادت الدخول الى السيارة لكنه صرخ: كلا، خطر. ثم أوضح لها ما حدث فيما كانت تقف منحنية فوق السيارة والمطر يهطل على ظهرها وشعرها المشعث والذعر يرتسم على ملامح وجهها.
رأت كيف ان زوجها يتلوى معذباً داخل هذه الكبسولة القذرة التي تفصله عن العالم ورأت كيف يحاول التخلص من مقعده ومغادرة السيارة ولكنه لا يفلح. تجرأت ان تمسك به من أحد ذراعيه، سحبته. ببساطة لم تستطع ان تصدق عينها "لم تستطع هي الأخرى تحريره". كان الذعر يخيم على كل شيء.
وكما لو ان عليهما ان يصدقا ما يحدث أخذ كل منهما يحدق بوجه الآخر بصمت حتى وردت فكرة انه ربما اصيب بلوثة جنون ويود ان يمزح ويتظاهر بأنه مكبل، لا يستطيع الحركة. في هذه الحال ينبغي عليها ان تتصل بأحد ينقله الى هناك حيث تتم معالجة الممسوسين.
بحذر شديد وعبارات منتقاة اقنعته بأن ينتظر قليلاً ريثما تعود ومعها المساعدة التي ستحرره حتى يستطيعا في ما بعد تناول طعام الغداء معاً والاتصال بالمكتب واعلامهم بأنه أصيب برشح ويعتذر عن عدم الذهاب الى العمل بعد ظهر هذا اليوم. فكرت ان ما ينبغي ان تفعله هو العمل بهدوء لكي يتم التخلص من هذا المأزق بأسرع وقت.
عندما اختفت المرأة منطلقة الى البيت، تخيل زوجها مرة أخرى انه محاط برجال الصحافة، ورأى صورته في الصحف خجلاً لأنه تبول في بنطلونه. يا للخزي والعار! انتظر بضع دقائق اخرى. وفيما كانت الزوجة في الداخل تحاول الاتصال تليفونياً هنا وهناك، اذ اتصلت بالشرطة والمستشفى وهي تحاول بجهد كبير وحذر شديد ان يصدقوها وتعلمهم باسمها واسم زوجها ولون السيارة ورقمها، لم يستطع الرجل ان يتحمل الانتظار ويطبق تصوراته تلك أكثر مما ينبغي. عندما عادت الى الأسفل كانت السيارة قد اختفت والفأر انزلق من الرصيف أخيراً، مندفعاً في انحدار الشارع، تجرفه مياه المزاريب الهائجة. صرخت المرأة ولم تمض إلا برهة حتى تجمع الناس وكان من الصعب ايضاح المسألة.
سار الرجل بسيارته في المدينة حتى حلول الظلام. مرّ على محطات بنزين مغلقة، صافاً سيارته بلا إرادة منه في الطوابير الطويلة، يتملكه هاجس الخوف لأن نقوده نفدت ولا يدري ما الذي سيحدث عندما يقف بسيارته وهو لا يملك قرشاً واحداً، أمام المضخة طالباً المزيد من البنزين. أخيراً فكر: بما أن محطات البنزين تغلق واحدة بعد الأخرى والسيارات المتواجدة فيما حتى ذلك الحين ستظل متوقفة الى صباح اليوم التالي فمن الافضل له اذن ان يتحاشى محطات البنزين المفتوحة لكي لا يقع في الفخ. في شارع طويل وعريض جداً، يكاد يخلو من السيارات اجتازته كالبرق سيارة شرطة وأشار إلى شرطتها بالتوقف. شعر بالخوف مجدداً وتجاهل التعليمات. خلفه كانت تدوي صفارة شرطة ثم شاهد شرطياً على دراجة بخارية، لا يعلم من أين ظهر، وهو يحاول اللحاق به، لكن السيارة، سيارته اخذت تلهث بحشرجة كامنة واحدثت رجة قوية واندفعت داخل أحد الشوارع الجانبية بسرعة مخلفة وراءها الشرطة بمسافة بعيدة. وإذ الظلام قد حلّ فلم يعد يرى منهم شيئاً ثم تدحرجت سيارته مرة أخرى في شارع آخر.
شعر بالجوع. كان عليه ان يتبول للمرة الثانية، ولم يعد يخجله فعل ذلك. أخذ يهذي قليلاً متضرعاً، مسترحماً. كان يتوسل ويخلط بشكل متواصل بين أصوات الحروف الساكنة والمتحركة، تمرين لا واعٍ يغلب عليه الجنون ويحجبه عن الواقع، لم يوقف سيارته لأنه لا يدري ما النتائج المترتبة على ذلك. عند الفجر سار مرتين على حافة الشارع وهو يحاول بحذر شديد الترجل من السيارة كما لو انه والسيارة قد حل بينهما وفاق اثناء ذلك، وحبذا لو ان يجربا نواياهما الحسنة بطريقة اخرى. وتحدث بصوت خافت الى ظهر مقعده الذي يمسك به وتوسل مسترحماً ان يطلق سراحه، صرخ مرتين في العراء الثلجي الليلي خلال المطر الشديد الوطأة، ينشج والدموع تنهمر من عينيه بقلق لا يرحم. اخذ الدم ينز ثانية من رأسه ويديه. ثم انطلق والعبرات تخنقه مثل حيوان جريح. استسلم للسيارة تسير به أنى تشاء.
تجول طوال الليل، لا يدري اين يقصد، سار الى مناطق لا يعرف اسماءها من قبل، سار طويلاً على أرض مستوية مرتقياً مرتفعاً ونازلاً منه، داخلاً طرقاً ملتوية وخارجاً منها.
عند مطلع النهار وجد نفسه في حالة يرثى لها في مكان ما في شارع مليء بالمطبات التي يغمرها المطر. كان المحرك ينفخ بقوة لكي يخلص العجلات من الطين والأوحال، وكل هيكل السيارة يهتز تحت دوي راعد مزعج. ثم سرعان ما بان الصباح، بلا شمس، وتوقف المطر فجأة. أصبح الشارع طريقاً ممتداً ضاع بعد قليل بين الصخور. أين العالم؟ أمامه كان ينتصب جبل وسماء معتمة واطئة. أخذ يصرخ ويدق بكلتا يديه على مقود السيارة. الآن فقط تسنى له ان يرى مؤشر البنزين يستقر على الصفر. استمر المحرك يدور من ذاته وجرجرت السيارة نفسها عشرين متراً آخر وظهر له من جديد شارع آخر لكن خزان وقوده نضب.
كان على وجهه عرق بارد. أحس بالغثيان يعصف به من قمة رأسه حتى أخمص قدميه والقت الغشاوة بحجابها فوق عينيه. دفع الباب متلمساً، اعتقد بأنه يختنق، ثم... سقط - لأنه مات أو لأن المحرك خفت - الى جهة الشمال وانزلق من السيارة، تدحرج قليلاً الى الأمام وتمدد على الصخور.
عاد المطر لينهمر مرة أخرى.
ترجمة نامق كامل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.