لعل أجَلّ ما يذكر عن الأنوثة والأمومة في سير النساء اللاتي تركن أثرًا بارزًا على صفحات العطاء الإنساني والأسري والأخلاقي وتقديم التضحيات والأثرة ونكران الذات وبصمت وبلا مقدمات أو انتظار جزاءٍ أو شكورٍ من أحد إلا من احتساب الأجر والمثوبة من الله وابتغاء وجه الله تعالى والدار الآخرة غير أنّا نرى الأمر طبيعياً، لا غرابة فيه ولا مصادفة إذا ما عرفنا البيت الذي أنجبها والمحتد الكريم الذي تنتسب إليه وهو بيت الحمين العبداللطيف والذي مَثَّل وزخر بالعديد من الأسماء البارزة التي اشتهرت وبرزت بالصيت الجميل والذكر الحسن وبرز منها الكثير من الرجال الفضلاء، والنساء الفضليات، وما تلك المرأة الاستثنائية لطيفة بنت عبدالرحمن بن عبدالعزيز الحمين -رحمها الله- والتي ضربت أروع الأمثال في تقديمها للأمومة وهي التي لم تنعم بها زوجة وأمًا وفى عاطفتها السخية كانت نعم الأم والأخت لإخوتها الخمسة من ذوي الاحتياجات الخاصة حيث تولت رعايتهم والقيام بخدمتهم وشؤونهم على مدى عقود برًا وصلة ومحبة ورحمة وأخُوّة ولعل إيثارها الجازم والباذل، وتضحياتها العظيمة والفريدة، كانت بفضل عاطفتها الجياشة وتدينها وقربها من الله لتضحي بذاتها ووقتها من أجل رعاية إخوتها وأسرتها وأكرم بها من رعاية. إنها المرأة الاستثنائية، والأخت الوفية البارة، بل الأم الرؤوم نقولها بتجرد واستحقاق وقد استحقتها بكل ما تحمله معاني الأمومة وتجلياتها، فما أبلغ ما سمعته عنها، وما أعظم ما سطرته تلك المرأة الفاضلة من تضحيات والتي صورت لنا أصدق معاني البر والمحبة والوفاء والرحمة وصلة الرحم، وهي المرأة الصابرة المحتسبة وهي التي فقدت الأب والأم، ثم اثنين من إخوتها الخمسة، واستمرت في رعايتها لبقية إخوتها فلم تتزوج وهي في زهوة عمرها، حيث آثرت رعاية إخوتها وجعلتها من أهم أولوياتها فأنعم بها من امرأة ستكون نبراسًا ومثلاً لبنات جيلها ومن يأتي بعدها لتكون سيرة عطرة تتعطر بها المجالس فهي رحمها الله محل فخر واعتزاز لبنات الوطن جميعًا وبنات محافظة الزلفي تحديدًا ليحذوا حذوها، ويتناقلوا سيرتها وهى التي سكنت في بيتها طويلاً، وجمعت كل ما بقي بها من قوى، وأمسكت أنفاسها، ولم يبق من صوت سوى صوت البر والوفاء والمحبة والعطاء والصبر لتمنحه لإخوتها حتى وافتها المنية، فالَّلهُم ارحمها واجزها خير الجزاء وأسكنها ووالدينا الفردوس الأعلى من الجنة. أما عن حبها ومبادراتها للأعمال الخيرية فكانت سباقة في تلك الأعمال من كفالة للأيتام، وبناء للمساجد، وحفر للآبار، وكانت تشارك في كفالة تحفيظ القرآن الكريم، وتذبح الأضاحي للأرامل اللاتي كانت تعرفهن في صغرها، وفى كل عمل خيري كانت تقوم به تشرك به والديها ووالديهم، وكانت رحمها الله تحرص يوميًا على شراء الوجبات والفواكه والملابس وخاصة في فصل الشتاء وتقوم بتوزيعها على الفقراء والمحتاجين وكانت رحمها الله تتعهد المستخدمات بالمدرسة التي تعمل بها وتبذل لهم الأموال وتتفقدهم حتى بعد تركها للمدرسة كانت تتواصل معهم، كما كانت تقدم الهدايا لطالباتها، وهي كانت معلمة متميزة وتفوز بالمراكز الأولى على مستوي إدارة التعليم بالمنطقة الشرقية. ألا ما أكرمها، وما أبرها، وما أحلمها، وما أنبلها، وما أوصلها، وما أرحمها، وما أروعها، وما أنقاها، وما أعطفها، وما أتقاها، وما أصبرها، هنيئًا لها ما قدمت وما بذلت فهي بحق امرأة استثنائية بكل ما تعنيه تلك الكلمة من معاني السمو الأخلاقي.