الوقوع في مصيدة الذات قد يطول لسنوات وقد يشعر كل منا بالقيود الداخلية وكأنه محصور بين الأهداف والتوقعات والعقبات والأمنيات، قد لا يدرك بعضنا في هذا السجن البداية أو النهاية، وربما يعترضنا بعض الخوف وبعض الشك وبعض الحيرة في هذه الذات في هذه الرحلة الداخلية، التي تحاول الخلاص من كل شيء لتخفيف عبء الداخل، حرية الذات ليست فقط المشروطة بأطر الخارج وظروفه وتحدياته، بل تلك التي نضع لها بأنفسنا قيودا وهمية ونصنعها بإدراك أو بعدم إدراك، تسمى الرحلة الداخلية وهي من أصعب المراحل التي تمر على الإنسان، حيث تتطلب الشجاعة في الفهم والتفهم والتأمل والتعرف على ذواتنا من الداخل. حرية الذات هي شعور داخلي بين الفرد ونفسه يشعر من خلالها بالسلام والطمأنينة والقبول والتقبل رغم تقلبات الحياة ورغم تقلباته هو مع ذاته لكنه سريعاً يعود لهذا السلام والتوازن، رغم أنه ربما يكون ما زال مقيدا بالظروف الخارجية والعقبات التي تعترضه لكن روحه من الداخل كالفرس حرة، أو كتاب يدون فيه كل التجارب ليتعلم ويرتقي دون أحكام. أكبر معضلة للإنسان ذاته، وأكبر نجاح للإنسان ذاته أيضا، فهي كسلاح ذو حدين، إما يرفعنا فوق أو يهبط بنا إلى سابع أرض. هناك ذوات واعية أدركت معنى القبول لكل المنعطفات والتحديات فتحررت من الروابط الوهمية وعقدت آمالها بالله مدبر الأمر، تدرك الأمانة والمسؤولية فتجد دورها في الحياة تتعلم وتعلم وترتقي، وهناك ذوات أشقت نفسها وربطت حريتها بأشياء خارجية فقط، وللأسف لا تتعلم بل تدخل من دائرة إلى دائرة أخرى محبطة. اقتباس نور المعرفة والحكمة في الحرية الداخلية يأتي بالتجربة التي نخوضها مع ذواتنا في حال الضعف والقوة التي لا ترتبط بشيء غير الله "عز وجل".