في مساء يوم الجمعة 15 جمادي الأولى من العام 1444ه صعدت إلى بارئها روح أخي وشقيقي محمد بن عبدالعزيز العمير «أبو طارق»، تغمده الله برحمته وعفوه وغفرانه، وإنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. كان فقيدنا الغالي - رحمه الله - سنداً وعضداً لأسرته ومعارفه، ولم ينقطع طيلة مسيرة حياته العطرة عن التواصل مع جميع معارفه بالسؤال والاستفسار والمتابعة المتواصلة. صاحبت أخي وشقيقي في جميع مراحل حياته العطرة وشهدت معظمها، إن لم يكن جميع مواقفه، منذ ريعان شبابه. ففاصل العمر بيني وبينه لا يتجاوز ثلاث سنوات، وأشهد بالله أنه كان شهماً وعطوفاً ووفياً وصادقاً منذ نعومة أظفاره. ولد في مدينة البكيرية إحدى مدن منطقة القصيم في مطلع العام 1352ه / (1933م)، ولم تكن تتوفر في مدينة البكيرية آنذاك مدارس نظامية، الأمر الذي انتهى بسفره في سن العاشرة من عمره إلى مكةالمكرمة، حيث كان يقيم أخونا الأكبر عبدالله بن عبدالعزيز العمير - رحمه الله - لغرض اللحاق بالمدارس هناك إلا أن إقامته في مكةالمكرمة لم تدم طويلا، حيث انتقل أخوه عبدالله إلى مدينة الخرج التي كانت آنذاك تعج بالنشاط؛ وبالأخص في مجال الزراعة لوفرة المياه، وهناك في الخرج انخرط في مجال الدراسة (المرحلة الابتدائية على مدى سنتين) أعقبها الانتقال إلى المنطقة الشرقية (مدينة الخبر)، حيث اُتيحت له فرصة مواصلة منهجه الدراسي إلا أن الإقامة في مدينة الخبر لم تدم طويلا حيث غادرها قبل استكمال المنهج الدراسي الابتدائي إلى (مدينة قريه) إحدى مراكز الحدود السعودية مع دولة الكويت، وهناك في قريه لم يتمكن أيضاً من مواصلة تحصيله المدرسي لأن قريه لم تكن أفضل من البكيرية من حيث عدم توفر مقومات التعليم المدرسي، فلم يكن أمامه من سبيل سوى الانخراط بالعمل الوظيفي الحكومي اكتفاءً بالتعليم الذاتي من خلال القراءة والمطالعة بما تيسر من الكتب. أمضى في قريه زهاء العامين، وانتهى به المطاف في هذه المرحلة إلى الانتقال إلى مكةالمكرمة حيث حصل على وظيفة إدارية في الجهاز الرئيسي لوزارة المالية في مكةالمكرمة، أعقبها بعد أقل من سنة الانتقال إلى مدينة جازان للعمل في وظيفة تتناسب مع خبرته المكتسبة في كل من قريه ومكةالمكرمة. هذه المراحل المتتالية من العمل الرسمي في كل من قريه وفي مكةالمكرمة ومن ثم في جيزان، وفرت له مجالاً خصباً لاكتساب المزيد من التدريب العملي وبناء الذات والثقة بالنفس. ومع ذلك فإن مسيرته لاكتساب المعرفة من خلال العمل الرسمي لم تتوقف حيث اُتيحت له فرصة الانتقال من جازان إلى المنطقة الشرقية وفي مجال مماثل لمجال خبرته العملية ضمن مهام ومسؤوليات وزارة المالية أمضى هناك زهاء أربع سنوات اكتسب خلالها المزيد من المعرفة مستفيداً مما تزخر به المنطقة الشرقية من مجالات حيوية وأنشطة متعددة الجوانب والأبعاد والتحديات. أعقبها الانتقال للعمل في الجهاز الرئيسي لوزارة المالية والاقتصاد الوطني في مدينة الرياض على إثر انتقال الجهاز الرئيسي للوزارة من مكةالمكرمة إلى الرياض حيث شارك في مراحل تركيز مسؤوليات أقسام الوزارة وتبعا لذلك استقر في مدينة الرياض حيث أمضى بقية حياته في سيرة حافلة ببناء الذات واكتساب المعرفة والإسهام (قدر الإمكان) من موقعه في تقديم أفضل الخدمات لوطنه وجيله المعاصر. أبو طارق - رحمه الله وعفا عنه -، وإن فاته التعليم المنتظم فإن ذلك لم يكن عائقاً عن اكتساب المعرفة من خلال القراءة والمطالعة والمشاركة في المؤتمرات والندوات على جميع المستويات المحلية والإقليمية والدولية، ويقف شاهداً على ذلك ما تزخر به مكتبته من المطبوعات وسجلات الندوات التي حضرها وشارك فيها. وفي الختام نيابة عن أسرته الصغيرة أجدني مضطراً للإشادة بمواقف زوجته الحنون وشريكة حياته أم طارق - حفظها الله ورعاها وأمد في عمرها - وسلوكها الرائع وأخلاقها الفاضلة تجاه أسرتنا الصغيرة. رحم الله أبا طارق وعفا عنه وأسكنه فسيح جناته، ولا حول ولا قوة إلا بالله.