سطرت دورة الألعاب السعودية نجاحاً رياضياً وطنياً، من كافة الأصعدة، تنظيمياً وفنياً واحتفالياً، والجدير بالذكر أن استمرار هذه الدورة واستدامتها سيخلقان أشكالاً جديدة من المنافسات والاحترافية في الأداء. عند حضوري شخصياً لمست التنظيم المميز، والمنشآت المميزة لا سيما لدى جامعة الملك سعود وهذا جدير بالإعجاب، والجدير بالإشارة كذلك النقل التلفزيوني والمعلقون الرائعون الذين نقلوا لنا الأحداث بكل روح حماسية وتنافسية من خلال إلمامهم بالمحتويات الفنية للألعاب وأسلوبهم التشويقي الذي يذهب لأبعد مما نتوقع، إنه يذهب إلى روح النشء والأطفال في البيوت ليخلق لنا جيلاً يحب الرياضات المتنوعة ويتفاعل معها ويطلب من عائلته الذهاب إلى مراكز التدريب. ومن هنا يبرز مرة أخرى الدور الأكبر للاتحادات الرياضية ووزارة الرياضة والقطاع الخاص والوزارات الحكومية، في توفير أماكن تدريب للرياضات المختلفة، ويمكن تخطي إشكالية عدم وجود صالات رياضية كافية في كل مدن المملكة بالتنسيق مع القطاع الخاص وأندية اللياقة بتوفير بعض الرياضات في بعض الأفرع مع دعم الاتحادات لتجهيز المواقع أو الاتفاق مع الأندية الخاصة بشكل يضمن الربح المشترك علاوة على تأهيل المرافق الحكومية مثل مباني البلديات والأمانات لتكون «صديقة للرياضيين وللأداء العالي» بتوفير صالات رياضية مفتوحة للعامة، علاوة على تأهيل الحدائق أيضاً لتحوي صالات تدريب ويعمل على تشغيلها فنياً الاتحادات السعودية المتنوعة. من خلال متابعة النقل أيضاً تمت ملاحظة أعداد الرعاة والتي تعبر عن بداية جيدة، بيد أن عدد الرعاة لم يكن بالكم المرجو، علاوة على عدم وجود رعاة للفرق والأندية المختلفة حسب الرياضات، وهل العامل مشترك أي أن الفرق الرياضية بحاجة إلى خلق محتوى على وسائل التواصل الاجتماعي يتوافق مع توجه الرعاة وخلق متابعين وأثر ومادة رياضية منتشرة، يمكن من خلال هذا المحتوى تسويقه على الشركات في المملكة وخارجها من أجل الرعايات سواء كانت المادية أو العينية، مع الأخذ بعين الاعتبار كافة احتياجات اللاعبين وأن تصرف تلك الرعايات لتحضير اللاعبين في الرياضات المختلفة. أظهرت المستويات الفنية حاجة المدربين إلى دعم فيما يتعلق بمنهجية تدوين للخطط الفنية ذات مؤشرات أداء رقمية مخصصة لكل لاعب، وكذلك حاجة اللاعبين إلى خطط مفصلة مدونة ولها أهداف يمكن قياسها (تبين قياسات اللاعب وأرقامه وأهدافه الرقمية، مؤشرات الأداء) لكل لاعب لكل فئة لكل رياضة، تشمل خطة التدريب الفني لرياضته، وتشمل خطط الإعداد البدني بما في ذلك اللياقة والتحمل العضلي والقوة الانفجارية، وقوة التحمل، وخطط الاستشفاء والاسترجاع (أي خطة تقيس معدلات الاسترجاع والاستشفاء وبالتالي احصل على أسرع وقت للاسترجاع وأعلى معدلات الاستشفاء) وذلك عن طريق مختلف التقنيات المطبقة عالمياً مثل الاستشفاء في مغاطس الثلج أو غرف البرودة أو الساونا، أو غيرها من الطرق من الاستشفاء من خلال رفع جودة النوم والتغذية المتخصصة، وصولاً إلى الاستشفاء ملابس الضغط الهوائي. يستمر كذلك الاحتياج في نشر ثقافة خطط التغذية الموزونة (أي أن يتم قياس وحدات الماكرو الغذائية)في الطعام الذي يتناوله اللاعبون ومقداره ونوعيته والإلمام بمكونات العناصر الغذائية المساعدة وحاجة جسم اللاعب منها بالكميات المطلوبة. يمكن الانتقال أيضاً إلى جانب مهم من التغذية وهي المكملات الغذائية ومساعدات الأداء وخططها المبنية على حسابات مأخوذة من منهجية فحص الدم ومكوناته وثم بناء على تلك الفحوصات إعطاء الجرعات التي يحتاجها اللاعب مثل نموذج مستشفيات الصفوة وغيرها. إن كل تلك العلوم التي تحاول أن تقيس كل شيء له علاقة في الأداء العالي لجسم الإنسان وما يمكن القيام به من مستويات أداء رياضي مميزة، لهي أكبر دليل على عظمة الخالق وإبداعه في هذه الآلة «الجسم» وكيف يمكن توجهيها لتكون أفضل ما يمكن أن تكون فيما يعرف في الألعاب الأولمبية قديماً «الأسرع - الأقوى - الأعلى». وفي المجال التجاري هنالك فرص تظهر بشكل كبير في الأفق لا سيما مع كمية وتميز الصور والفيديو للمنافسات الذي ينبغي وبشكل مهم تسجيل ملكيتها الفكرية التجارية (أي أنه لا يحق لأي جهة استخدامها دون الدفع للجنة الأولمبية) وثانياً في بيع تلك الحقوق للشركات المتعلقة بالمحتوى، ثالثاً بتفعيل حسابات وسائل التواصل الاجتماعي لكل فريق ولكل لاعب مع وضع محتوى يتوافق والروح الرياضية والتنافس الشريف، كل ذلك سيحفز القطاع الخاص للدخول في شراكات رعاية سواء كانت عينية أو مالية، ليس فقط للحدث الرياضي ولكن أيضاً في رعاية الفرق والأندية واللاعبين بشكل مباشر وهذا الأخير هو الطموح، أن يتم توجيه تلك الرعايات مباشرة للاعبين في الرياضات المختلفة، ولن يتحقق ذلك بدون أن يكون هنالك محتوى وشعبية للاعبين من خلال ما يقدمونه من محتوى رياضي يتسم بالأخلاق العالية وروح التنافس. لا يمكن كذلك إغفال الأحداث الجانبية التي أقيمت على جانب المنافسات من اجتماعات وورش عمل للمدربين واللاعبين. هذه البدايات هي فأل خير بالتأكيد للرياضة السعودية، وستعزز التفكير في خلق مسارات تطوير للأداء العالي في كافة مدن المملكة التي تمتلئ بالخامات الرياضية الواعدة.